"نقص الأسمدة واحتكار السوق السوداء" أزمة تهدد صيف كفر الشيخ الزراعي

الأسمدة تختفي في كفر الشيخ.. والمزارعون يدفعون الثمن

الثلاثاء 06 مايو 2025 | 02:06 مساءً
عملية تسميد الأرض
عملية تسميد الأرض
كتب : علاء بسطويسي

مع بداية موسم الزراعة الصيفي في محافظة كفر الشيخ، يبدأ القلق ينتاب المزارعين ، فبينما يبدأ المزارعين في تجهيز أراضيهم لزراعة الذرة، والأرز، والفاكهة الصيفية، يجدون أنفسهم محاصرين بأزمة متكررة، وهي النقص الشديد في الأسمدة المدعمة، وارتفاع جنوني في الأسعار بالسوق السوداء، وسوء جودة البدائل المتاحة, في واحدة من أهم المحافظات الزراعية بمصر، والتي تمثل شريانًا حيويًا في إنتاج الأرز والفاكهة والقطن, تهدد الأزمة هذا العام موسم الصيف بأكمله.

يحضر الموسم وتغيب الأسمدة

في قرية "الزعفران" التابعة لمركز الحامول بكفر الشيخ، يقف المزارع عم حسن على حافة أرضه،  وهو يستعد لزراعة الذرة الشامية، يتفقد التربة بعين القلق يقول "بدأنا نجهز الأرض على أمل نستلم السماد من الجمعية، لكن طلع لنا 5 شكاير للفدان، واحنا محتاجين 10 على الأقل، مفيش غير السوق السوداء، والشيكارة بـ700 جنيه وتصل لـ 1200 جنيه, في حين أن السعر الرسمي الصادر من وزارة الزراعة في أبريل 2025، سعر شيكارة اليوريا لا يتجاوز 364 جنيهًا، والنترات 259 جنيهًا، لكن هذه الأسعار لا تتوفر فعليًا سوى على الورق فقط.

في السوق السوداء، تتراوح الأسعار بين 700 إلى 1200 جنيهًا للشيكارة، بحسب نوع السماد والمنطقة، ما يرفع تكلفة زراعة فدان الأرز أو الذرة إلى أكثر من 9000 جنيه فقط للأسمدة، دون احتساب تكاليف الحرث والتقاوي والسولار والعمالة.

تنطلق زراعة المحاصبل الصيفية هذا الشهر

يمثل شهر مايو من كل عام بداية الزراعة الصيفية لمعظم المحاصيل، خاصة في مناطق مثل كفر الشيخ، حيث يبدأ الفلاحون في زراعة الأرز، والذرة الصفراء والقطن ومحاصيل الفاكهة مثل البطيخ والشمام والعنب.

يقول يوسف داوود، مزارع من دسوق, " إن محصول الأرز تحديدًا محتاج تسميد منتظم، ولو اتأخرت شيكارة واحدة عن ميعادها، الإنتاج بيقل 30% , السنة اللي فاتت زرعت 2 فدان، طلعوا 3 طن بدل 4.5 طن بسبب نقص السماد".

وأكد أن عدداً كبيراً من جيرانه قرروا هذا العام تقليص المساحات المزروعة أو التوقف عن زراعة الأرز تمامًا، في ظل ارتفاع التكلفة وعدم ضمان تحقيق هامش ربح.

السوق السوداء تسحب الأسمدة قبل وصولها للجمعيات

من جانبه أوضح مسئول في مديرية الزراعة بكفر الشيخ، فضّل عدم ذكر اسمه، أن أسباب الأزمة تتعلق بعوامل عدة أهمها:

سحب كميات كبيرة للسوق السوداء قبل وصولها إلى الجمعيات الزراعية.

زيادة أسعار النقل بعد رفع أسعار السولار الشهر الماضي.

انخفاض حصص الجمعيات الزراعية من الأسمدة.

تأخر وصول الكميات من الشركات المنتجة.

هذا ما أكده البيان الصادر عن مديرية التموين بكفر الشيخ، أنه تم ضبط ما يزيد عن 16 طنًا من الأسمدة المدعمة المخزنة للبيع خارج المنظومة، في مراكز بلطيم وسيدي سالم، خلال شهر أبريل فقط.

لم تقف الأزمة عند ارتفاع أسعار الأسمدة ونقصها في الجمعيات الرسمية فحسب، بل يلجأ المزارعون للشراء من السوق غير الرسمية، حيث الجودة موضع شك, يقول الحاج عبد البديع، مزارع فاكهة في بلطيم "جبت شيكارة نترات من السوق الحر، شكلها باهت وبتسيب بودرة زي الطباشير, رشيتها على شجر العنب، وورقه اصفر ووقع ده مش سماد.. دي مصيبة "

ويحذر خبراء الزراعة من استخدام أسمدة مغشوشة قد تؤدي إلى إجهاد التربة, وانخفاض خصوبتها على المدى الطويل، ما يهدد بإضعاف الموسم الصيفي الحالي والمواسم القادمة إن استمر الأمر على نفس هذا الوضع.

المزارعون: الجمعيات الزراعية تفتقر للرقابة

رغم تأكيدات وزارة الزراعة بأن هناك "خطة لتوفير السماد"، إلا أن المزارعين يرون أن تلك الوعود لا تُترجم إلى واقع. ويقولون إن الجمعيات الزراعية تفتقر للرقابة، والتوزيع يخضع أحيانًا لـ"المعارف والمحسوبية"، وليس للعدالة في الحصص.

ومن جانبه يرى المهندس محمود صبري، المهندس والباحث الزراعي, أن ما يحدث هو انعكاس لخلل هيكلي, ولا توجد آلية شفافة للتوزيع، ولا متابعة فعالة للأسعار, مؤكدًا أن الدعم الحقيقي للفلاح اختفى، وتُرك يواجه السوق وحده.

بين نقص السماد وغلاء السوق، لا يملك المزارع في كفر الشيخ سوى الصبر أو التراجع, ومع بداية موسم صيفي حرج، تزداد التحديات التي تواجه الزراعة، وتلوح في الأفق خسائر محتملة في الإنتاج والدخل القومي, لنصبح أمام موسم زراعي كامل مهدد، وأمن غذائي في مهب الريح.

اقرأ أيضا