تشهد القاهرة الأفريقية، هجوماً غير مسبوق من واحدة من أشد الآفات فتكا بالمحاصيل في العالم، إنه الجراد الصحراوي .
وقد عرفتها منظمة الأغذية والزراعة "الفاو" بأنها واحدة من أكثر الآفات المهاجرة تدميراً في العالم ، محذرة من أنها آفات أكلة تهمة تستهلك مثل وزنها في اليوم، وتستهدف المحاصيل الغذائية والغطاء النباتي الذي تستخدمه قطعان الرعاة كعلف.
وأشارت المنظمة، إلى أنه ابتداءً من أوائل عام 2020، تدهور الوضع العالمي فيما يتعلق بالجراد الصحراوي حيث سمحت الظروف المناخية المواتية بتكاثر الآفات على نطاق واسع في شرق إفريقيا وجنوب غربي آسيا والمنطقة المحيطة بالبحر الأحمر، محذرة من أن الوضع مقلقاً بشكل خاص في إثيوبيا والصومال وكينيا. فأسراب الجراد الصحراوي هناك كبيرة للغاية ومتحركة للغاية وتضرّ بمحاصيل الغذاء والأعلاف، وقد حددت منظمة الأغذية والزراعة موجة الجراد الصحراوي في شرق إفريقيا كإحدى أولوياتها الرئيسية، وهي تتحرك بسرعة لدعم الحكومات في الاستجابة.
وفي هذا الإطار استدعى الأمر إلى ضرورة التعرف على استعدادت الدولة المصرية، لمواجهة ذلك الوباء القاتل.
عبدالسلام: خطة متكاملة للتصدي للهجوم في أي منطقة
الدكتور عصام عبدالسلام رئيس الإدارة المركزية لمكافحة الآفات والحشرات بوزارة الزراعة، أشار إلى أن الأمر طبيعي تماماً، حيث أن هذه الفترة تشهد تحرك للجراد في البلاد المجاورة، مؤكداً على الجاهزية الكاملة للوزارة لمثل هذا الجراد.
وأوضح أن الوزارة لديها خطة متكاملة للتصدي لأي هجوم للجراد في أي منطقة على مستوى الجمهورية، فضلاً عن قيام الوزارة برفع حالة الطوارئ القصوى كإجراء احترازي، وتنفيذ عملية المسح الشاملة بشكل يومي تحسباً لأي هجوم مفاجئ من الجراد، مطمئناً المواطنين بأن الوزارة على أتم استعداد للتصدي لأي أصناف للجراد لا قدر الله هاجمت البلاد.
وأشار إلى أن ما يربطنا مع الدول المجاورة، هو منظمة "الفاو" والممثلة في هيئة مكافحة الجراد الصحراوي، مؤكداً على الاتصال الدائم بهذه الهيئة، والتي ترسل لنا بصفة دورية، أحوال الجراد في الدول والبلاد المجاورة، سواء كان هذا الأمر في المنطقة الوسطى التي تنتمي إليها، مصر والسعودية واليمن والسودان وإثيوبيا وإريتريا وجيبوتي والصومال، وهذا ما نتبادله أيضاً من عندنا بالوزارة، فكل دولة لديها نسبة من الجراد، فيتم مكافحتها بنسبة لا تزيد وهذا أمر طبيعي موجود في كل البلاد, مشيراً إلى واللجان المتواجدة في هذه المناطق، والتي ترسل تقريراً بأن تم مكافحة على سبيل المثال 2 هيكتار أو 5 هيكتار، أو 10 هيكتار في الشيخ الشاذلي، فيتم الإبلاغ بالمساحة تم فيها الجراد، ولكن المكافحة لا تتم بصورة يومية، فمثلاً إذا تواجد الطور البيضاء أو الحوريات الأولى، فيتم انتظار تحولها إلى طور الحورية الثاني أو الثالث أو الرابع، بحيث لو أن هناك طور آخر موجود، يتم انتظاره حتى يفقص فإذا تمت عملية المكافحة يتم المكافحة مرة واحدة، ويومياً يتم إرسال تقارير من اللجنة بالعناصر التي تم مكافحتها، وخصوصاً في الأيام الموجودين بها حالياً، ولكن طوال العام الأمور هادئة جداً، وفي فترة التكاثر الشتوي فالفرق منظمة على جميع أنحاء الجمهورية والتي يظهر بها أي أعداد تتم المكافحة على الفور، حتى لا تتزايد الأعداد.
وتابع: " لكن الخطورة أن يأتي الجراد من بلاد مجاورة لنا، ونحن على استعداد لها بفرق الاستكشاف الموجودة، بالإضافى إلى امتلاكنا كافة المعدات والمبيدات التي تساعدنا في مواجهة أي جراد قادم من الخارج، وهذا ما يتم بالتنسيق مع منظمة الأغذية وهذا نتيجة للتحضيرات التي تخرج من المنظمات الدولية والأرصاد".
ولفت إلى أن الوزارة بها 55 قاعدة لمكافحة الجراد، وهذه القواعد موجودة على مستوى الجمهورية، مقسمة على 13 قاعدة رئيسية و42 قاعدة فرعية، وكل هذه القواعد تتبع الإدارة العامة للجراد، مزودة بالعمالة الفنية المدربة، مشيراً إلى تواجد معدات المكافحة ووسائل المعيشة الخاصة بذلك، بالإضافة إلى وجود سيارات الدفع الرباعي، وانتشار لقواعد مكافحة الجراد على الحدود المصرية السودانية، فهناك فرق موجودة في أبو رماد وسفاجا والقصير ومرسى علم وحماطة وشلاتين وحلايب والشيخ الشاذلي، فهي موجودة في كل المناطق المحتمل وجود الجراد فيها، وكذلك في الشمال الغربي هناك قواعد في سيوة وسلوم، تحسباً لأي جراد يمكن أن يأتي من منطقة هناك سواء كان من السودان أو البحر الأحمر أو الحدود الغربية، مؤكداً على وجود المخزون الاستراتيجي من المبيدات لأي أسراب يمكن أن تأتي لا قدر الله.
الشناوي: التنسيق بين محطات الرصد في مصر والدول المحطية لمراقبة حركة الجراد
فيما أكد الدكتور عباس الشناوي، رئيس قطاع الخدمات والمتابعة الزراعية، على تواجد محطات رصد الجراد على كافة الحدود المصرية، بالذات الجنوبية والشرقية والغربية، مشيراً إلى أن هناك رصد حركة الجراد الصحراوي العابر للحدود ولا وطن له، لكن هناك محطات رصد محلية وكلها مربوطة مع محطات الرصد في دول الجوارمن المحيط في السنغال ومالي إلى الخليج العربي.
وتابع:" وفي مصر ، هناك قواعد للرصد على الحدود، والسيارات على أهبة الاستعداد، وكلها سيارات عابرة للأرض الوعرة، وهناك توافر للمبيدات على مدار السنوات، وأجهزة الرش المحمولة على السيارات وكذلك المحمولة على البشر، فجميعها في حالة استنفار كامل من بعد شهر أكتوبر من كل عام، ومع بداية شهر أكتوبر يبدأ سقوط الأمطار الصيفية المـتأخرة، في بعض المناطق الجنوبية من جمهورية مصر العريبة، وعادة المناطق الجنوبية تكون وعرة ويحدث بها كساء عشبي أخضر، وفرق الكشف المصرية بعد من 12 إلى 15 يوم، تبدأ بالنزول لعمل عمليات المسح والاستكشاف، وإذا تطلب الأمر غطاء من القوات المسلحة يتم الاتصال بهم لتوفير هذا الغطاء، ويتم النزول في الأماكن الممنوع النزول فيها تحت مظلة القوات المصرية، ويتم بحث هذا الكساء الأخضر ومتابعة حركة الجراد عليه، سواء تواجدت أم لا أو هناك مجموعات وما إلى ذلك، وهذا ما يتم بصورة طبيعية ودورية، للتأكد من سلامة هذه الأماكن وخلوها من الجراد".
وأشار إلى أنه في العام الماضي والذي قبله، كان هناك مجموعات كبيرة من الجراد، ولكن تم عمل الاستعدادات اللازمة، وكانت هناك مواجهة شرسة مع الجراد، وبفضل الله لم يخترق الجراد المساحات الخضراء المصرية، وكان يتم مقاومته في مكانه"، مواضحاً أن التتبع للجراد يكون نهارياً والمكافحة تكون ليلية بعد الغروب مباشرة، والسيارات حاملة ماكينات الرش تجري عليه غارة بالمبيدات ويتم إبادته بصورة كاملة، مؤكداً أن هذا البرنامج معروف ويتم تطبيقه بصورة حرفية تنفيذية على الأرض، سواء بالأفراد الموجودين على الأرض، أو بالقيادات.
ولفت إلى أن النشرة اليومية لحركة الجراد، يتم عرضها علينا وعلى معالي الوزير، ولو لا قدر الله هناك أسراب فهنا تكمن الخطورة، فالدول التي لديها أسراب تقوم برصده وترسل إلينا، ويتم متابعته حركة يومية من الساعة 8 إلى 9 مساءً يكون معروضاً عندي خط سير الجراد بكل الدول الإفريقية واتجاهه, مشيراً إلى أن هذا العام مع هطول الأمطار في أكتوبر الماضي تم عمل المسح ومتابعة الحركة، فكان هناك بعض المجموعات التي تم مقاومتها وإبادتها بصورة كاملة، كانت تقريباً في 16 أو 17 من الشهر الماضي.
أبو صدام: التغيرات المناخية أدت إلى تكاثره في القرن الأفريقي.. ومصر لديها خبرات في مكافحته
حسين أبو صدام نقيب الفلاحين، حذر من خطورة هذا الجراد الذي يقضي على الأخضر واليابس، والتي تأكل مثل وزنها من المحاصيل الزراعية، وهذا الجراد يأتي بأسراب كبيرة جداً، وقد يتعدى طول السرب الكيلو مترات، مشيراً إلى أن التغيرات المناخية الملائمة أدت إلى تكاثر الجراد في القرن الإفريقي، وأصبح متواجداً مع حدودنا السودانية، وهناك بعض الحوريات التي دخلت الحدود المصرية في البحر الأحمر بأبو رماد تقريباً.
وأكد أن مصر لديها خبرة كبيرة جداً في مكافحة الجراد، لكنه من الآفات الصعبة جداً والتي تأتي بكميات كبيرة جداً، وتتكلف بصورة كبيرة مبيدات ومكافحة كبيرة، مشيراً إلى الاستعدادت المصرية لأي آفة تدخل مصر، وهذه الاستعدادات نتيجة للخبرات الطويلة في مكافحة الجراد، إلا دخل مصر ولكن بكميات محدودة، واتجاهه يكون تبعاً لاتجاه الرياح في غالب الأمر.