نعيمة عاكف، الراقصة اللولبية المتنوعة التى لم يختلف أحد على عشقها صغيرًا أو كبيرًا، كانت تأخذنا بخفة روحها ورشاقة جسدها وتجبرنا على مشاهدتها، وإذ يوافق هذا الشهر ذكرى ميلادها الـ89، حيث خرجت من رحم والدتها إلى الدنيا فى مدينة طنطا بمحافظة الغربية يوم 7 أكتوبر عام 1923، نسلط الضوء على إحدى الجميلات اللاتى امتلكن جاذبيتهن وحضورهن الخاص، نستعرض جانبا من حياتها- نعيمة عاكف- لم يذكره أحد من قبل، وهو علاقة العرائس "اللعبة" فى حياتها منذ الصغر وعلاقة العرائس بمسيرتها الفنية وتوجهها لمجال الفن والرقص، وقصة التحدى فى حياتها.
بدأت نعيمة عاكف منذ نعومة أظافرها فى أسرة محبة للفن والرقص والسيرك، فأسهم ذلك بشكل كبير فى إتقانها وتمكنها حد الاحتراف من الموهبة، وكانت لصغر سنها يقوم الجمهور بإهدائها العرائس الصغيرة، من قبيل الإعجاب بموهبتها، وأنها تتناسب مع مرحلة العمر التى كانت تمر بها وقتها، فكانت معظم الهدايا من العرائس وكانت تمتلك العديد منها، حتى والدتها كانت تشجعها وتهديها العرائس، مما نتج عنه حبها الشديد للعرائس وتعلقها بها حتى أنها هى الأخرى كانت كلما جمعت مالا اشترت به عروسة، وفى أحد الموالد أهدتها سيدة أعجُبت بها، "عروسة" بخمسة مفاتيح، كل مفتاح برقصة مختلفة.
سبب هروبها من والدها
وكانت طفلة ذكية مرحة رغم حداثة سنها، فعندما بلغت السادسة من عمرها طلبت من والدها أن يخصص لها مرتبًا على عملها فى السيرك معه، وإلا فإنها ستقوم بالبحث عن سيرك آخر تعمل لحسابه، فضربها والدها لذلك، فقررت الهرب من السيرك وجمعت ملابسها وتسللت هربًا إلا أنه بسبب شهرتها قام أحد جماهيرها ومعارف والدها بإعادتها لوالدها مرة أخرى.
فاضطر والدها للموافقة بعد أن هددته بالهرب مرة ثانية، واتفق معها على مرتب بقيمة قرشين يوميًا فى حال وجود عروض، وقرش فى حالة الركود والإجازات، فوافقت نعيمة على ذلك الاتفاق.
وعندما بلغت الـ 14 من عمرها كان سيرك والدها يقدم عروضه فى طنطا خلال موسم الاحتفال بمولد السيد البدوى ولاحظت نعيمة أن رجلًا ريفيًا ميسور الحال يبدو أنه من الأعيان تحيط به شلة من أتباعه، يحرص على حضور عروضها كل ليلة، وكان يبالغ فى التصفيق لها، ولم يكن إعجابه يتجاوز هذا الحد خصوصا أنه لم يكن مسموحا لأى رجل الاتصال بالعناصر النسائية فى السيرك.
مثلها الأعلى كانت «شيكابوم».. ولها حكايات مع العرائس «اللعبة»
وذات ليلة فوجئت نعيمة بسيدة ريفية تطلب مقابلتها وتقدم لها علبة أنيقة وقالت لها: "سيدى البيه باعت لك الهدية دى" فلم تستطع نعيمة أن ترفض الهدية، وكم كانت فرحتها عندما فتحت العلبة ووجدت بها عروسة ذات خمسة مفاتيح وكل مفتاح له رقصة تختلف عن رقصة المفتاح الآخر، وكلما أدارت مفتاحا عزفت موسيقى شرقية جميلة، ورقصت عليها العروسة رقصة بديعة.
وسمعت نعيمة من الناس وقتها أن أحسن راقصة فى مصر كلها هى سنية شيكابوم فأطلقت على عروستها "شيكا بوم" وكانت عندما تنفرد بعروستها تقلد رقصتها، وبذلك تعلمت الرقص، وفى إحدى خلواتها بعروستها فاجأها والدها وهى ترقص وشيكابوم أمامها تعزف الموسيقى وتتمايل مع الأنغام فأخرج مسدسه وأطلق النار على العروسة فحطمها.
فتاة تدعى "تيشى" سبب تعلمها لفن المونولوج
ومرت الأيام وكبرت نعيمة وعملت هى وشقيقتها فى مسرح على الكسار، فبهرت الجمهور بموهبتها ولفتت الأنظار حولها وهذا ما جعل بديعة مصابنى تعرض عليها العمل فى فرقتها مقابل 15 جنيها، وكان ضمن فرقة بديعة فتاة تدعى "تيشى" تلقى مونولوجات على حركات رقص الكلاكيت، وكانت بديعة تشيد دائما بموهبتها فأحست نعيمة بالغيرة منها، وقررت أن تتعلم رقصة الكلاكيت وإلقاء المونولوجات.
ذهبت إلى مدرب للرقص ليعلمها فطلب أجرًا كبيرًا عن كل حصة، ولم تكن مواردها تسمح بدفع هذا الأجر فقررت أن تعلم نفسها بنفسها، وفى أحد الأيام انتهزت فرصة غياب "تيشى" ودخلت حجرتها وسرقت الحذاء الذى كانت ترقص به، ودهشت من قطع الحديد الموجودة فى هذا الحذاء، ووضعته فى قدميها وبدأت فى تقليد الرقصة، وبعد ساعتين من التدريب المتواصل تعلمتها، وأخذت الحذاء معها، وذهبت إلى عامل أحذية وطلبت منه أن يضع فى حذائها قطع حديد مشابهة، وفى اليوم التالى أعادت الحذاء إلى مكانه، وبدأت التدريب بحذائها.
وبعد أسبوع ذهبت إلى بديعة مصابنى وطلبت منها أن تتيح لها فرصة تقديم رقصة الكلاكيت، وبعد تردد سمحت بديعة لها وهى غير مقتنعة، وعندما أنهت الرقصة صفقت لها بديعة بحرارة مع الجمهور.
«أحسن راقصة فى العالم» لقبها من مهرجان الشباب العالمى بموسكو عام 1958
وهناك أمر لا يعرفه الكثير عن الموهبة الفذة التى رحلت سريعًا عن عالمنا فى عمر صغير بعد مهاجمة المرض لها، وهو أنها حصلت على لقب أحسن راقصة فى العالم من مهرجان الشباب العالمى بموسكو عام 1958 ضمن 50 دولة شاركت فى هذا المهرجان.
موضوعات متعلقة..
- فى صورة نادرة.. نعيمة عاكف تأكل 'الجيلى'
- في ذكرى ميلادها.. حياة نعيمة عاكف بين السيرك والسرطان