كتب:إسراء عبدالحافظ
الفكر الإنساني مصطلح تم تداوله علي مر العصور أما في العصور الحديثة أطلق عليه العلم الإنساني والإجتماعي وكانت جميع الشعوب تحلم بالعدل الإجتماعي والمساواة وبدأت تشكل فلسفتها الخاصة ونظمها الأخلاقية والقانونية ولكن مازال العدل والمساواة بعيد عن الواقع وعن الناس في مجتمعهم ومن هنا نستنتج من خلال العلم الإجتماعي المعاصر معني العدل الواقعي والملموس العدل هو نفس المعني الصادق والحقيقي للمساواة فالمساواة هي إندماج الناس في مجتمعهم علي أصعدة الإنتاج والإستهلاك والعمل السياسي وأيضا التفاعل الإجتماعي واللامساواة وهي عبارة عن الاستبعاد أو الحرمان من هذه المشاركة.
فلا بد أن نربط مفهوم الاستبعاد بفكرة المساواة الإجتماعية لأنها تعتبر بهذا الشكل " لب الإندماج" وأؤكد علي أن أي درجة من عدم المساواة في نفس مقدار الاستبعاد الإجتماعي الذي يمثل إنتهاك للعدالة الإجتماعية ومايؤدي إليه من عدم تكافؤ الفرص ويجرم ويمنع الأجيال الجديدة من فرص التعليم الجيد وأيضا العمل الجيد والمناسب وأيضا عدم المساواة ويوجد إنكار واضح للفرص المتكافئة في مايتعلق بالشؤون السياسية ولهذا تشعر الأجيال القادمة بالحرمان وضعف إيمانهم بالإلتحاق بالمدارس لعدم وجود تكافؤ وهذا مايؤدي إلي تدني التحصيل الدراسي ومستوي التعليم والثقافة ولهذا لم تكن لهم فرصة عمل مناسبة ولكن المشكلة هنا لاتتعلق بعدم تكافؤ الفرص التعليمية بوجه عام بل تتعلق بما يقوم به الاستبعاد الإجتماعي وإنما المهم هو التجانس الإجتماعي للمدارس الناتجة عن الاستبعاد الإجتماعي ولهذا نجد أن الكثير من الأطفال أصحاب الطموحات الذين ينتمون للطبقة الوسطي يشكلون دعما لباقي الأطفال لذلك نجد أن المدرسة التي لايتوافر بها هذا القدر اللازم من هؤلاء الأطفال تعجز عن توفير فرص تعليمية متكافئة للتلاميذ ويزداد تحقيق التجانس الإجتماعي للمدارس بشكل كبير حين يقوم الآباء الأثرياء بسحب أبنائهم من منظومة التعليم الحكومي أو المدارس الحكومية فهؤلاء الأفراد يعيشون ويعملون ويلعبون ويتزوجون من بعضهم البعض ومايتمتعون به من إمتيازات فهي مستمرة ويتم توفيرها بكل سهولة سواء علي مستوي المدرسة الخاصة والتعليم الجامعي الراقي لذلك نري أن بعض الأفراد لديهم فرص أقل بكثير جدا من حاجتهم والآخرين لديهم فرص أكثر بكثير مما يحتاجون ومن هنا ندرك أن الإهتمام بدراسة الاستبعاد الإجتماعي يصدر عن توجه إنساني متقدم يزيد من قيمة الإنسان ويسعي ويجاهد لكي لا يقع ضحية لتطور المجتمع الذي يعيش فيه ونعلم جيدا أن السياسات الإقتصادية والإجتماعية قد اجتازت في تطورها المعاصر مراحل واضحة وغيرت من البرامج والخطط كثيرا فحاولت هذه السياسات تسعي إلي مبدأ تراكم الثروة والهدف منها المجتمع وسعادة الفرد ولكن أصبحت هناك مشكلة أخري بأن المال وحده بدون قيم وأخلاق توجهه وعلم يرقيه سيكون نجاح ناقص لذلك نسعي إلي تنمية البشر برفع مستواهم المعرفي والثقافي والصحي والأخلاقي وهذا هو أساس كل خطوة نحو التقدم والتحضر وأساس كل نهضة حديثة ولكن أصبحت العدالة الغائبة وتزايد اللامساواة في الإنتفاع بثمار ذلك وعادت أخيرا لتستعيد بعدها الإنساني وتركز علي تحقيق السعادة للجميع
لذلك أجد أن من الضروري مواجهة أزمة الاستبعاد في بلداننا والتعرف علي وجودها وحجم وجودها وتوفير مقاييس جيدة وتطبيقيها تطبيق أمين ومستمر والالتزام بقدر من الإفصاح العلمي والسياسي الذي يتصف بالجرأة والشفافية مع مراعاة تطبيق ذلك من خلال المقاييس التي لا تراعي إلا وجه الحقيقة وليس عن طريق الخطابات والحملات الإنتخابية أو المنصات الصحفية وأيضا لابد من ضرورة الإهتمام بدعم المخصصات المالية لبرامج الرعاية الإجتماعية وتوسيع مجالها وزيادة قدرتها علي التخفيف عن من لايملكون القدرة علي تحقيق ذلك لأنفسهم وأن رعاية الفئات الأكثر هشاشة أصبحت واجب وطني وتفعيل دور القطاع والمنظمات التي لاتهدف إلي الربح في تأمين هذه الرعاية الكاملة وأيضا أوضح علي أهمية الأسرة في حياة المواطن وقدسية العلاقة الزوجية ونمو الطفل بين والديه معا في رعاية واحدة فالزواج والإستقرار الأسري هما بداية لكل نجاح وتنشئة أطفال أقوياء النفس والجسد وهي عامل من العوامل الرئيسية في التقدم الإجتماعي للمجتمع.
في نهاية مقالي هذا أوجه الشكر للرئيس " عبدالفتاح السيسي " رئيس جمهورية مصر العربية وأيضا لجميع القيادات السياسية المشرفة في الدولة المصرية علي بداية تطبيقها لمشروعات قومية هامة لبناء الإنسان المصري سواء من خلال القضاء علي العشوائيات مع توفير لهم بيئة نظيفة آمنة بها كافة متطلبات الحياة الآدمية من صحة وتعليم ومشروعات صغيرة للمواطن وأيضا مشروع حياة كريمة لإنسان كريم وغيره من المشروعات التي تسهم في القضاء علي ظاهرة الاستبعاد الإجتماعي التي أثرت في أجيال عديدة بالسلب وتعمل علي خلق جيل جديد له كافة الحقوق والفرص الحياتية المختلفة من صحة وتعلم مناسب وأيضا فرصة عمل مناسبة له كإنسان صحيح لم تنتهي من حل هذه الأزمة بالكامل ولكن الأهم أن الخطوط العريضة قد وضعت والسعي مازال قائم لبناء البشر مع بناء الحجر.