في شوارع القاهرة والجيزة المزدحمة، وبين زحام السيارات والمارة، تتعدد وجوه التسول وتتنوع أساليبه، حيث يلجأ بعض المتسولين إلى استجداء العطف بطرق مبتكرة، خاصة مع حلول شهر رمضان المبارك، مستغلين مشاعر الرحمة والإنسانية لدى المواطنين، فالبعض يتظاهر بالإعاقة، وآخرون يحملون أطفالًا صغارًا لإثارة الشفقة.
فيما يلجأ آخرون إلى أساليب أكثر إلحاحًا، مثل طرق زجاج السيارات أو التمسك بها عند الإشارات، بحثًا عن "حسنة" مهما كانت قيمتها، والتي كان آخرها واقعة القبض على طفل لقيامه بالتسول واستجداء قائدي المركبات وتعريض حياته للخطر، عقب قيامه بالإمساك بزجاج السيارات خلال سيرها، وعقب انتشار مقطع فيديو عبر مواقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، تم إلقاء القبض عليه رفقة والدته.
ودلت التحقيقات، أن البداية كانت عندما نجحت الأجهزة الأمنية بمديرية أمن القاهرة في القبض على طفل بمنطقة عبد المنعم رياض أثناء قيامه بالإمساك بزجاج السيارات والتسول من قائدي المركبات، حيث كان يطلب منهم الحصول على أموال مقابل ترك السيارة، مستخدمًا عبارة "يا بيه هات جنيه".
جاء ذلك في إطار جهود الأمن لمكافحة الظواهر السلبية والتصدي لجرائم التسول التي انتشرت في بعض المناطق الحيوية بالعاصمة.
وخلال عملية الضبط، تبين أن الطفل يستهدف السيارات المتوقفة عند الإشارات المرورية، ويمارس أسلوبًا ينطوي على الإلحاح لإجبار السائقين على دفع مبالغ مالية، مستغلًا تعاطف المارة والسائقين.
وبالتحقيق مع الطفل، أقر بأنه يمارس هذا النشاط منذ فترة، وأنه يتردد على منطقة عبد المنعم رياض يوميًا لتحقيق مكاسب مادية، مشيرًا إلى أنه يعمل تحت إشراف والدته، التي تدفعه للنزول إلى الشارع لممارسة التسول وجمع الأموال.
على الفور، تمكنت الأجهزة الأمنية من ضبط والدة الطفل، حيث تبين أنها تقوم بإرسال ابنها يوميًا إلى الشوارع والميادين المزدحمة لممارسة التسول، مستغلةً صغر سنه لتجنب الملاحقات الأمنية، كما أنها تقوم بجمع الأموال التي يتحصل عليها الطفل يوميًا.
اعترافات والدة الطفل متسول
وخلال استجوابها أمام رجال مباحث القاهرة، أقرت الأم بأنها تعتمد على دخل ابنها من التسول كمصدر رئيسي للإنفاق، مبررة ذلك بظروفها الاقتصادية الصعبة وعدم قدرتها على توفير احتياجاتها المعيشية بوسائل أخرى.
وأوضحت أنها كانت تعلم بخطورة الأمر، لكنها لم تجد بديلًا عن إرسال ابنها للشارع لجلب المال.
وكشفت التحقيقات أن الطفل سبق ضبطه في وقائع مشابهة، وأنه عاد لممارسة التسول بعد الإفراج عنه في كل مرة، ما دفع الأجهزة الأمنية إلى اتخاذ إجراءات أكثر صرامة لمكافحة هذه الظاهرة التي تستغل الأطفال في أعمال غير مشروعة.
مصدر أمني: جهود مكثفة لمكافحة التسول
وفي السياق ذاته، أكد مصدر أمني أن الحملة التي استهدفت الطفل ووالدته تأتي ضمن جهود موسعة لمكافحة التسول، خاصة في المناطق الحيوية التي تشهد زحامًا مروريًا، مشيرةً إلى أن هناك خططًا لزيادة الحملات الأمنية للقضاء على هذه الظاهرة.
واضاف المصدر في تصريحات خاصة لـ «بلدنا اليوم»، أن التحرك الأمني، لاقى استحسان المواطنين، الذين طالبوا بتشديد العقوبات على من يستغل الأطفال في أعمال التسول، والعمل على إيداع هؤلاء الأطفال في دور رعاية لحمايتهم من الاستغلال.


