أثار الرفض الأمريكي لحضور مؤتمر "سوتشي" الذي عقد بين الثلاثي التركي والإيراني والروسي، للنظر في الشؤون السورية، والعمل على عودة اللاجئين السوريين، غضبًا خافتًا داخل روسيا، التي لم تلق دعوتها لدى الجانب الأمريكي، أي صدى بالقبول، وهو ما دفع البعض للتساؤل إذا ما كان ذلك بداية لتعثر العلاقات بين الغريمين، من جديد، وهل يكون مؤتمر "سوتشي" بداية للحرب بين القوتين العظمتين.
وعلى الرغم من الاجتماع الذي انعقد منذ فترة قصيرة، بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والأمريكي دونالد ترامب، في هلسنكي بالعاصمة الفنلندية، لتحسين العلاقات بينهما، ورجوع المصالح الاقتصادية إلى ما كانت عليه قديمًا، إلا أن الصراع يتجدد بين الحين والآخر، بدايةً من أزمة الانتخابات الأمريكية التي تتهم فيها روسيا بأنها تتدخل فيها دائمًا، وأخيرًا المؤتمر الدولي لحل أزمة اللاجئين السوريين، وهو ما يلقي بظلاله على إثارة الجدل على الساحة الدولية بين الدولتين.
في المؤتمر الذي عقد اليوم في "سوتشي " الروسية، انتقدت وزيرة الخارجية الروسية، مارايا زاخاروفا، رفض الولايات المتحدة إيفاد ممثلين عنها للمشاركة في لقاء سوتشي حول سوريا بصفة مراقب، بناء على دعوة موسكو.
وفي ردها على سؤال حول تقييم موسكو قرار واشنطن عدم المشاركة في اللقاء الدولي العاشر حول سوريا ضمن "صيغة أستانا"، قالت المتحدثة باسم الوزارة، ماريا زاخاروفا: "إنه رد مؤسف، علما أن هناك تأكيدات تسمع من واشنطن دوما عن استعدادها للمساهمة في إطلاق العملية السياسية في سوريا".
وأشارت المتحدثة إلى أن هذه العملية هي التي يركز عليها اللقاء في سوتشي، مضيفة أن موسكو لم تنظر أبدا إلى "ساحة أستانا" على أنها بديل عن صيغة جنيف، بل اعتبرتها ساحة من شأنها أن تسهم بشكل ملموس في تحقيق تقدم في هذا المسار، بناء على قرار 2254 لمجلس الأمن الدولي.
وقالت زاخاروفا إن موسكو ترى في رفض الولايات المتحدة إيفاد ممثلين عنها إلى سوتشي محاولة للتقليل من شأن "صيغة أستانا"، "والحط من نتائج جهود وساطة ليس في مقدور واشنطن السيطرة عليها".
وذكرت زاخاروفا أن دعوة الولايات المتحدة إلى تقديم ساحة جنيف على كل الساحات الأخرى، بذريعة دعم مهمة المبعوث الأممي الخاص إلى الشأن السوري، ستيفان دي ميستورا، تبدو سخيفة، نظرا لمشاركة المبعوث نفسه في أعمال لقاء سوتشي.
ويأتي الاجتماع الذي انطلق اليوم الاثنين بمدينة سوتشي الروسية ويستمر على مدى يومين، في إطار اللقاء الـ10 بـ"صيغة أستانا" بشأن التسوية السورية.
ويشارك في المحادثات ممثلو الدول الضامنة للهدنة في سوريا (روسيا وإيران وتركيا). ويرأس الوفد الروسي المبعوث الخاص للرئيس إلى سوريا، ألكسندر لافرينتييف، والجانب التركي نائب وزير الخارجية، سيدات أونال، ووفد إيران، مساعد وزير الخارجية، حسين جابري أنصاري.
ويمثل الأمم المتحدة المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا ستيفان دي ميستورا، برفقة فريق من خبراء الأمم المتحدة لتقديم المساعدة التقنية للبلدان الضامنة، وخاصة بشأن المعتقلين والمختطفين والمفقودين.
كانت الجولة الـ9 من المفاوضات، جرت حول سوريا في العاصمة الكازاخستانية أستانا، على مدار يومي 14 و15 مايو الماضي، وأسفرت تلك الجولة عن إصدار الدول الضامنة بيانا مشتركا، يشير، على وجه الخصوص، إلى أن اللقاء المقبل لمجموعة العمل لشؤون المحتجزين سيعقد في أنقرة، وأن الجولة المقبلة للمفاوضات حول سوريا في إطار أستانا ستجري في يوليو، إلا أنها خلافا لسابقاتها ستعقد في سوتشي وليس في العاصمة الكازاخستانية، وعلاوة على ذلك، اتفقت الدول الضامنة على أن تجري مشاورات مع ممثلي الأمم المتحدة وأطراف النزاع فيما يخص بداية عمل اللجنة الخاصة بصياغة دستور جديد لسوريا.