تنظم وزارة الثقافة الفلسطينية،اليوم الخميس،عدة فعاليات وأنشطة، إحتفالاً بيوم التراث الفلسطيني، بهدف الحفاظ عليه من النسيان والسرقة.
وترجع حكاية يوم التراث الفلسطيني للمؤرخ نمر سرحان (مؤلف موسوعة الفلكلور الفلسطيني)، الذي فكر في صيف عام 1966 أن يعد لإذاعة "صوت فلسطين" من القدس برنامجًا عن القرية الفلسطينية بعنوان "قريتي هناك"، يتحدث فيها عن الأغاني الشعبية والموسيقى في القرى الفلسطينية، وبدأ رحلته في البحث والدراسة وجمع الفلكلور الفلسطيني من أغانٍ شعبية، وأهازيج، وتهاليل، وعادات وتقاليد، وألعاب، ومأكولات شعبية، بشكل أكاديمي.
وبدأ المؤرخ سرحان إصدار موسوعة الفلكلور الفلسطيني عام 1977، ومع صدور الجزء الخامس يوم 1 تموز 1981، بمشاركة من لجنة إعداد الموسوعة؛ ودعم من "الاتحاد العام للكتاب والصحفيين الفلسطينيين"- تقرر اعتماد هذا اليوم من كل سنة يومًا للاحتفال بيوم التراث الفلسطيني؛ بهدف الحفاظ على الموروث الثقافي من التهويد والسرقة التي تقوم بها سلطات الاحتلال الإسرائيلي.
وفي وقت لاحق وبناء على توصية وزارة الثقافة، قرر مجلس الوزراء في 14 أيار 1999 بأن يكون يوم السابع من تشرين الأول من كل عام "يوم التراث الفلسطيني"، بدلا من يوم 1 تموز؛ لأن الطلاب يكونوا قد انتظموا في مدارسهم، فيسهل إحياء هذا اليوم بشكل أكثر فعالية؛ إضافة إلى أن شهر تشرين الأول هو موسم قطاف الزيتون؛ فلشجرة الزيتون رمزية واضحة على العطاء والصمود والتشبث بالأرض والتجذر بها.
التراث الفلسطيني يعدّ من المرتكزات الأساسية للهوية الفلسطينية، اذ تتجلى في جل مكوناته خصوصيتنا كشعب عريق في تراثنا المادي وغير المادي، الضارب جذوره في عمق التاريخ، منذ أجدادنا الكنعانيين.
ويمثل التراث الشعبي الفلسطيني ثروة ضخمة من الأدب والقيم والعادات والتقاليد والمعارف الشعبية والثقافية والفنون التشكيلية والطقوس الدينية، والحكايات، والأمثال، والأحاجي والألغاز، والألعاب الشعبية، والأكلات، والملابس، والدبكة، والأغاني، والموسيقى الشعبية؛ إضافة إلى الفن المعماري الفلسطيني؛ لذلك علينا بذل الجهود الجبارة للمحافظة على التراث من الضياع من خلال حمايته على الصعيد الوطني والعالمي.
وهنا لا بد من الإشارة إلى تبني منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة "اليونسكو" يوم 18 تشرين الأول 2016 خلال اجتماع لها في العاصمة الفرنسية باريس- قرارًا ينفي وجود ارتباط ديني لليهود بـالمسجد الأقصى وحائط البراق، ويعتبرهما تراثًا إسلاميًا خالصًا؛ ويرفض الإجراءات الإسرائيلية الأحادية الجانب.
كما أنه في يوم 12/3/2018، أعلنت جامعة الدول العربية اعتماد القدس "عاصمة دائمة للتراث العربي"؛ كما تحدد يوم التراث العربي في العام 2019 ليكون يومًا للتراث المقدسي.
إن المحافظة على التراث الفلسطيني في وجه كل المحاولات الإسرائيلية المعادية لطمسه وسرقته يعني ضمان الحفاظ على وجودنا واستمراريتنا وسر بقائنا على هذه الأرض.
وقالت وزارة الثقافة، في بيان لها، إنه "هذا اليوم تأكيد عملي على فعالية وفاعلية الثقافة الفلسطينية في فولذة الوعي الوطني، وتشكيل فكري يجمع بين الماضي والحاضر، ويؤصل منهجية أصلانية لاستدامة المعرفة والوعي، وتنميتهما ليظلا امتداداً طبيعياً لنضال الشعب العربي الفلسطيني، وإسهامه في الدفاع عن الحق الإنساني، وحقيقة فلسطين كحاضرة كونية ملهمة، محمولة على قوة الحق التاريخي في جغرافيا السحر المقدس، المشلوح على خارطة البلاد كلها، في مواجهة حق القوة الغاشمة، من أجل حاضر مقاوم ومستقبل حر أكيد، نستمد فيه قدرتنا على الفعل والتأثير من حكايةٍ تحفر عميقاً في الأرضِ والذاكرة بعمق ِجذرنا الرئيس في تاريخ كنعان على هذه الأرض".
وأضافت: إن فعاليات يوم التراث الفلسطيني، والتي تطلقها الوزارة هذا العام من سبسطية مدرج التراث العتيق، الذي يحمل ذكريات الأجداد الفلسطينيين الأوائل، تعكس رؤية وزارة الثقافة في تكريس حرصها وحرص كافة المؤسسات الوطنية على جعل الثقافة عاملًا أساسيًّا من عوامل التحرر من الاستعمار، وهذا ما يمثله دور المبدعات والمبدعين الفلسطينيين، والمتمثل بكفاحهم البطولي في الحفاظ على الرواية الفلسطينية وتمكينها وتمتينها وصقلها من أجل مواجهة حرب الإلغاء والمحو والسلب والنهب، التي يمارسها الاحتلال من خلال سطوه على الأرض والتاريخ والشواهد والأسماء التي ورثناها تمامًا كما ترث الأرضُ ترابَها ف "تراثنا منبع الحكاية".