الساعة تقترب من السادسة والنصف مساءًا في شهر رمضان الكريم أنه وقت الأفطار، الشارع يكاد يخلو من حركة المواطنين والسيارات، مارة بسيطة وسيارات محدودة، ليس كعادة هذا التوقيت في هذا الشهر الكريم الذي يتصف بالكثافة أثناء الأفطار.
عدد المارة بسيط جدا يحملون في أيديهم اكياس وكانها أطعمة من أحد الفنادق أو المطاعم لكن في زمن الكورونا تغلق المطاعم والفنادق من الساعة الخامسة، "بلدنا اليوم" اكتشفت مصدر أكياس الطعام وتبين إنها من مائدة رحمن.
الغربية أن موائد الرحمن يكتب على ظاهرها "وجبتك جاهزة خدها وافطر في بيتك" ليس كعادتها لم نسمع عن نظام "التيك أواي".
الكورونا اجبرت على تغير نظام عاهده الكبار والأطفال بينما كان يذهب إليها الزوار قبل أذان المغرب بنصف ساعة للأفطار جماعية وسط الناس من جميع الأنحاء، لكن كورونا غيرت هذا المفهوم المتبع منذ سنوات طويلة.
تعتبر فكرة أنشاء موائد الرحمن، هو اسم يطلق على مائدة إفطار تقام في أيام الصيام لدى المسلمين، وهناك من يتبرع للقيام بها في أوقات أخرى، ويعتقد البعض أنها خاصة بالفقراء والمساكين فقط، ولكن قد يستخدمها من لا يسعفه الطريق في الوصول إلى بيته بسبب العمل أو ما شابه، وانتشرت في الأونة الأخيرة في مصر والدول العربية، يرى البعض أن أصحابها يقومون بعمل مثل هذه الموائد للدعاية والرياء، ولكن هناك من يقومون بها سراً، دون كشف هويتهم تحفظا من الرياء.
وتعد موائد الرحمن من أهم المظاهر التي تشهدها مصر في شهر رمضان المبارك، لتعكس الكرم والجود والترابط الاجتماعي بين المصريين، ويعود تاريخ موائد الرحمن في مصر إلى عهد أحمد بن طولون حيث يعتبر أول من أقامها، وكان يقوم بجمع كبار التجار والأعيان في مصر في أول يوم من شهر رمضان على الإفطار، ثم يلقي عليهم خطبة يذكر لهم فيها، أن الغرض من المائدة هو أن يذكرهم بالإحسان والبر بالفقراء والمساكين.
وكان قد أمر بن طولون أن تظل هذه المائدة موجودة طوال شهر رمضان، كما طلب من التجار وكبار الأعيان أن يفتحوا منازلهم، ويمدوا موائدهم للمحتاجين، وفي عهد الفاطميين أطلق على موائد الرحمن "سماط الخليفة" حيث كان العاملون في قصر الخليفة يقومون بتوفير مخزون كبير من الطعام، ليكون كافيا لأكبر عدد ممكن من المصريين.
واصبحت الأن موائد الرحمن تمثل ظاهرة راقية حيث تجمع طبقات مختلفة من المجتمع في نفس المكان، لتعطي مثالا ونموذجا للتآزر والتآخي والمساواة، مشيرة إلى أن الكثير من الأقباط يعملون على توفير موائد الرحمن في شهر رمضان للمسلمين، وهو ما يمثل حالة السلام والترابط بين المجتمع، ويزيد من الترابط والقوة والشراكة بين نسيجيه.
وكانت تتركز قديماً بجوار المساجد العريقة مثل مسجد الحسين والسيدة زينب والأزهر، وذلك لتوافر أعداد كبيرة من التجار في هذه المناطق، لكن مع مرور السنوات بدأت بعض الهيئات في مصر على توفير موائد الرحمن مثل وزارة الأوقاف والجمعيات الخيرية والأهلية، كما تشرف وزارة الصحة على مراقبة ما يقدم في هذه الموائد من أطعمة ومشروبات حرصا على سلامة المترددين عليها.
أقرأ أيضا..
"والدي ومعلمي وقائدي".. نجل النائب العام هشام بركات يٌحيي ذكرى استشهاده
وزارة الداخلية تداهم أوكار الخارجين عن القانون بأسيوط