بعد خلع «النصرة» عبائة بن لادن.. المخابرات الأمريكية تخدع العالم

بابتسامة هادئة لوجه وسيم، توسط رضوان مرتضى، المعروف باسم أبو محمد الجولاني، رجليّن بدت القسوة على ملامح وجهيهمّا إذا ما قٌورنا بالشاب، الجولاني، الذي يترأس التنظيم الأخطر بين المعارضة السورية، تنظيم جبهة النصرة.لأول مرّة يظهر الجولاني بوجهه على التلفاز، حيث إنه أجرى لقاءًا متلفزًا معلى أحدى الفضائيات في وقتٍ سابق إلا أنه كان ملثمًا. ولم تكن تلك المرة الأولى لوجه الجولاني فقط لينكشف، بل لأشياء كثيرة أيضًا، حيث أعلن الجولاني في المقطع المصوّر أنه ينفصل تمامًا عن تنظيم القاعدة، الذي يقوده، أيمن الظواهري، وأنه في خطوة تشبه محاولة غسل الماضي من قِبل الجولاني، غيّر اسم جماعته، من تنظيم النُصرة إلى جبهة فتح الشام، ولكن يبقى السؤال هل تغيّر شيء؟أمران اهتمت بهم التقارير الخارجية والداخلية المهتمة بالشأن السوري، أولًا حقيقة تغيّر النصرة بعد الانفصال، وثانيهما السبب وراء هذا الانفصال:هل يمكن أن يتفرق من اجتمعوا تحت "بن لادن":كان الرجليّن الذين توسطهما الشاب، هما عبد الرحيم عطون المشهور بـأبو عبدالله الشامي، وأحمد مبروك الملقب بـأبو الفرج المصري. الأول عضو مجلس الشورى واللجنة الشرعية في النصرة، والثاني هو الصديق المقرب لرأس تنظيم القادعة أيمن الظواهري، وجاء حضورها في لفتة رمزية، عن توحد الأراء، بين الأنصار من أهل البلد، وممثلهم، الشامي، والمهاجرين، من أهل القاعدة، وممثلهم المصري، ليظهر ما ستأتي به النصرة من قرارات مؤيد من الكل، من القاعدة قبل أهل الدار.وبالنظر تجاه الأسلوب الذي انفصلت به الجبهة عن القاعدة، سنجد الإجابة على أحد السؤاليّن واضحةً. يخرج عن الظواهري، رأس القاعدة، بيانًا يأذن فيه للنُصرة بالانفصال، قائلًا إن فتح الشام، ووحدة الصفوص أهم من أمور تنظيمية. يعقب ذلك بساعات ظهور الجولاني في المقطع المُصور ليعلن انفصال النصرة عن القاعدة. الأمر الذي يدل بشكل واضح على أن حبلًا للود بين التنظيمين لم ينقطع، ويؤكد ذلك اهتمام الجولاني بشكر زعيمه، السابق، الظواهري عن دوره، قائلًا إن التاريخ سيكتب هذا الموقف بحروف من ذهب، وشاكرًا له على السير على مسيرة أسامة بن لادن ونصيحته بأن: " مصلحة الأمة مقدمة على مصلحة الدولة، وأن مصلحة الدولة مقدمة على مصلحة الجماعة، وأن مصلحة الجماعة مقدمة على مصالح الأشخاص".ويأتي الاستدلال بأسامة بن لادن، بشكل خاص، على متانة الارتباط العقائدي بين الجانبين، مهما حدث، إذ يظهر أن الفٌرقة جائت بشكل صوري، لإحراز أهداف معينة.حيث أن النُصرة لا تقوى على مواجهة تنظيم "داعش" دون مساعدة القاعدة، حيث ستكون بذلك الشكل جماعة وحيدة، يمكن اجتثاثها دون أى رادع. بالإضافة إلى أن الجولاني لا يستطيع الاستغناء عن المقاتلين الأجانب الذين تحت إمرته بناء على أوامر الظواهري،، مثل "الايغور" و"القوقازيين" و"التركستانيين" وغيرهم، الذين يشكلون العصب الحقيقي لمقاتلي "الجولاني".وآتت تغريدات منظري القاعدة معلنة عن أن الإنفصال أمر لا يضر الوحدة في شيء بل يفيد. وهنا تأتي الإجابة على السؤال الثاني، عن كيفية استفادة جبهة النصرة من انفصالها الصوري.الآن.. ما الذي يغيرّه الانفصال لو كان صوريًا:لارتباطها بالقاعدة، كانت النصرة، مدرجة على قوائم الإرهاب، والمستثناه من أي هدنة، أو وقف لاطلاق النار في سوريا. تأتي الآن كفصيل في المعارضة السوريا فكيف تتعامل معها قوات التحالف؟ من المفترض أن تتوقف قوات التحالف عن مجابهة النُصرة، حتى يثبت لديها إنها لا تزال على سيرة القاعدة، وهذا الذي يعد مستبعدًا من قِبل "جبهة فتح الشام" التي حصرت دورها، بانفصالها عن تنظيم القاعدة العالمي، وتغيير اسمها، على محاربة النظام فقط. وبرهن الجولاني على صدق حديثه، مستعينًا، بتجربته السابقة في الإنشقاق عن "ابو بكر البغدادي" الذي طلب منه يومًا ضم سوريا الى العراق، فرفض "الجولاني" وأسس "النصرة"، فيما تزعم "البغدادي" ما يطلق عليه تنظيم الدولة الإسلامية في الشام والعراق.وفي سياق متصل، يرى مراقبون أن قرار فك الارتباط عن القاعدة سيربك مخططات روسيا وأمريكا، ويسحب ذريعة نظام الأسد بأن استهدافه للمناطق السكنية تأتي من حربه على الإرهاب، وخصوصًا الجماعات المرتبطة مع القاعدة.كما ان الانفصال عن القاعدة، سيفتح الباب للفصائل المعارضة في الشام لإعادة الاتحاد مع النصرة، الطرف الأقوى بين المعارضة، مرة آخرى بدون الخوف من هجمالت التحالف التي كانت تستهدف "الجماعات التابعة للقاعدة" في الأوقات السابقة.يأتي ذلك تزامنًا مع أمران هما الأهم على الساحة السورية الآن، أولهم حصار حلب، والتقدم الذي يحرزه قوات الجيش النظامي يومًا بعد يوم في أرض المعركة. وثانيهم التصريح الذي خرج من أيام، يتحدث عن وصول موسكو وواشنطن إلى اتفاقات ستقوي من الهجمات المستهدفة للجهات المتطرفة في سوريا.