مع اشتعال المنافسة في السباق الرمضاني، يبرز مسلسل "حكيم باشا" كأحد الأعمال الأكثر إثارة للجدل، خاصة مع تقديم الفنان مصطفى شعبان لدوره الأول باللهجة الصعيدية.
يتنافس المسلسل بشراسة مع أعمال أخرى، مثل "فهد البطل" لـ أحمد العوضي على صدارة المشاهدات لكنه يثير في الوقت ذاته العديد من التساؤلات النقدية حول طبيعة شخصيته الرئيسية، والتعاطف الجماهيري الذي يحظى به رغم تورطه في أعمال غير مشروعة.
البطل.. المجرم المحبوب
منذ اللحظة الأولى نجح المسلسل في رسم شخصية "حكيم باشا" كزعيم صعيدي يمتلك كاريزما خاصة، لكن اللافت هو قدرة العمل على كسب تعاطف المشاهدين مع شخصية تحمل صفات متناقضة فهو رجل يتورط في التهرب الضريبي والاتجار بالآثار، لكنه يظهر في صورة الضحية أمام غيرة الأقارب، وتحالف الأعداء، وصراعات الثأر التي تحيط به.
هذه المفارقة ليست جديدة على الدراما المصرية، لكن المسلسل يأخذها إلى "ليفل" آخر، حيث لا يواجه حكيم باشا خصومه بالصراخ أو التهديدات التقليدية، لكنه يعتمد على الدهاء مع ابتسامة ساخرة، وهو ما يذكرنا بشخصيات "اللا بطل" في الدراما العالمية، حيث يكون المجرم هو الأكثر جاذبية، وربما الأكثر استحقاقا للتشجيع.
اللهجة الصعيدية
يحسب لـ مصطفى شعبان اجتهاده في تقديم اللهجة الصعيدية بشكل مقبول، إذ أتقن مخارج الحروف وتمكن من إضفاء لمسة طبيعية على أدائه، ورغم ذلك يظل هناك بعض المبالغات في أسلوب الحوار، خاصة مع بعض الشخصيات الثانوية التي بدت وكأنها تؤدي مشاهد مسرحية أكثر منها مشاهد درامية طبيعية.
الديكور.. بين الواقعية والأوفر
واجه المسلسل انتقادات حادة بسبب تصويره للحياة الصعيدية في إطار بالغ الفخامة إذ تعيش الشخصيات في قصور مترفة أشبه بمنازل الأمراء، وهو ما دفع بعض المشاهدين للتشكيك في مصداقية الديكور ووصفه بـ"الأوفر" إلا أن الفنانة دينا فؤاد في تصريحات لها أكدت أن هذه القصور مستوحاة من الواقع، مشيرة إلى وجود عائلات صعيدية تمتلك قصور بهذا المستوى وأكثر، وهو دفاع منطقي لكنه لا ينفي أن المشاهد العادي ما زال يجد صعوبة في تصديق هذه الصورة.
كوميديا داخل التراجيديا
إحدى النقاط التي ميزت "حكيم باشا" هي إدخال العنصر الكوميدي في خضم الأحداث الدرامية الثقيلة لكي يخفف من وطأة الصراعات العائلية والانتقام والثأر من خلال تعليقات ساخرة وحوارات ذكية، وهو ما أضفى طابع خاص على العمل، خاصة أن هذه التوليفة نادر ما تُستخدم في الدراما الصعيدية.
صراع الإنتاج والترويج
في سياق خارج عن القصة كشف المؤلف محمد الشواف الذي ستعاون مع مصطفى شعبان للمرة الثالثة بعد مسلسلي "بابا المجال والمعلم" عن تعرضه للابتزاز من مجهولين طلبوا منه مبالغ مالية ضخمة للترويج للمسلسل، تحت تهديد تشويه سمعة المسلسل، وهذه الواقعة تسلط الضوء على كواليس صناعة الدراما الرمضانية، حيث لم يعد الحكم على الأعمال مقتصر على الجمهور والنقاد، بل أصبح جزء من حرب تسويقية تدور في الكواليس.
وبغض الطرف عن المبالغات في الصورة البصرية والتعاطف الغير مبرر مع شخصية "البطل" الذي يمارس أعمالًا غير مشروعة لكن "حكيم باشا" نجح في تقديم رؤية جديدة لشخصية "الكبير الصعيدي"، حيث مزج بين القوة والدهاء، والسخرية وابتعد عن الصورة النمطية السائدة في الدراما الصعيدية.