لماذا ارتفعت أسعار الوقود محليًا رغم تراجع أسعار النفط عالميًا؟

الجمعة 11 ابريل 2025 | 07:36 مساءً
ارتفاع أسعار الوقود
ارتفاع أسعار الوقود
كتب : علا عوض

في الوقت الذي تتصدر فيه أخبار تراجع أسعار النفط العالمي عناوين الصحف، يفاجأ المواطن بارتفاع أسعار الوقود محليًا، مما يثير حالة من الجدل والتساؤل: إذا كان برميل النفط قد انخفض، فلماذا ندفع أكثر؟

ولفهم المفارقة، لا بُد من النظر إلى الصورة الكاملة التي تجمع بين العوامل المحلية والدولية المؤثرة على تسعير المنتجات البترولية.

أولًا: السوق المحلي

 آلية التسعير التلقائي.. كيف تُحتسب الأسعار؟

تطبق مصر آلية التسعير التلقائي للمنتجات البترولية منذ 2019، والتي تراجع الأسعار كل ثلاثة أشهر، وتعتمد على ثلاثة عناصر رئيسية، وهي: السعر العالمي لخام برنت، وسعر صرف الدولار مقابل الجنيه، وأيضًا تكاليف محلية تشمل النقل والتكرير والتوزيع، ولذلك حتى مع انخفاض السعر العالمي، إذا ارتفع الدولار أو زادت التكاليف المحلية، ترتفع الأسعار.

الدولار كلمة السر في كل زيادة

في سوق يعتمد على الاستيراد، أي تحرك في سعر الدولار ينعكس فورًا على التكلفة، ومع استمرار تراجع الجنيه أمام الدولار، تكون النتيجة الطبيعية، زيادة في أسعار الوقود، بغض النظر عن اتجاه النفط العالمي.

 الدعم وتوجيه الموارد

تعمل الدولة على إعادة توجيه الدعم تدريجيًا نحو الفئات المستحقة، مما يؤدي إلى زيادات محسوبة في أسعار المنتجات البترولية، في إطار إصلاح اقتصادي طويل الأمد.

ثانيًا: السوق العالمي

تراجع أسعار النفط ليس دائمًا نعمة

انخفض سعر برميل النفط عالميًا بفعل تباطؤ الطلب العالمي وزيادة الإنتاج، لكنه ليس العامل الوحيد. هناك تكاليف إضافية لا تقل أهمية مثل: أجور الشحن والتأمين، وتأخر وصول التأثير الفعلي إلى السوق المحلي، والتوترات الجيوسياسية (مثل أزمة البحر الأحمر).

الفارق الزمني بين السوقين

الآلية المحلية تعتمد على متوسط الأسعار العالمية في فترة سابقة (3 شهور)، لذا حتى إذا انخفض السعر اليوم، قد لا يظهر التأثير إلا بعد دورة التسعير القادمة.

ثالثًا: لماذا لا نشعر بانخفاض النفط؟

وفي الغالب لا نشعر بانخفاض أسعار النفط؛ لأن السوق المحلي يتأثر بـ"معادلة مركبة" تتجاوز سعر النفط الخام، وتتضمن العملة المحلية، تكاليف النقل، الضرائب، وسياسات الدعم، لذلك فإن أي تحسن عالمي لا يكون له أثر مباشر أو فوري ما لم تتوافر ظروف محلية مواتية.

وفي النهاية، فارتفاع أسعار الوقود محليًا رغم انخفاض النفط عالميًا ليس مفارقة بقدر ما هو انعكاس لحقيقة اقتصادية أوسع، والفهم السليم للعوامل المؤثرة — من الدولار، إلى التكاليف المحلية، إلى السياسات الاقتصادية — يكشف أن السعر المحلي هو نتيجة "توازن دقيق" بين عوامل داخلية وخارجية، وليس رقمًا عالميًا فقط.