تطبيقات التداول الإلكتروني بوابة جديدة تبتلع أموال المواطنين ويتكسب منها أقلية، مثل "بينانس"، و"إكسينس تريد"، و"إي أو بروكر"، و"ميتا تريدر".
هذه التطبيقات انتشرت بصورة كبيرة بين الشباب، وأصبحت أحد صور الاقتصاد غير الرسمي المتهرب من الرسوم والضرائب، بل وتهدد بضياع مليارات الدولارات على البلاد في حالة إغلاقها فجأة، كما يحدث من حين لآخر. وإذا لم تتعرض لها الحكومة بالتنظيم والتشريع، سنرى متضررين جددًا ومستريحين جددًا في عالم التداول.
أحد المضاربين: طرق مختلفة للتداول عبر المنصات
يوضح أحد المضاربين أن التطبيقات الجديدة تساعد على تحقيق الربح بطرق متعددة، منها التداول المباشر على السلع والعملات، وبعضها يوفر خدمة التداول نيابة عن صاحب المال، بينما يطلب البعض الآخر مبالغ محددة مقابل ربح محدد مسبقًا. ويمكن بدء التداول من أول 10 دولارات في بعض التطبيقات.
ويضيف أن إغلاق المنصات فجأة في وجه المتعاملين بعد جمع مبالغ كبيرة، كما حدث مع منصات FBC، وGME، وBTS، يؤدي إلى تشويه سمعة بعض التطبيقات الأكثر أمانًا. ويؤكد أنه لو استمرت تلك المنصات في العمل، لما شعر بها أحد، مشيرًا إلى أن العديد من المنصات ما زالت مستمرة في العمل، والسيطرة عليها صعبة.
قانونية التداول على التطبيقات والمنصات الإلكترونية
يوضح الدكتور أحمد الشارودي، الخبير الاقتصادي المتخصص في تقييم استراتيجيات مكافحة غسل الأموال وعضو هيئة الرقابة المالية، أن مصر لا تسمح بتداول السلع أو العملات وفقًا للقانون، وجميع هذه المنصات غير مرخصة وغير مراقبة. وأكد أن تداول الأسهم المطروحة من الشركات المقيدة في البورصة المصرية والخاضعة لهيئة الرقابة المالية هو التداول الوحيد المصرح به قانونًا.
ويضيف في تصريحه إلى «بلدنا اليوم» أن التأكد من قانونية أي نشاط تداول لا يتطلب سوى زيارة موقع الهيئة العامة للرقابة المالية وموقع البورصة المصرية للتأكد من إدراج الشركة كعضو مسموح له بمزاولة النشاط.
ويختتم حديثه بأن هيئة الرقابة المالية أصدرت عدة تحذيرات بخصوص التداول في المنصات التي تتعامل بالعملات الرقمية والسلع وغيرها، مشيرًا إلى أن عمل تلك التطبيقات في دول أخرى لا يمنحها شرعية داخل مصر. كما لفت إلى أن تلك المنصات قد تكون بوابة خلفية لتحويل الأموال في بعض الحالات.
منصات التداول وتحويل الأموال خارج مصر
في السياق ذاته، يقول الدكتور وائل النحاس، الخبير الاقتصادي، إن تداول المنصات انتشر بصورة غير مسبوقة، خاصة مع حصول بعض تطبيقات التداول على الترخيص الإماراتي، مثل "بينانس"، التي تجري تحويلاتها داخل مصر من خلال بنوك إماراتية، ويتولى إدارة العملية سمسار مسؤول عن المنصة داخل البلد الذي لا يُرخص بها التطبيق.
وأشار إلى أنه خلال الأعوام السابقة، كشفت بيانات عن خروج 5 مليارات دولار من مصر عبر منصة "بينانس" وحدها. وأضاف أن تلك المنصة وغيرها يمكن استغلالها في تهريب وغسل الأموال، لأنها بلا رقابة نهائيًا.
وأوضح أن تقنين منصات التداول في مصر صعب حاليًا، نظرًا لنقص الدولار وتآكل السيولة في البورصة، حيث سيتوجه العديد من المضاربين بأموالهم إلى تلك المنصات بحثًا عن ربح أكبر، ما يفاقم أزمة السيولة في البلاد، خاصة مع تهريب البعض للأموال خارج مصر أو الاحتفاظ بها على المنصة نفسها.
وأكد أن بعض الدول قامت بتقنين تلك المنصات لتحصيل رسوم وضرائب على الأرباح، مع إخلاء كامل لمسؤولية الدولة عن الخسائر أو تعرض المتداول للاحتيال. وربما تسير مصر في هذا الاتجاه مستقبلًا، أما الآن فالظروف الاقتصادية لا تسمح بذلك. لذا، فمن المحتمل أن تخطر الحكومة مسؤولي المتاجر الإلكترونية، مثل "آبل" و"أندرويد"، بوقف عمل منصات التداول داخل مصر.
عبد الغني هندي: الشرع يسير مع القانون
وعن الرأي الفقهي فيما يخص التداول ومدى شرعيته، يؤكد الدكتور عبد الغني هندي، عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، عدم جواز التكسب من تلك المنصات، وفقًا لقاعدة "الشرع يسير مع القانون في الأمور المستحدثة".
بينانس تغادر الولايات المتحدة بعد اتهامات بالتلاعب
واجهت منصة "بينانس" اتهامات بالاحتيال ومزاولة أعمال غير مرخصة في الولايات المتحدة الأمريكية عام 2023. ونقلت وكالة "بلومبرج" عن غاري غينسلر، رئيس هيئة الأوراق المالية الأمريكية، قوله: "13 اتهامًا يكشفون تلاعب بينانس وإدارتها شبكة من الخداع في ظل غياب الإفصاح وتضارب المصالح".
وبسبب هذه الاتهامات، اضطرت المنصة إلى وقف التحويلات بعد أن أخطرتها شركات الدفع الإلكتروني والبنوك بوقف تعاملاتها. ومع ذلك، عادت للعمل من جديد بعد التوجه إلى الإمارات والحصول على تراخيص جديدة لمزاولة النشاط.