جمع من العلم ما يجعله ذو هيبة ووقار، وجمع بين العديد من الثقافات وحصد آلاف المعلومات، حتى صار صاحب طلة وخاصة عن غيره، إلا أنه خالف العقل والمنطق، وكل ما تعلمه، بتلك الفعلة الدنيئة التي جعلته ينقلب إلى وحش يقتل أعز ما يملك في الدنيا في لحظات قليلة.
6 أشهر من التحقيقات، مع معلم أزهري انقلب إلى وحش قتل زوجته وأنهى حياة أبنائه الأربعة، ليكمل حياته خلف القضبان، إلى أن يشاء القدر أن يصدر القاضي الكلمات النهائية في القضية ويسدل الستار في محكمة جنايات الفيوم بإحالة أوراقه إلى مفتي الديار المصرية، تمهيدًا لإعدامه.
ما بين عشية وضحاها، تجرد "خالد محمد فرجاني" البالغ ومن العمر 35 عامًا، من معاني الإنسانية، ونقش بيده سطور الألم والمعاناة التي سيعيش فيها بقية عمره، إثر ارتكابه جريمة تقشعر لها الأبدان، بحق أطفاله الصغار، وزوجته التي جمعه بها القدر في "عش الزوجية" قبل 13 عامًا.
اللحظات الأولى
كانت أولى اللحظات التي كشفت فيها عن أحداث الجريمة، عندما أقدم "خالد" على قتل زوجته وأولاده الـ4 بشقته السكنية بمنطقة المسلة بمدينة الفيوم، بذبحهم باستخدام ساطور، بعد تلقيه تهديدات من أشخاص على خلاف معه، باغتصاب زوجته وقتل أبنائه.
الزوجة التي لقيت مصرعها على يد فارس أحلامها تدعى "كريمة م" تبلغ من العمر 33 عامًا، شقيقة زوجة شقيقه الأكبر، وأولاده الأربعة الذين قتلوا في نفس الوقت على يد والدهم هم: أنس (11 عاما)، آية (8 أعوام)، منة (4 أعوام)، وتسنيم (عام ونصف العام).
وعلى الفور انتقلت قوة أمنية من مباحث الفيوم، إلى مكان الواقعة بعدما توجه المتهم إلى قسم الشرطة بتسليم نفسه، وتم القبض عليه، وعقب تقنين الإجراءات، انتقلت قوات الأمن والنيابة إلى مسرح الجريمة لإجراء المعاينة والتأكد من بلاغ المتهم فعثروا على 5 جثث لسيدة وأطفالها.
التحقيقات
التحقيقات التي أجرتها نيابة بندر الفيوم، كشفت أن "فرجاني" تلقى تهديدات من بعض الاشخاص تفيد قيامهم باغتصاب زوجته وقتلها هي وأولاده وطلبوا منه ضرورة الابتعاد عن الكنز الأثري الذي يقوم بالحفر والتنقيب عليه داخل قطعة أرض مملوكة له بإحدى قرى مركز الفيوم"، مضيفا أنه بعد تأكده من جدية التهديدات قرر تنفيذ الجريمة بيده لإنقاذ زوجته من الاغتصاب قبل قتلها.
وأفادت التحقيقات، أن المتهم توجه إلى منطقة حي الروبي بمدينة الفيوم، واشترى "ساطور" ثم تسلل إلى الشقة في ساعة متأخرة من الليل فوجد زوجته وابنته الوسطي نائمتين بغرفة النوم، فوجه ثلاث ضربات قاتلة لزوجته التي لفظت انفاسها دون أي مقاومة ثم ذبح ابنته وكسر جمجمتها بالساطور، وبعدها خرج إلى غرفة الأطفال وذبح باقي أبنائه.
وأشار التحقيقات، إلى أنه عقب تنفيذ الجريمة حاول التخلص من حياته عن طريق إلقاء نفسه من الطابق الرابع، إلا أنه فشل في ذلك، فتوجه الى الأجهزة الامنية وسلم نفسه واعتراف بالجريمة بعد صراع بين عقله واختلاط مشاعره لما اقترفه من جريمة شنعاء.
كشف اللغز
كشفت الأجهزة الأمنية بمديرية أمن الفيوم عن ملابسات قتل مدرس لزوجته وأبنائه الأربعة، حيث تبين أن المتهم قرر التخلص من أسرته بعد تهديد آخرين له بقتلهم بسبب تعاملات بينهم في تجارة الآثار.
تبين من التحريات التي أجريت تحت إشراف اللواء خالد شلبي، مساعد وزير الداخلية مدير أمن الفيوم، والعميد رجب غراب، مدير المباحث الجنائية، أن المتهم لديه خلافات مع آخرين حول تجارة آثار مما دفع شركاءه لتهديده بقتل أفراد أسرته واحدا تلو الآخر، ما دفع المتهم لأخذ القرار بالتخلص من زوجته وأبنائه بنفسه فذبحهم بـ"الساطور" ثم توجه إلى مركز الفيوم وسلم نفسه واعترف بالجريمة.
يحفظ كتاب الله بالإنجليزية
وعن حياة المجني عليه، التي تم عرض معلومات عنها في التحقيقات التي أجرتها النيابة اليوم، توصلت أنه من سكان ق رية " سنوفر "، ويعمل مدرسًا للغة الإنجليزية، في معهد أزهري للفتيات بمنطقة الحريشي، وتزوج منذ 13 عامًا من زوجته عن حُب استمر بينهما لسنوات، وعاشا سويًا مع أبنائهما بمنطقة المسلة، التي تعد من أهم المناطق الراقية في المحافظة، بشقة في أحد الأبراج الشاهقة، والتي تكلفت 2 مليون جنيه.
ومن الناحية الأخلاقية، عرف المتهم بالأدب والاحترام والتدين مع الجميع، حيث إنه ساهم في بناء مسجد بمدخل قريته، وأنه أكمل دورة تدريس القرآن وتجويدة باللغة الإنجليزية بتقدير امتياز.
من مصر إلى دبي بدأت القصة
تحقيقات النيابة أوضحت أن "خالد فرجاني"، سافر منذ أكثر من 14 عامًا إلى الإمارات، حيث كان يعمل بالتسويق العقاري مع أحد شركائه، ووقع على ضمانة بحوالي مليون درهم، هو وشريك مصري آخر، وتم سجن شريكه المصري بسبب تلاعبه وارتكابه مخالفات.
وكان المتهم دائم السفر والتردد بين القاهرة ودبي، في رحلات سريعة، قد تكون أياما أو أسابيع، علمًا بأنه قد وصل من دبي قبل أمس الأحد.
وبالنسبة إلى المتهم كانت الحياة تسير بشكل طبيعي بينه وبين زوجته، إلا إذا حدث بينهما خلافات بسيطة، وفي تلك الفترة سافر "الزوج" للعمل محفظ قرآن باللغة الإنجليزية ومدرس إنجليزي في دبي الإماراتية.
الديون قلبت الموازين
قبل نحو شهر، خسر الزوج عدة مشروعات تجارية في قريته بالفيوم، وتراكمت عليه الديون حتى وصلت إلى مليون ونصف المليون، جمعهم من نحو 30 شخصا لتوظيفها وإعطائهم أرباح، إذ استأجر مزارع وافتتح مشروع "جيم"، لكنه مشروعاته انتهت بالخسارة وبدأ أصحاب الأموال مطاردته.
قال الأب في أثناء التحقيق معه أمام الجهات الأمنية والقضائية: "بقيت مطارد من الناس في القرية عندنا، بدأت ناس تهددني إنّهم هيقتلوا ولادي ويغتصبوا مراتي، فكرت في الانتحار وبعدين تراجعت، قلت لنفسي هموت كافر؟، حاولت أتخلص من مراتي وعيالي وادخل السجن، لأني بحبهم ومش عايز أسيبهم عشان هيعيشوا في فقر بعدي، فكرت أقتلهم 3 مرات وتراجعت، بحبهم مقدرش استغني عنهم".
واصل المتهم اعترافاته قائلا: "قلت مفيش غير الآثار اللي هتخلصني من الديون بتاعتي، عرفت من معارف ليا إنّ في بيت مليان آثار في البلد، رُحت عشان أحفر وأدور على الكنز، لقيت في خلافات وناس كتير عارفة قصة الكنز اللي تحت البيت، ومعرفتش اتصرف ازاي، أخدت مراتي وعيالي وسبت بيت أبويا وأجرت شقة بـ3500 جنيه في برج الملكة في ميدان المسلة بالفيوم".
وتابع الأب: "فضلت حوالي شهر في الشقة الجديدة، والناس بتطاردني عايزين الفلوس والدنيا بتسود في عيني، قلت خلاص هقتل مراتي وعيالي واتحبس واخلص من المشكلة دي، مش هقدر أبعد عنهم ولا أسيبهم يتبهدلوا بعدي ويعيشوا في الفقر، هما كمان ملهمش غيري".
تم اقتياد المتهم في حراسة أمنية مشددة أشرف عليها المقدم أحمد الهاين رئيس مباحث قسم شرطة الفيوم، والرائد أحمد عبدالحكم معاون المباحث، إلى مسرح الجريمة، بحضور محمد القاضي رئيس نيابة بندر الفيوم، وأحمد مرزوق وكيل أول النيابة، تحت إشراف المستشار يحيى الزارع المحامي العام الأول لنيابات الفيوم، ومثل المتهم الجريمة، وقررت النيابة حبسه لمدة 4 أيام على ذمة التحقيق، بتهمة القتل العمد، ولا تزال التحقيقات مستمرة.