غضب عارم عم على الكثير من نشطاء السوشيال ميديا، بعد تداول فيديو من داخل إحدى العمارات السكنية في المعادي، لرجل يستدرج طفلة صغيرة في "بير سلم" ليتحرش بها، وفي أول تعليق رسمي من دار الإفتاء على الواقعة، قالت الدار إن التحرُّش الجنسي بالأطفال كبيرة من كبائر الذنوب تنأى عنها كل الفطر السوية، وانتهاك صارخ للقيم الإنسانية في المجتمع، فهو قتل للطفولة، وانتهاك للبراءة، وهو إلى كونه فعلًا فاحشًا غدر وخيانة.
وأضافت الدار، في هاشتاج تحت عنوان: المتحرش_بالأطفال_مجرم: "على أولي الأمر أن يتصدوا لهذه الجريمة النكراء بكل حزم وحسم، وأن يأخذوا بقوة على يد كل من تُسَوِّل له نفسُه تلويثُ المجتمع بهذا الفعل المشين".
والتحرش قبل ان تكون جريمة يعاقب عليها القانون، فقد حرمها الدين الإسلامي، وهو ما أكده الدكتور شوقي علام، مفتي الديار المصرية، ردًا على سؤال: "ما حكم الدين في التحرُّش الجنسي بالأطفال؟ "، قائلًا: "حرص الإسلام كلَّ الحرص على المحافظة على كرامة الإنسان وعِرضه، وجعل ذلك من المقاصد الكلية العُليا التي جاءت الشريعة بتحقيقها، وهي: (حفظ النفس، والعرض، والعقل، والمال، والدين)، وهي مقاصد جاءت بالمحافظة عليها كل الشرائع السماوية".
الحرمات في الشرع
واضاف المفتي: دلَّت الآيات والأحاديث على قدر الحرمات في الشرع، وعلى عظم جريمة من ينتهكها؛ فقد أخرج الإمام البخاري في "صحيحه" عن ابن عباس رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خطب الناس يوم النحر فقال: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَيُّ يَوْمٍ هَذَا»، قالوا: يوم حرام، قال: «فَأَيُّ بَلَدٍ هَذَا»، قالوا: بلد حرام، قال: «فَأَيُّ شَهْرٍ هَذَا»، قالوا: شهر حرام، قال: «فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا»، فأعادها مرارًا، ثم رفع رأسه فقال: «اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ، اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ»، قال ابن عباس رضي الله عنهما: فو الذي نفسي بيده، إنها لوصيته إلى أمَّتِه: «فليبلغ الشاهد الغائب، لا ترجعوا بعدي كفارًا، يضرب بعضكم رقاب بعض».ومن صور انتهاك الأعراض جريمة "التحرش".
وتابع علام: أصل الحَرْش في اللغة، هو التهييج والإفساد والخدش والإغراء، ويُطلَق التحرُّش عرفًا على الأفعال والأقوال ذات الطَّابع الجنسي التي يُتَعرَّض بها للغير، أو تقديم مفاتحات جنسيٌة مهينة ومنحطٌة بُغْية الإثارة".
وعن مفهوم التحرُّش الجنسي بالأطفال، قال مفتي الديار: هو جعل الطفل محلًّا لوقوع أفعال وسلوكيات جنسيَّة عن طريق التلامس، أو غيره من الحواس كالسمع والبصر، وسواءٌ أكان يفهمها أو يعيها، أو لا، ويشمل التحرُّش الألعاب الجنسية، والاتصال الجنسي الذي يتضمن المداعبة بكافة أشكالها، إضافة لتعريض الطفل للمشاهد الإباحية، أو وضعه فيها، أو استخدام الطفل لإشباع الرغبات الجنسية لبالغٍ أو مراهقٍ.
واستكمل: السنُّ الفاصل المعتبر لدى غالبية دول العالم هو 18 سنة؛ فكل شخص تحت سن الثامنة عشر يعد طفلًا بالنسبة إلى هذه الأحكام، ولا تناقض بين ذلك وبين إلزامه بالتكاليف الشَّرعيَّة بمجرد البلوغ، وذلك لاختلاف مناط الحكم.
حسن المعاملة والرأفة
واوضح، أنّ الشريعة اهتمت بالطفل وهو جنين في بطن أمِّه حتى بلوغه، حيث منحته حقوقًا متعددة، وشرعت له من الأحكام ما يكفل استمراره وبقاءَه واستمرار نموه، وقررت عقوبات على من يعتدي عليه، ومن ضمن حقوق الطفل: "حسن المعاملة والرأفة والرفق به ورعايته وحمايته، واتِّباع الطريقة المثلى في تربيته وتأديبه وتوجيهه"، بل إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد عدَّ إهمال القائم على الصغير من أكبر الإثم فقال: «كَفَى بِالْمَرْءِ إِثْمًا أَنْ يُضَيِّعَ مَنْ يَقُوتُ» رواه الإمام أحمد في "المسند"، وأبو داود في "السنن"، والحاكم في "المستدرك" من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، وهو في "صحيح مسلم" بلفظ: «كَفَى بِالْمَرْءِ إِثْمًا أَنْ يَحْبِسَ عَمَّنْ يَمْلِكُ قُوتَهُ».
وقال مفتي الديار: لا شك أنَّ التَّحرُّش الجنسيَّ بالطِّفل قد يدمِّره نفسيًّا، ويخرجه إلى المجتمع شخصًا مشوَّهًا يحمل في قلبه العداوة لمن حوله، وقد ينظر إلى كلِّ أفراد المجتمع على أنهم نفس الشخص الذي اعتدى عليه، وربما أدَّى ذلك بكثيرٍ من الفتيات إلى رفض الزَّواج بسبب حادثةِ تحرُّشٍ حدثت لها في صغرها.
كبائر الذنوب
واكد الدكتور شوقي علام، أن التحرُّش الجنسي بالأطفال كبيرةٌ من كبائر الذنوب تنأى عنها كل الفطر السويَّة، وانتهاكٌ صارخٌ للقيم الإنسانية في المجتمع، فهو قتلٌ للطفولة، وانتهاكٌ للبراءة، وهو -إلى كونه فعلًا فاحشًا- غدرٌ وخيانةٌ؛ لأن الصغير لا يَعِي ولا يَفهَم ما يَقعُ عليه.
وقال، إنّ أهل الصغير لا يَتَحَرَّزُون مِن تَركِهِ مع الكبار؛ لأن الأصل أنه غير مُشتَهًى، واشتهاؤه على خلاف الفطرة السليمة، ولا يفكر فيه، فضلًا عن ممارسته، إلا الشُّذاذُ الذين نُزِعَت الرحمةُ من قلوبهم، وعلى أُولِي الأمر أن يتصدوا لهذه الجريمة النَّكراء بكلِّ حزمٍ وحسمٍ، وأن يأخذوا بقوةٍ على يدِ كلِّ مَن تُسَوِّل له نفسُه تلويثُ المجتمع بهذا الفعل المُشِين.
ننشر المزايا المقدمة من القوات المسلحة لـ أسر الشهداء