تبذل الهيئة العامة للخدمات البيطرية ممثلة في إدارة الحجر البيطري، جهودًا حثيثة لمواجهة الأمراض التي تصيب الحيوانات، بهدف ضمان سلامة صحة الحيوانات التى يتم استيرادها من الخارج.
وفي ظل هذا، يكمن أحد الأمراض الوبائية على الحدود الجنوبية البلاد، والمعروف بحمى الوادى المتصدع، والذى بدوره دفع لأخذ الاحتياطات والتحصينات اللازمة للتصدى له، وفي هذا الصدد نستعرض الجهود المبذولة من إدارة الحجر البيطرى لمواجهة الأمراض الوبائية.
"عبدالكريم": إجراءات الحجر البيطرى تتم قبل السماح باستيراد أى حيوان
قال الدكتور أحمد عبدالكريم، رئيس الإدارة المركزية للحجر البيطرى بالهيئة العامة للخدمات البيطرية، إنه قبل السماح باستيراد أى حيوان، فإنه يتم الاطلاع على الموقف الوبائى لدولة المنشأ التى يتم الاستيراد منها، مشيراً إلى أنه تم التوقيع على شهادة صحية مع دولة المنشأ والتي بموجبها يتم تحديد المفترض ما يتم فحصه، أو يتم تحصينه قبل توريده للأراضي المصرية.
وتابع: "وإذا حدث أي تغير وبائي لأي دولة من الدول في أي لحظة، فيتم وقف الاستيراد لحين دراسته من الناحية العلمية، لبحث إمكانية استيراده، أو تأجيله لحين الاستقرار في هذه الدول"، مؤكداً أن الإجراءات تتم فى دولة المنشأ قبل وصولها للأراضى المصرية، وبعد وصولها يتم فحصها فى الميناء بلجان بيطرية، وبعد ذلك تصل إلى المحاجر المصرية للحصول على التحصينات الوقائية اللازمة لحمايتها، وحماية الثروة الحيوانية الخاصة بنا، مشيراً إلى أن الحيوانات المستوردة يتم تحصينها أيضاً حماية لها من الأمراض المتوطنة الموجودة لدينا، حيث يتم بحث التحصين وفقاً لغرض الاستيراد وأولويات التحصين حسب رؤية الدولة وهذا لحماية الحيوانات المستوردة من الأمراض المتوطنة.
وفيما يخص اللحوم المذبوحة سواء المجمدة أو المبردة، أوضح "عبدالكريم"، أنه لا يتم استيراد أى لحوم إلا بعد معرفة الموقف الوبائى للدولة التى يتم الاستيراد منها فى كل اللحوم التى يتم استيرادها، لافتاً إلى أن هناك شهادات صحية متبادلة ومعتمدة لدينا من الهيئة العامة للخدمات البيطرية قبل السماح باستيراد أى لحوم من دولة من الدول، كما أنه إذا كانت هناك إضافات يتم المطالبة بها يتم ملاحظتها قبل وجود أى تعاقدات على الاستيراد من هذه الدول.
وأردف أن إدارة الحجر البيطرى من أكثر النظم استقراراً فى مصر، من حيث الوفرة فى عدد الأطباء والإجراءات والقوانين التى يتم العمل بها، وهذا ما يتم ملاحظته أنه لم يتم السماع عن أى مرض وبائى جاء إلينا من الخارج منذ سنوات طويلة، وذلك يرجع إلى الإجراءات التى يتم اتخاذها، وكذلك فى كل حالات الأغذية، يتم الرفض مباشرة، ويعاد تصديره مرة أخرى، أو يتم إعدامه، ولكن لا يمكن أن تمر أى لحوم إلا إذا كانت صالحة للاستهلاك الآدمى، وتتوافق مع المعدلات القياسية المصرية.
"ممدوح": برنامج دورى للتحصين كل ستة أشهر فى وجود المرض أو عدمه
قال الدكتور يوسف ممدوح، رئيس الإدارة المركزية بالحجر البيطرى بالهيئة العامة للخدمات البيطرية سابقاً، إنه بالنسبة للحيوانات التى يتم استيرادها من الخارج، عندما يكون هناك وباء في دولة معينة يتم إيقاف الاستيراد حتى تستقر الأمور، وتعلن المنظمة العالمية لصحة الحيوان انتهاء هذا الوباء، كما حدث مؤخراً في السودان مع ظهور مرض حمى الوادي المتصدع، وهذا حدث من قبل وليست المرة الأولى.
وأضاف أن هناك برنامجا دوريا للتحصينات يتم داخل الدولة، وعندما يتم الاستيراد من الخارج يتم التحصين فى بلد المنشأ نفسها قبل إحضار المنتجات المستوردة للداخل، لافتاً إلى أن البرنامج الدورب الذب يتم في الداخل لتحصين الحيوانات يحدث كل ستة أشهر، سواء مع وجود المرض أو عدمه.
وأشار إلى أنه بالنسبة للأمرض المتوطنة كالحمى القلاعية أو الجلد العقدى فى الحيوانات، أو أنفلونزا الطيور، فقد أصبحت بمثابة وبائية داخل الدولة، لذلك يتم التحصين بصفة دورية، لكن ظهور حالات رغم وجود تحصينات فهذا هو السؤال الأهم، وهذا يرجع إلى ثلاثة أمور، أولها أنه لا يتم التحصين من قبل المربين أنفسهم "سايبنها على الله"، الأمر الثانى هو أن طريقة التحصين ليست منضبطة، فمن يقومون بالتحصين لا يحفظون المحصنات فى ثلاجات، أو عدم وجود "سرنجات معقمة" وهذا لا يشكل تحصيناً على الإطلاق، والأمر الأخير والأهم هو مدى صلاحية التحصين، فالتحصينات بنسبة 50 أو 60% مستوردة من الخارج، كما أن هناك تحصينات يتم تصنيعها محلياً، فهل التحصينات التى يتم تصنيعها محلياً يختبر كفاءتها وتحرز النتيجة المرجوة؟، فإذا لم يتم التعامل معها بطريقة علمية من حيث الاختبارات أو من حيث تخزينها فبالتالي مع تحصينها فكأنه يتم تحصين مياه فقط، وهذا ما يعانيه الكثيرون ولذلك يشتكون من ظهور المرض على الرغم من التحصين، فلا بد من مراعاة هذه الأمور.
وأكد أنه أيضاً يجب ملاحظة ما إذا كانت البلاد التي يتم الاستيراد منها التحصينات ذات مرجعية أم أنها جديدة فى هذا الصدد، والشركات ترغب فى استيراد التحصينات وانتهى الأمر، فلا بد من مراعاة ذلك.
وأشار إلى أنه يتم مراجعة الموقف الوبائى، سواء وجدت أمراضا وبائية أو أمراضا تنتقل عن طريق اللحوم، فبالتالى وفقاً لذلك لا يتم الاستيراد منهم، وهذا الموقف الوبائى تحدده المنظمة العالمية للصحة الحيوانية دورياً أو شهرياً أو أسبوعياً أو يومياً وفقاً للحالة الموجودة، ولكن زيادة فى التأكيد عندما يتم استيراد اللحوم من الخارج، أن هناك جهتين تسحبين منها العينات هما وزارتا الصحة والزراعة ممثلة فى معهد بحوث صحة الحيوان أو الهيئة العامة للخدمات البيطرية، وبالتالى لا يتم الإفراج عن اللحوم المستوردة إلا إذا ثبت وجود تطابق فى النتيجتين بأن تكون سلبيتين، فبالتالى يتم حصر هذا الأمر بصورة جيدة.
وأكد أنه لا توجد أي معوقات لعمل الحجر البيطرى؛ لأن هذا نظام موضوع من عشرات السنين ولا يمكن تغييره؛ لأنه بذلك سيتم الإضرار بمصلحة المواطن فهى بمثابة قضية أمن قومي، لكن إذا تم التغيير أو أي نوع من التسهيلات لأسباب أو لأخرى فهذا خيانة للوطن.
وأردف أن المعامل الموجودة معتمدة ومجهزة بأحدث التكنولوجيا فى العالم، وهناك مواكبة دورية للعصر، كما أننا من الدول المتشددة، وهذا ما يواجهنا فى المباحثات مع الدول الأخرى؛ لأننا نفحص مائة بالمائة من الرسائل التى تصلنا، عكس الدول الخارجية التى تفحص 10% أو 15 % من الرسائل.
«عبدالعزيز»: الأمراض الوافدة تظهر خلسة ودخولها ليس طبيعيًا
الدكتور مصطفى عبدالعزيز، أستاذ الطب البيطرى، أشار إلى الجهود التى تتم بأحسن ما يكون، لكن الأمراض الوافدة تظهر لنا على خلسة وليس دخولها أمراً طبيعياً؛ لأن من المفترض أن الحيوانات تتعرض تماماً للفحص البيطرى بدقة فى الجمرك أو الصادرات والواردات أو المطارات، بحيث لا يتم السماح بدخول أى منتج يحمل المرض، وإلا ستؤثر على الصالح العام ككل.
وأشار إلى أنه بالنسبة للأمراض المتوطنة، كالحمى القلاعية أو الجلد العقدى، فالأخير المفترض أنه يسببه أحد الفيروسات، ومن المفترض وجود تحصينات لهذا المرض، فهل هناك تقصير بالنسبة للتحصينات بحيث ينتشر بهذا الأسلوب الوبائى الذى يحدث دائماً كل فترة أو هل هناك تقصير، فهذا الأمر يستدعى وقفة من المعامل البحثية التى يتم الاعتماد عليها بصفة كلية فى هذا المجال، وكذلك الحمى القلاعية التى نخسر منها كل عام، خصوصاً المراعى الصغيرة، فمما لا شك هذه خسائر نحن مقصرون فى حقها إلى حد كبير، متمنياً أن يكون هناك جهود مبذولة من وزارة الزراعة لمواجهة الأمراض الوبائية التى لا ترحم، تدخل من منافذ غير مكترثين لها.
وفيما يخص اللحوم المستوردة، أشار إلى أنه من المفترض وجود لجان تخرج من الوزارة تسافر بنفسها لتتابع عمليات الذبح والتأكد من الذبح الشرعى كما يجب، ويتم الفحص البيطرى عليها، والتى يثبت صلاحيتها يتم تعبئتها وتصديرها إلينا كلحوم مذبوحة، لكن للأسف هناك بعض اللجان لا تكون على المستوى فيكون هناك تقصير منها فى ذلك أو قد يكون هناك مغريات أخرى "كأن يقوموا بالتوقيع بدلاً عنهم"، وهذه قد تشكل أخطاءً جسيمة، فلا يضمن فى تلك الحالة أى شىء، بأنه لا يتم ترك التوقيع على صاحب المسئولية بعد ملاحظة الحيوان بنفسه والاطمئنان على سلامته من أى مرض، وهذا ما لاحظناه من قبل فى بعض اللحوم قد تكون غير سيئة شكلياً كبعض الديدان التى وجدت فى ظهور الحيوانات، وتم الحديث بأنه ليس هناك خطورة منها لكن المستهلك لا يحب أن يرى اللحوم بهذا الشكل، فهناك نقاط تستلزم وقفات وليست مجرد وجود لجان وأن الذبح تم بطريقة شرعية والأمور جيدة والعكس هو الصحيح.
وأشار إلى أن المورد من المفترض أن يقدم اللحوم تحت اشتراطات وموافقات خاصة، بأنها يجب أن تكون سليمة وسنها محدد، وأسنانها المكسورة من كذا إلى كذا، وهناك سلامة فى الجلد والحالة الصحية العامة، فإذا التزم بهذه الاشتراطات من المؤكد أن احتمالية تتقلص إلى أبعد الحدود، أما فيما يخص المربى المحلى الصغير والذى يذبح الحيوان الخاص به فى المذبح، فيترك الأمور كما تسير إما أن تكون سليمة أو العكس فيتم إعدامها أو إعدام جزء منها، ولا يستطيع أن يعترض حيث يتم العرض على الجهات البيطرية والتى تختم اللحوم بالتأكيد على أنها سليمة صحياً، فإذا وصلنا إلى هذا المستوى فهذا هو المطلوب، أما إذا وجد أى نوع من المشاكل كمرض السل بأن الحيوان يكون سليماً تماماً لكن مع فحصه يتم وجود المرض فيه، فيستوجب إعدام جزء أو أجزاء، أو أحيانا يتم إعدام كل الحيوان، وهذه فى الحالة من المفترض وجود تعويض، ولكنه لن يعوض ثمن الحيوان كما يجب، بل نوع من المساعدة للفلاح.
وأبدى أستاذ الطب البيطرى تخوفه من القصور فى الثروة الحيوانية فى مصر؛ لأن من مهمة الطب البيطرى الرئيسية تنمية الثروة الحيوانية، وكذلك حماية الإنسان من أى أمراض تنتقل بالحيوانات، ففى الشرط الأول لا نجد هناك نمواً فى الثروة الحيوانية منذ سنوات طويلة، ويتم الادعاء أن الزيادة السكانية هى السبب فى حين أنه بالتبعية هناك ثبات فى أرقام الثروة الحيوانية، فمع ثبات هذا الرقم لن نحرز أى تقدم، وهذا هو مصدر القلق فمع تفاقم الزيادة السكانية بالنسبة للمتوفر من الحيوانات، فهذا سيشكل مشكلة تجعلنا نعتمد على الاستيراد، وهذا يشكل أزمة بالنسبة للمربين باعتبارها ضربة لهم، ولكن هناك مسئولية تقع على عاتق الدولة فى تغذية الشعب، وهذا هو السؤال الأهم أمام طاولة وزارتى التموين والزراعة بتوفير الكميات اللازمة من اللحوم للمستهلكين.
"تمراز": يجب مضاعفة المجهودات لحماية الثروة الحيوانية
من جانبه قال النائب رائف تمراز، عضو لجنة الزراعة بمجلس النواب، إنه يجب مضاعفة المجهودات المبذولة من الحجر البيطرى لحماية الثروة الحيوانية فى مصر، وأن يكون هناك رؤية لدى اللجان الموجودة خارج مصر بعدم استيراد مواشى مريضة، مما يستلزم وجود رقابة شديدة، ولا تنتقل بعدها الأمراض للماشية المصرية.
وأشار إلى أنه فى حالة وجود مواشى غير صالحة، يجب أن يتم الحرق الصحى الجيد، لافتاً إلى أن هناك بعض الناس ممن يهربون المواشى المريضة ويبيعونها بأسعار منخفضة للمطاعم أو غيرها، فيجب ألا تترك اللجنة المواشى لديهم حتى يتم حرقها بصورة صحية، فكل هذا يلزم وجود رقابة شديدة على المحاجر البيطرية وأن يكون هناك الرؤية الاستراتيجية لمواجهة الأمراض وعدم نقلها إلى داخل مصر.