"التكنولوجيا".. مصطلح يخفي وراءه العديد من المعاني، ويحتوي بداخله على الكثير من الابتكارات التي شهدها الشارع المصري في الآونة الأخيرة، ليس فقط ذلك وإنما كان سببًا رئيسيًا في التقدم وإضفاء المزيد من المهن الحضارية.
وبالرغم من ذلك إلا أنه كان متوقعًا خاصة وأنه مع ظهور الجديد يختفي القديم؛ ليصبح محفورًا بالذاكرة فقط ويندثر من الواقع، وهذا هو حال الكثير من مهن الحرف اليدوية، التي لم يعاصرها الجيل الحالي.
ولكن كان للرئيس عبد الفتاح السيسي دور في نهوضها من جديد خاصة وأنه منذ أن تولي حكم البلاد، وهو يضع على عاتقه ملف التعليم ليكون سببًا مباشرًا في استعادة الحرف اليدوية من جديد، وذلك من خلال افتتاح بعض من مدارس التكنولوجيا التطبيقية لتأهيل الطلاب والطالبات على متطلبات سوق العمل.
أغفال الدولة للحرف
قالت النائبة هالة أبو السعد، وكيل لجنة المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر بمجلس النواب، إن مصر كانت من أول الدول المعروفة عالميًا بصناعة الحرف اليدوية، وبالرغم من ذلك إلا أنها تواجه الآن عدد من المشاكل والأزمات لافتقادها عنصر "التطوير والابتكار" لتواكب العصر التكنولوجي.
وطالبت "أبو السعد" حكومة الدكتور مصطفى مدبولي بالتوسع في إنشاء مدارس الحرف اليدوية خلال الفترة المقبلة، خاصة وأن هناك أسواق أوروبية تعشق المنتجات المصرية اليدوية، بالإضافة إلى تتبني الدولة المصرية هذه الحرف بعدما شهدت تدهور خلال العهود السابقة، متابعة: "الحرفي ترك الصنعة ولجأ للتوك توك بسبب أنه لا يستطيع أن ينفق على بيته من هذه المهنة".
وأشارت وكيلة لجنة المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر بمجلس النواب، إلى ضرورة تواصل الدولة مع جميع الجهات لبحث تلك الملفات المغلقة وإعادة فتح مركز تحديث الصناعة، وإدخال الحرف اليدوية ضمن الاقتصاد الرسمي لإنتعاش هذه المهن من جديد على أرض الواقع.
دفع عجلة التنمية والبناء
ومن جانبه، أكد النائب محمد السلاب، وكيل لجنة الصناعة بمجلس النواب، على أهمية التعليم الفني ودوره البناء في دعم الصناعة المصرية، مما يسهم وبشكل كبير في زيادة الإنتاجية وتحسين مستوى الاقتصاد المصري لدفع عجلة التنمية والبناء، وتحسين مستوى معيشة المواطنين.
وأشار "السلاب"، إلى أن الساحة الصناعية تشهد خلال العام الجاري مدي حرص القطاع الخاص والمستثمرين على التعاون مع المؤسسات الحكومية لإنشاء مدارس التعليم الفني للنهوض بالحرف اليدوية بعد اختفائها لسنوات طويلة.
وطالب وكيل لجنة الصناعة بمجلس النواب، حكومة الدكتور مصطفى مدبولي، بالاهتمام بقطاع الحرف اليدوية ومحاولة استعادتها من جديد لتأثيرها على الدولة المصرية، خاصة وأن الجميع يدرك أن دولة العالم تقوم على تدشين المشروعات الصغيرة والمتوسطة أولًا لتترك لإنشاء مشروعات كبيرة.
التنمية المستدامة 2030
وأشار البرلماني، إلى أن سير مصر على نهج تلك الدول المتقدمة في التعليم وتطوير الحرف سيؤثر بشكل كبير على الدعاية السياحة والاقتصاد المصري، خاصة وأنه على مدار الـ6 سنوات الماضية استطاعت الدولة أن تثبت للجميع أن المحروسة تعمل بشكل مؤسسي قائم على الاستمرارية.
وتابع: "نجاح مصر في التجربة الأولى لتدشين مدارس التكنولوجيا التطبيقية على أرض الواقع، يشجع المستثمرين في استمرارية العمل وافتتاح مشاريع أخرى لتحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030".
رسالة آمل للحرف
وفي ذات السياق، قالت نرمين الدمرداش، عضو مجلس إدارة غرفة صناعة الحرف اليدوية باتحاد الصناعات المصرية، إن قطاع التعليم الفني المصري والحرف اليدوية شهد مؤخرًا طفرة كبيرة ونقلة نوعية غير مسبوقه منذ أن تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي حكم البلاد، خاصة وأنه يضع على رأس أولوياته ملف التعليم، والدليل على ذلك حرص الوزارة على تدشين مدرسة للحُلي والمجوهرات والتركيز على الصناعات اليدوية والمعارض الخاصة بالحرف اليدوية.
وأوضحت "الدمرداش" أن افتتاح وزارة التربية والتعليم مثل هذه المدارس التكنولوجيا التطبيقية بمدينة العبور سيؤثر بالإيجاب على قطاع الحرف اليدوية بأكلمها، ليس فقط ذلك وإنما يساهم في أن تصبح صناعة الحلي جزءا من موارد الدولة؛ ليعطي رسالة أمل وتشجيع لأصحاب المحلات التي تم غلقها خلال السنوات الماضية بسبب تدهور السياحة المصرية أن يتم فتحها من جديد.
وأكدت أن صناعة الحلي تعتمد عليها اقتصاديات العديد من الدول من بينها إيطاليا، وبالرغم من ذلك إلا أن مصر تعاني من عدم وجود حرفيين مدربين بشكل كامل، مشيرة إلى أن حرص الدولة على تدشين مدارس تكنولوجيا تطبيقية يؤكد اختفاء تلك الأزمات من على أرض الواقع.
وطالبت عضو مجلس إدارة غرفة صناعة الحرف اليدوية باتحاد الصناعات المصرية، تحويل قطاع الحرف اليدوية من القطاع الغير رسمي إلى الرسمي، وفرض الضرائب، مما يؤثر على الاقتصاد المصري والإصلاح الاقتصادي.
محلات نحاسية بدون حرفيين
كما قال النائب سمير البطيخي، عضو لجنة الصناعة بمجلس النواب، إن التعليم الفني يمثل إحدى الأدوات الرئيسية لتحقيق برامج التنمية الشاملة، ويعتبر قاطرة التنمية ودعامة مهمة من دعامات منظومة التعليم، حيث يسعى بنوعياته المختلفة في إعداد شباب قادر على سد عجز سوق العمل.
وطالب "البطيخي" الدكتور طارق شوقي، وزير التربية والتعليم، بإنشاء مدارس بكافة الصناعات والتخصصات الحرفية ليس فقط بالحُلي والمجوهرات، متابعًا "الابتكار والدقة في الحرف بتفرق كتير في السوق المحلي".
وأشار عضو لجنة الصناعة بمجلس النواب، إلى أن الشارع المصري بات مزدحمًا بمحلات المشغولات النحاسية ولكن ينقصها الحرفيين، مطالبًا وزارة التربية والتعليم بالعمل على تخريج مجموعة متميزة من الشباب الحرفيين بين الحين والآخر.
وأكد البرلماني، على ضرورة الاهتمام بصناعات الغزل والنسيج والأخشاب التي بدأت تختفي تدريجيًا، بالرغم من أنها لم تكون صناعات وليدة اللحظة وأنما يمتد عمرها للعصر الفرعوني، لافتًا إلى أن السياحة المصرية تعود فور استعادت الحرف اليدوية، وفتح أبواب محلات المشغولات النحاسية بالشوارع الفرعونية من جديد.
وبسؤاله عن أحقية وزارة التربية والتعليم بتخصيص نسبة لأبناء الجاليات العربية والأجانب بمدارس التعليم الفني والحُلي، أكد أنه لم يتم تخصيص أي نسبة لأبناء الجاليات العربية بالمدارس، إلا بعد جني ثمار المدارس خلال 3 سنوات من الآن، مشيرًا على سيتم النظر إليهم بنظرة احترام وتقدير، فضلًا عن تغيير ثقافة أولياء الأمور.
2.5 مليون حرفي تركوا المهنة مؤخرًا
وقال مسعد عمران، رئيس غرفة صناعة الحرف اليدوية، إن الغرفة قامت بإعداد خطة كاملة للنهوض بالتعليم الفني بشكل عام والحرف اليدوية بشكل خاص، مشيرًا إلى أن الخطة تمول بـ650 مليون جنيه من قبل وزارة المالية.
وأكد "عمران"، في تصريح خاص لـ"بلدنا اليوم"، أن الخطة تشمل تطوير 3.5 مليون حرفي على مستوى الجمهورية وتأهيل الشباب من خلال تدريب طلاب التعليم الفني وتطويرهم لسوق العمل، وذلك من خلال مراكز التأهيل المهني التي تتبع وزارة التضامن، ومراكز الكفاءة الإنتاجية التي تتبع وزارة الصناعة.
وأوضح رئيس غرفة صناعة الحرف اليدوية، أنه يجب الاعتماد على عنصر الخبرة في تأهيل الشباب وتدريبهم وليس العنصر الأكاديمي؛ لآن الفنى يستطيع أن يخرج حرفيين ويأتي ذلك على عكس الأكاديمي، ولذلك يجب أن يكون هناك مزج بين الخبير والأكاديمي، حتى نستطيع أن نخرج حرفى يستطيع أن ينتج ويسوق في نفس الوقت.
واستنكر رئيس الغرفة، تجاهل وزارة التربية والتعليم الغرفة أثناء افتتاح مدرسة المجوهرات والحُلى على الرغم من أنه توجد لدينا خبرات كثيرة في هذا المجال، لافتًا إلى أنه يوجد أكثر من 5 مليون حرفي في مصر منهم ما يقرب من النصف ترك المهنة بسبب أن الحرفة لا يعيش منها عيشة كريمة.