تواجه المشروعات الصغيرة والمتوسطة الكثير من التحديات، والتي يأتي في مقدمتها نقص التمويل وتكاليفه، مما يحد من قدرتها على التوسع والنمو، إضافةً إلى التحديات المتعلقة بالتسويق، ونقص التكنولوجيا وارتفاع تكلفتها.
تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة
وتُعَدّ تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة ركيزةً أساسيةً لتحقيق النمو الاقتصادي في مصر، بهدف تحقيق تنمية اقتصادية مستدامة. ولذا، ترجمت قطاعات عديدة من الدولة هذه الرؤية إلى أهداف وبرامج، وبدأت بالفعل في تنفيذها.
"بلدنا اليوم" تستعرض في هذا التقرير مع خبراء الاقتصاد التحديات التي تواجه المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وكيفية التغلب عليها.
تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة
في البداية، يؤكد الدكتور محمد عطية الفيومي، رئيس مجلس إدارة الغرفة التجارية بالقليوبية، أن المشروعات الصغيرة والمتوسطة تمثل العمود الفقري للاقتصادات النامية والمتقدمة، حيث تسهم بنسبة 70% من الناتج القومي في العديد من الدول.
وأوضح أن الجهات العاملة في مجال تمويل المشروعات منحت تمويلات لصالح المشروعات متناهية الصغر خلال الربع الأخير من عام 2024، بقيمة بلغت نحو 22.445 مليار جنيه، مقابل 21.008 مليار جنيه خلال الفترة ذاتها من عام 2023.
حجم التمويلات الممنوحة لصالح المشروعات المتوسطة والصغيرة
وبلغت قيمة التمويلات الممنوحة لصالح المشروعات المتوسطة والصغيرة نحو 5.623 مليار جنيه خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة من عام 2024، مقابل نحو 2.625 مليار جنيه خلال الفترة نفسها من عام 2023.
وأشار إلى أن البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، والبنك المركزي المصري، أطلقا البرنامج الوطني لتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة، بالشراكة مع المؤسسات المالية المحلية، مشيرًا إلى أن دور البرنامج لا يقتصر على تقديم التمويل فقط، بل يشمل خدمات متعددة، مثل التدريب، والإرشاد، وورش العمل، بهدف تزويد رواد الأعمال بالمهارات الأساسية لإدارة المشاريع بفعالية، بما في ذلك استراتيجيات التسويق، وإدارة الموارد المالية، والتخطيط الاستراتيجي.
تقليل فاتورة الاستيراد
وفي السياق ذاته، أوضح الدكتور أشرف غراب، الخبير الاقتصادي، أن مشروعات الصناعات الصغيرة والمتوسطة تساعد على سد احتياجات السوق المحلية، وتسهم في تقليل فاتورة الاستيراد؛ إضافةً إلى دورها في تحسين الإنتاجية وزيادة المعروض من بعض المنتجات في السوق المصرية.
تشغيل ملايين الشباب
وأضاف أن المشروعات الصغيرة والمتوسطة تقدم المزيد من فرص العمل، وتسهم في تشغيل ملايين الشباب، مما يقلل نسبة البطالة. وعلاوة على ذلك، يُمكن لتلك المشروعات أن تُشارك في زيادة الاحتياطي النقدي من خلال تصدير بعض السلع، خاصة المنتجات الحرفية والغذائية.
وأشار إلى أن مصر تُعد من أكبر الدول العربية من حيث عدد وكثافة المشروعات الصغيرة والمتوسطة العاملة فيها؛ حيث يبلغ عدد هذه المشروعات حوالي 2.45 مليون مشروع، ويُضاف سنويًا نحو 39 ألف مشروع في المتوسط. كما أن نحو 85% من تلك المشروعات تُصنف على أنها مشروعات متناهية الصغر، بينما 14% منها مشروعات صغيرة، ونحو 2% فقط مشروعات متوسطة.
وطالب غراب بضرورة إطلاق مبادرات لتشجيع أصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة، ودعم الشباب للبدء في هذه المشروعات، وتوفير الدعم المالي من خلال طرح مبادرة تمويلية جديدة ميسرة من البنك المركزي، لتوفير سيولة مالية لهذه المشروعات بفائدة مخفضة، ولتكن 5%، كما فعلها المركزي سابقًا، مع العلم أن البنك المركزي ألزم البنوك بزيادة تمويل المشروعات المتوسطة والصغيرة بنسبة تصل إلى 25% من إجمالي محفظة التسهيلات الائتمانية، وتخصيص 10% كحد أدنى للشركات الصغيرة.
وشدد على ضرورة تقديم الخدمات التسويقية واللوجستية والتكنولوجية لهذه المشروعات، وذلك عن طريق أجهزة الدولة المتخصصة، وإزالة كافة العراقيل التي تواجههم، وتدريب وتأهيل الكوادر البشرية حتى تتحول المشروعات الصغيرة إلى قاطرة للنمو ودعم الصناعات الكبيرة، وتوفير فرص عمل للشباب، خاصة أن مصر تحتاج سنويًا إلى مليون فرصة عمل لاستيعاب الخريجين.
كما طالب بتقديم إعفاءات كبيرة وحوافز ضريبية وجمركية لهذه المشروعات، وإصدار كافة التراخيص لهم مرة واحدة من الشباك الواحد، بدلاً من اللف على كافة المصالح الحكومية لاستخراج التراخيص، حتى يسعى أصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر غير المرخصة إلى أن يصبحوا رسميين وينضموا إلى الاقتصاد الرسمي للدولة، ويرخصوا مشروعاتهم.