يسعى الشباب للبحث عن مشروع صغير ومربح، وفي نفس الوقت غير مكلف في تكلفة إنشائه، فلا يستطيع أحد أن ينكر أهمية وجود مشروع لزيادة الدخل، لتلبية متطلبات الحياة، والخروج من دائرة البطالة.
ويلجأ بعض الشباب لعمل المشروع دون النظر إلى خطورة ما يفعله من إلحاق الضرر على الأطفال والمواطنين، ودون عمل دراسة جدوى لمشروعه وهل سيستمر أم لا، ومدى أهميته لدى الناس، خاصة أن نجاح المشروعات يتوقف على زيادة العرض لشراء المنتج.
وبالرغم من التحذيرات التي انتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي والصحف بشأن خطورة تناول "الأندومي" التي تسببت في وفاة كثير من الأطفال وإلحاق بهم الضرر، إلا أن الشباب يقبلون على شرائه، ولم يكتف الأمر عند ذلك بل انتشر هذا المنتج داخل أكشاك البيع في المدارس ومحطات مترو الأنفاق في الشوارع، باعتبارها من الوجبات السريعة الساخنة.
على أبواب المدارس، تتواجد أكشاك بيع الأندومي، حيث يقوم الأطفال بشراءالأندومي، بعد إعداده، حيث يقوم الشباب بعمله في علب صغيرة، سعر الواحدة منها 5 جنيهات.
وداخل محطات مترو الأنفاق، تتواجد أكشاك بيع "الأندومي" أمام أكشاك التذاكر، وتكون مجهزة بغلاية، مع تواجد أكياس من الأندومي بنكهات مختلفة، الأمر الذي يسبب خطورة كبيرة على صحة الأطفال والمواطنين.
ولم يقف الأمر عند ذلك، حيث قامت شركة أندومي بالإعلان عبر صفحتها الشخصية الفيس بوك، ووضع ملصقات في الشوارع، عن توفير عدد من الأكشاك للشباب لبيع الأندومي، مع وجود غلاية مياه وكرتونة أكياس أندومي وأكواب، برأس مال قليل.
وأعلنت شركة الأندومي، أنها تتوسع في التواجد في محطات مترو الأنفاق وأمام المدارس والجامعات، فضلًا عن قيامها بعمل مسابقات للطلبة لمن يجمع أكبر عدد من أكياس "الأندومي" مقابل الفوز بكرتونة هدية.
فكرة اختراع الأندومي
"الإندومي" تم اختراعه بعد الخبز المقطع، وتنتشر المعكرونة الفورية الجاهزة على رفوف السوبر ماركت في الكثير من الدول حول العالم، ويعرفها البعض باسم "الأندومي" أو "الرامن فوري الإعداد"، وتأتي محفوظة في عبوات متعددة الأشكال، منها الكارتوني ومنها البلاستيكي، وفي داخل العبوة تتواجد قطعة النودلز المطبوخة مسبقاً والمجففة مع مغلف صغير أو أكثر يحتوي على توابل وزيوت ومنكهات هي السر في طعم النودلز الشهي.
وفي هذا السياق صرح الخبراء بأن أضرار "الإندومي" تبدأ من كونه يفتقر أي فوائد غذائية تذكر، ناهيك عن أنها وجبة معالجة وغنية بالكربوهيدرات والدهون، قليلة في نسب البروتينات والفيتامينات والمعادن، ومع ذلك، سجل عام 2015 وحده استهلاك ما يقارب 97.7 مليار وجبة نودلز في 52 دولة حول العالم وذلك تبعاً للمنظمة العالمية للمعكرونة الفورية.
يحتوي "الأندومي" على أكثر من 60% من الكربوهيدرات نتيجة دقيق القمح الخاص بالشعرية، والدهون المشبعة بزيت النخيل، ولا توجد به بروتينات أو فيتامينات أو أملاح معدنية أو أي فوائد تمد الجسم بالعناصر الغذائية التي يحتاجها، يضاف عليها مواد حافظة ومعززات للنكهة وتحسين القوام .
خبراء يتحدثون عن الأندومي
قال الدكتور حسام الأشطوخى استشارى طب الأورام بمعهد أورام طنطا إن الجمعية الأمريكية للأورام أكدت أن "الإندومى" يحتوى على كم رهيب من الكربوهيدرات التى تدخل جسم الإنسان.
وأوضح أنه يمكن استخدامه مرة أو مرتين فى الأسبوع لكن الاعتماد الكلى عليه خصوصًا بين الناس التى تستدعي عملها تناوله باستمرار، أو الشباب الكسول الذين يرغبون فى تناول الطعام بسرعة سيسبب مشكلة صحية، لأن الجسم يحتاج لتناول عناصر أخرى مثل البروتين والفيتامينات، وعلى المدى الطويل يمكن أن يسبب مشاكل فى الجسم.
وأكد أن المشكلة الوحيدة فى الإندومى أنه علميًا مصنف تحت مسمى (junk food) أى "لا يسمن ولا يغنى من جوع ويؤدى إلى زيادة الوزن ولكنه لا يسبب السرطان".
وأشار الدكتور حسام الأشطوخى إلى أن الإندومى يحتوى على محسن طعم كما يحتوى على مادة تسمى (جلوتامات أحادى الصوديوم) وتسمى اختصارًا MSG، وتستخدم الجلوتامات كمحسن للنكهة وتقوم بعمل موازنة ومزج وتقريب للإحساس الكلى بالتوابل الموجودة فى الإندومى، موضحًا أن إنتاج هذه المادة يتم عن طريق عملية تخمر بكتيرى مثل الذى يتم فى صناعة الخل والألبان .
ومن جانبه قال مدير المركز القومي للبحوث سابقا، الدكتور هاني الناظر، إنه لا مشكلة نهائيًا في تناول الأطفال للإندومي، موضحًا أن ناشري مثل هذه الشائعات لديهم أهداف منها بث القلق في المجتمع وكذلك نوعًا من التسويق التجاري عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
وعلق"الناظر"، على شائعة تكون الديدان في الملوخية عند حفظها في الثلاجة بعد الأكل، مشيرًا إلى أنه لا صحة لهذا الكلام وبالبحث وجد إنها ناتجة عن تحوير لحديث في برنامج العلم والإيمان للراحل الدكتور مصطفي محمود.
وتابع :" الراحل الدكتور مصطفى محمود كان قد حذر في برنامجه من أكل الخضراوات دون غسلها لاحتمالية وجود ديدان فيها وذكر ضمنها الملوخية ومن هنا انطلقت الشائعة".
وأوضحت الدكتورة نفيسة البنا أستاذ التغذية العلاجية بكلية الطب المنزلي جامعة حلوان، أن الإندومي تحتوي على نسبة ضئيلة جدًا من البروتين الضروري لبناء الخلايا، مما يجعل لها أضرارًا بالغة الخطورة خاصة على الأطفال.
وفي السياق حذرت أخصائية التغذية "كاثرين زيراتسكي" في مايو كلينيك من بعض الأعراض التي قد تحدث عقب تناول الإندومي كالإصابة بالصداع والخفقان، والتعرق، وآلام الصدر، والغثيان، واحمرار الجلد، مع الشعور بوخز في بعض المناطق، وكلها أعراض تحسسية تسببها مادة جلوتومات الصوديوم لدى الأشخاص المصابين بحساسية.
ويحتوي الإندومي أيضًا على مادة تسمى "البروبيلين جليكول" وهي عبارة عن سائل كحولي يستخدم كمادة حافظة، وله أضرار بالغة على صحة الكبد والكلى والقلب.
ويحتوي أيضا على مادة حافظة تسمى "TBHQ" تحفظ دقيق القمح والملح والزيت النباتي الموجود بالإندومي، وقد حذَّرت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية من الإفراط في استخدام هذه المادة، حيث إن الحد الأقصى المسموح به منها يجب ألا يتجاوز 0.02%.
ومن جانبه أجرى الدكتور برادن كوو من مستشفى ماساشوستس الأمريكية، تجربة عملية، لتتبع ورصد تأثير تناول وهضم الأندومي من خلال كاميرا بحجم قرص الدواء، وضعها داخل معدة أحد الأشخاص.
فوجئ الطبيب بأنه حتى بعد مرور ساعتين على تناول هذه الشعرية ظلت في المعدة دون أن يتم هضمها.
وقارن بين عملية هضم الشعرية سريعة التحضير والشعرية العادية لمزيد من توضيح الفارق، ووجد أن الشعرية العادية تم هضمها بعد مرور نحو ساعتين بعكس الشعرية سريعة التحضير.