"كريم نيدفيد".. الريمونتادا ليس في كرة القدم فقط

الاربعاء 06 مارس 2019 | 08:55 مساءً
كتب : خالد رزق

كلمة "الريمونتادا" هي كلمة إسبانية تعني التعافي أو العودة، وكانت تستخدم هذه الكلمة الإسبانية بشكل كبير في الحروب ووصف المعارك الأهلية وثورات الاستقلال بين القرن 16 إلى 19 ميلادي، حينما كانا أقليما الباسك وكاتالونيا يحاولان الانقسام عن الحكم الملكي الإسباني.

كان يستخدم مصطلح "الريمونتادا" في عالم كرة القدم في ثمانينات وتسعينات القرن الماضي ثم اختفى، ومن ثم أعادته للحياة من جديد الصحيفة الكاتالونية "سبورت"، بعد هزيمة نادي برشلونة من أي سي ميلان، في ذهاب ثمن نهائي دوري الأبطال موسم 2012-2013 بنتيجة هدفين دون رد برشلوني، وبالفعل استطاع برشلونة العودة وتحقيق الريمونتادا، بالفوز برباعية نظيفة على إي سي ميلان مرحلة الإياب.

وشهد الموسم الماضي أعظم "ريمونتادا" في تاريخ دوري أبطال أوروبا، فعلى الرغم من خسارة البارسا بنتيجة رباعية نظيفة على ملعب حديقة الأمراء، لكن روح البارسا ظهرت في الإياب وحقق الفريق الإسباني فوزًا ثقيلاً بنتيجة 6-1 ليتأهل لدور الـ8.

لكن على ما يبدو أن مصطلح "الريمونتادا" لم يعد يتعلق بعودة الفرق في النتائج وتحقيق الفوز، ولكنه أصبح الأن مرتبط بلاعبين كانوا في البداية محل سخرية وجدل من الجماهير، ولكنهم حققوا العودة والتأثير الأهم، وهو المرتبط بالجمهور الذي طالما صب جام غصبه عليهم في الفترات السابقة.

لو أردنا أن نطلق "الريمونتادا" على لاعب هذا الموسم في الدوري المصري فسيكون بالتأكيد اللاعب الشاب كريم وليد الشهير بـ"نيدفيد"، لاعب الأهلي الذي أصبح الأن عنصر مهم وفعال في صفوف المارد الأحمر، وأصبح غيابه وحتى إصابته بل وغيابه عن تشكيل الفريق مثار قلق لدى الجماهير الحمراء.

نيدفيد

"في البداية يتجاهلونك، ثم يسخرون منك، ثم يحاربونك، ثم تنتصر"، مقولة تاريخية للزعيم الهندي مهاتما غاندي، العبارة الخالدة عبر التاريخ تصلح لأن تكون لسان حال اللاعب الشباب كريم نيدفيد، الذي لاقى في البداية الهجوم والسخرية من الجماهير لتوظيفه الخاطئ من حسام البدري، إلى أن أصبح مع المدرب الجديد مارتن لاسارتي أحد أهم العناصر بالفريق الأحمر، وأدى غيابه عن لقاء القمة المقبلة لحصوله على الإنذار الثالث لقلق الجماهير الأهلاوية وحزنها على فقدان أحد العناصر الهامة، فكيف كانت البداية وما بينها من هجوم وضغط عصبي وهجوم على مواقع التواصل الاجتماعي، واتهام البدري بمحاباة اللاعب، والقول بأن اللاعب لا يصلح لإرتداء تشيرت القلعة الحمراء، ومؤخرًا من إشادة باللاعب وبروحه القتالية في الملعب.

ولكن يعتبر الشيء الأجمل في نيدفيد، أن اللاعب لم يتاثر نفسيًا بالهجوم والغضب الجماهيري، لاقتناعه بقدراته، بل اجتهد وطور من قدراته ومع توظيفه الجيد أصبح عنصر مؤثر مع الأهلي محليًا وأفريقيًا.

بدأ "نيدفيد" مشواره مع كرة القدم فى الدوري قبل خمسة مواسم، و حاول الأهلي إعارته إلى حرس الحدود موسم 2014- 2015، ثم إلى وادي دجلة لم يحظ خلالها الشاب باهتمام ناديه، قبل أن يعود "نيدفيد" ويلاقي موجة من السخرية تحولت لمحاربة وجوده بالفريق والتشكيك في قدراته كلاعب كرة حتى رد اللاعب وبقوة فماذا حدث؟

نيدفيد والبدري والجمهور يعلق "ابن حسام البدري"

نيدفيد

حسام البدري مدرب الأهلي السابق اعتمد على اللاعب الشاب في فترة توليه القيادة الفنية للفريق الأحمر، بل واستخدمه في كل المراكز من الظهير الأيمن للأيسر لوسط الملعب للجناح، ولكن واجه اللاعب سوء حظ في تلك الفترة، وحينها هاجمته الجماهير بشكل كبير بل وهاجمت المدير الفني حسام البدري، لإصراره على الدفع باللاعب، بل وأطلق رواد السوشيال ميديا هجومهم على اللاعب والمدرب وأطلقوا على اللاعب ابن حسام البدري، لإصراره على اللعب به ولاقتناعه بامكانياته، بل وتحدث الكثيرين بأن الأهلي لو تعاقد مع "ميسي" فأنه سيكون بديل لنيدفيد في فترة تدريب حسام البدري للأهلي.

يرى البعض أن البدري كان أحد أسباب الهجوم على اللاعب من الجماهير للخطأ في توظيفه في الملعب، بالإضافة للدفع به فى أوقات عصيبة من المباريات، وهو الوقت الذي لا يتحمل ضياع أي فرصة.

نيدفيد في عهد باتريس كارتيرون ومحمد يوسف

نيدفيد

في الأيام الأخيرة للفرنسي باتريس كارتيرون ومع محمد يوسف، ابتعد نيدفيد عن المناطق الهجومية، ليصبح الظهير الأيمن فى غياب فتحي وهاني للإصابة، وكانت نقطة التحول، قدرات اللاعب الدفاعية والحماس والغيرة وروح الفريق حولت بعض الهجوم إلى إعجاب، الظهير الأيمن من النادر أن يحل على فرص مواجهة للمرمي أو انفرادات، مهمته على الخط بنسبة كبيرة دفاعًا وهجومًا، وهنا أبرز نيدفيد إمكاناته وبدأ في الحصول على الثقة حتى جاء لاسارتي.

لاسارتي يقدم نيدفيد الجديد للجماهير الأهلاوية

نيدفيد

مارتن لاسارتي قدم نيدفيد بشكل مختلف للجمهور، وربما لعبت أيضًا إصابة محمد محمود دورًا هامًا، مركز 8 الذي يفضله نيدفيد مع الثقة التي حصل عليها، والدعم والإشادة بما يقدمه تألق اللاعب، وسجل 4 أهداف وصنع هدفين وتفوق على النجوم وصفقات الشتاء وبات أهم "صفقة" في الفريق.

نيدفيد يتألق مع الأهلي في الفترة الأخيرة

سجل كريم نيدفيد فى آخر 10 مباريات مع الأهلي 4 أهداف وصنع هدفين، وقبل العشرة مباريات الأخيرة لعب 69 مباراة في الدوري، سجل فيها هدفين وصنع هدفًا، وهو يعكس التطور فى مستوي نيدفيد الذي لم يتخطَ بعد مرحلة الناشئين.

نيدفيد الآن هو هداف الأهلي في دوري أبطال أفريقيا برصيد ثلاثة أهداف خلال ست مباريات، وهو من سجل هدف التعادل في لقاء الجونة بالدوري بالدقيقة 79، ليفتح الباب أمام فوز فريقه بالمباراة بهدف ناصر ماهر في الدقيقة 87، ويقتنص ثلاث نقاط مهمة في مشواره نحو الحفاظ على لقب الدوري وملاحقة الزمالك على الصدارة.

غياب نيدفيد عن القمة يغضب الأهلي وجماهيره

ربما مشهد سيد عبد الحفيظ؛ مدير الكرة بالأهلي، في المباراة الأخيرة أمام بتروجيت، حينما ظهر منفعلًا على حكم اللقاء، إثر منحه إنذارًا لنيدفيد وهو ما يعني غيابه عن لقاء الزمالك لتراكم البطاقات، لم يكن يتوقع أكثر المتفائلين للاعب منذ عام على الأقل أن يصدر كل هذا الانفعال من أجل صاحب الـ21 عامًا.

من الهجوم وصافرات الاستهجان و"ابن البدري" إلى الخوف من تأثير غيابه في لقاء القمة، هكذا هي رحلة نيدفيد مع جمهور الأهلي حتى الآن، وفي انتظار ما تخبئه له الأيام خلال سنواته المقبلة في الملاعب.