منذ اللحظات الأولى لـ اندلاع حريق هائل داخل المعامل المركزية لوزارة الصحة في منطقة وسط القاهرة، وفي لحظات فارقة بين الحياة والموت، كان رجال الحماية المدنية يسابقون الزمن، يخترقون ألسنة اللهب ويواجهون الدخان الكثيف لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.
أصوات سيارات الإطفاء تمزق سكون الليل، بينما يقف سكان المنطقة في ذهول وقلق، يراقبون المشهد المروع الذي يهدد معلماً صحياً حيوياً، لم يكن مجرد حريق، بل اختبار لشجاعة رجال الإطفاء الذين وقفوا في الصفوف الأولى، مضحين بسلامتهم لمنع وقوع كارثة أكبر.
تفاصيل حريق المعامل المركزية
اندلع الحريق في المعامل المركزية التابعة لوزارة الصحة بشارع الشيخ ريحان في منطقة وسط البلد بالقاهرة في الساعات الأولى من صباح الجمعة، وسرعان ما انتشرت النيران في أرجاء المبنى، مهددة بتدمير محتوياته الهامة.
تلقت غرفة عمليات الحماية المدنية بلاغًا فوريًا، فتم الدفع بأكثر من 20 سيارة إطفاء وخزانات مياه استراتيجية في محاولة لاحتواء الكارثة، كانت التحديات جسيمة، حيث ساهمت طبيعة المواد الكيميائية المخزنة في المبنى في اشتعال النيران بشكل مكثف.
رجال الإطفاء، رغم الدخان الذي أعاق الرؤية والحرارة المرتفعة، اقتحموا المبنى بكل بسالة، محاولين كبح ألسنة اللهب التي تلتهم الطوابق العلوية.، كانت مهمتهم مزدوجة السيطرة على الحريق ومنع امتداده إلى المباني المجاورة المكتظة بالسكان.
استغرقت عمليات الإطفاء أكثر من خمس ساعات متواصلة، استخدمت خلالها الحماية المدنية السلالم الهيدروليكية وخراطيم المياه ذات الضغط العالي لمحاصرة النيران، رغم صعوبة المهمة، نجحوا في إخماد الحريق قبل أن يمتد إلى منشآت حيوية أخرى في وسط المدينة.
بعد السيطرة على الحريق، بدأت عمليات التبريد لمنع اشتعال النيران مجددًا، فيما انتقل فريق من المباحث الجنائية وخبراء المعمل الجنائي إلى موقع الحادث لفحص أسباب اندلاع الحريق وتحديد مدى الأضرار.
التقارير الأولية تشير إلى أن الحريق أسفر عن خسائر مادية جسيمة، حيث دُمرت أجزاء واسعة من المعامل وأُتلفت بعض الأجهزة والمعدات الطبية الحيوية، ومع ذلك، لم تُسجل أي خسائر في الأرواح أو إصابات بين العاملين أو رجال الإطفاء، وهو ما يُعد إنجازًا كبيرًا في ظل حجم النيران المشتعلة.
محافظ القاهرة، اللواء إبراهيم صابر، أشاد بجهود رجال الحماية المدنية، مؤكدًا أن سرعة استجابتهم وخبرتهم جنّبت العاصمة كارثة محققة، كما شدد على ضرورة مراجعة أنظمة السلامة في المنشآت الحيوية لتجنب تكرار مثل هذه الحوادث.
من جانبه، عبر المواطنون الذين تابعوا المشهد من شرفات منازلهم عن امتنانهم لرجال الحماية المدنية، الذين لم يتراجعوا لحظة رغم المخاطر.
تحقيقات موسعة
لا تزال التحقيقات جارية لمعرفة الأسباب الحقيقية وراء اندلاع الحريق، وما إذا كان هناك أي إهمال تسبب في هذه الكارثة، وسط تأكيدات من الجهات المختصة باتخاذ إجراءات صارمة لضمان عدم تكرار الحادث.
ووسط الدمار الذي خلفته النيران، يظل المشهد الأبرز هو شجاعة رجال الإطفاء، الذين وقفوا على خط النار، ليحفروا أسماءهم بحروف من نور في سجل البطولات التي لن تُنسى.



















