التضخم في مصر.. هل بدأ يتراجع فعلًا أم هدنة مؤقتة؟

الخميس 10 ابريل 2025 | 10:04 مساءً
التضخم، تعبيرية
التضخم، تعبيرية
كتب : علا عوض

 

شهدت مصر خلال الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2025 تحولات ملحوظة في معدلات التضخم، ما بين تراجع مفاجئ وصعود طفيف أعاد المخاوف من جديد.

 في هذا التقرير، نستعرض حركة الأسعار خلال يناير، فبراير، ومارس، ونوضح ما إذا كان ما يحدث بداية لانفراجة أم مجرد استراحة قصيرة في طريق طويل.

يناير.. بداية مرتفعة وسط ضغوط اقتصادية

بدأ عام 2025 بمعدل تضخم سنوي مرتفع نسبيًا، حيث تخطى 24%، جاء ذلك نتيجة استمرار تداعيات تراجع العملة المحلية وارتفاع تكاليف الاستيراد. 

وشهدت أسعار السلع الأساسية والخدمات زيادات ملموسة، خاصة في مجالات الغذاء والطاقة، ما أثر بشكل مباشر على القوة الشرائية للمواطن.

فبراير.. مفاجأة غير متوقعة في هبوط الأسعار

بعكس التوقعات، سجل التضخم في فبراير انخفاضًا كبيرًا ليصل إلى حوالي 12.8%. هذا التراجع أثار تساؤلات كثيرة، خاصة أنه جاء بعد شهور من التصاعد المستمر.

 أحد الأسباب الرئيسية لهذا التراجع هو ما يُعرف بتأثير سنة الأساس، حيث كانت الأسعار في نفس الشهر من العام الماضي مرتفعة جدًا، مما جعل المقارنة السنوية تظهر انخفاضًا حادًا.

مارس.. ارتفاع طفيف يعيد القلق للأسواق

في مارس، ارتفع معدل التضخم مجددًا إلى نحو 13.6%، ورغم أن الزيادة لم تكن كبيرة، إلا أنها كانت كافية لإثارة المخاوف بشأن عودة موجة ارتفاعات جديدة.

 الأسعار الشهرية صعدت بنسبة 1.6%، خاصة في قطاع الأغذية، ما يشير إلى أن الضغط لا يزال قائمًا في بعض القطاعات الحيوية.

هل نحن على الطريق الصحيح؟

رغم التراجع في فبراير، لا يمكن الجزم بأن التضخم تحت السيطرة بعد، فالصعود في مارس يعكس هشاشة التحسن، خاصة مع استمرار التحديات العالمية والمحلية، السياسات النقدية المشددة، إلى جانب دعم صندوق النقد، قد تساعد على احتواء الوضع، لكن الاستقرار الكامل لا يزال بحاجة إلى وقت وإصلاحات أعمق.

الشيمي: التضخم تحت المجهر

في هذا السياق، يقول الدكتور محمد الشيمي، الخبير الاقتصادي، إن الانخفاض الكبير في معدل التضخم خلال فبراير كان متوقعًا جزئيًا بسبب تأثير سنة الأساس، لكنه لا يعكس بالضرورة تحسنًا هيكليًا في الاقتصاد.

وأضاف «الشيمي»، أن عودة الارتفاع في مارس تؤكد أن الضغوط التضخمية ما زالت قائمة، خاصة في ظل التحديات المرتبطة بسلاسل الإمداد وتقلبات سعر الصرف، موضحًا: «الحكومة أمامها فرصة لتعزيز الاستقرار من خلال الاستمرار في سياسات ترشيد الدعم وتحفيز الإنتاج المحلي، لكن تحقيق نتائج ملموسة سيتطلب وقتًا واستقرارًا في السياسات الاقتصادية».

واختتم الخبير الاقتصادي، أن التغيرات السريعة في معدلات التضخم تعكس واقعًا اقتصاديًا غير مستقر بعد، فالانخفاض في فبراير كان بمثابة هدنة، لكن ارتفاع مارس يُذكر بأن الطريق ما زال طويلاً، مؤكدًا: «ويبقى الأمل قائمًا، لكنه مشروط باستمرار الجهود الاقتصادية والإصلاحات الجادة».