لا شك أن التعليم هو الأساس لبناء المجتمعات وتطويرها، وفي مصر تظل العملية التعليمية محل اهتمام دائم من قبل أولياء الأمور والمجتمع بأكمله.
ومن بين الأصوات المؤثرة التي تسعى لتحسين هذه المنظومة، تبرز عبير أحمد، مؤسِسة اتحاد أمهات مصر للنهوض بالتعليم، التي نجحت في فتح صفحة إلكترونية على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" لسماع صوت الآباء والأمهات، وعرض مطالبهم ومقترحاتهم على الوزارة.
في هذا الحوار الخاص مع "بلدنا اليوم"، تحدثت عبير أحمد عن دور الاتحاد في دعم أولياء الأمور، ورأيها في نظام البكالوريا الجديد، وكيفية مواجهة مشكلة العنف داخل المدارس، بالإضافة إلى توجيه رسائل هامة للمعلمين والطلاب.
بدايةً ما الدافع الذي دفعكِ إلى تأسيس اتحاد أمهات مصر للنهوض بالتعليم؟
عبير أحمد: جاءت فكرة الاتحاد من الحاجة الملحة لوجود كيان يعبر عن صوت الأمهات وأولياء الأمور، خاصة في ظل التحديات التي تواجه المنظومة التعليمية في مصر.
كنت ألاحظ مشكلات عديدة، مثل كثافة المناهج، نقص التواصل بين المدارس وأولياء الأمور، وضعف الاهتمام ببعض الجوانب التربوية، فقررت إنشاء هذا الاتحاد ليكون منصة تجمع الأمهات وتساعد في إيصال أصواتنا إلى المسؤولين.
ما أبرز الإنجازات التي حققها الاتحاد منذ تأسيسه؟
عبير أحمد: الحمد لله، حققنا العديد من الإنجازات، منها تنظيم حملات توعية للأمهات حول كيفية دعم أبنائهن في التعليم، والمساهمة في حل العديد من المشكلات داخل المدارس بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم، كما نجحنا في إطلاق مبادرات تهدف إلى تحسين البيئة المدرسية وتعزيز الوعي بأهمية التعليم التكنولوجي.
كيف ترين مستوى التعليم في مصر حاليًا؟
عبير أحمد: هناك تطور ملحوظ في بعض الجوانب، ولكن لا تزال هناك تحديات كبيرة. المناهج بحاجة إلى تحديث لتتناسب مع متطلبات العصر، كما أن هناك حاجة إلى تدريب المعلمين بشكل مستمر على أساليب تعليمية حديثة... أيضًا، مشكلة كثافة الفصول تظل عائقًا أمام تحقيق جودة تعليمية عالية.
بصفتكِ ممثلة لأولياء الأمور، ما هي المطالب الأساسية التي يتطلعون إلى تحقيقها خلال الفصل الدراسي الثاني؟
عبير أحمد: بسم الله الرحمن الرحيم... في البداية، أود أن أوضح مطالب أولياء الأمور في الفصل الدراسي الثاني. المطلب الأهم بالنسبة لمعظم المراحل الدراسية هو أن يكون حجم المناهج متناسبًا مع الفترة الزمنية المتاحة، خاصة أن الفصل الدراسي الثاني بدأ يوم السبت، وكل عام وأنتم بخير، وسيصادف دخول شهر رمضان الفضيل. لذلك، يتطلب الأمر أن تكون المناهج متوازنة مع الفترة الزمنية، حتى لا يحدث ضغط على الطلاب وأولياء الأمور.
ومن المطالب الأخرى التي يثيرها أولياء الأمور موضوع التقييمات، خاصة في المراحل الأولى والابتدائية، حيث يطالب الكثير منهم بتقليص عدد التقييمات في الفصل الدراسي الثاني، وجعلها مرتين شهريًا بدلًا من أن تكون أسبوعية، وذلك لتخفيف العبء على أولياء الأمور.
أهم مطالب أولياء الأمور للفصل الدراسي الثاني تتمثل في:
تخفيف المناهج الدراسية بما يتناسب مع قدرات الطلاب.
تحسين التواصل بين الوزارة وأولياء الأمور، وتفعيل دور المدرسة في حل المشكلات.
زيادة الاهتمام بالبنية التحتية للمدارس، وتوفير بيئة تعليمية ملائمة.
الرقابة على تطبيق القرارات الوزارية، وضمان تنفيذها بالشكل الصحيح.
هناك انتشار للعنف في المدارس، ما رأيكِ في الجهود المبذولة لحل هذه المشكلة؟
عبير أحمد: العنف في المدارس مشكلة كبيرة تحتاج إلى تضافر جهود الجميع، بدءًا من الأسرة وصولًا إلى المدرسة والوزارة. المسؤولية الأولى تقع على عاتق الأسرة، وخاصة الأمهات، حيث يجب تربية الأبناء على قيم التسامح والاحترام.
التربية ليست مجرد دراسة فقط، بل تشمل أيضًا تعليم الأبناء كيفية التعامل بشكل إنساني وأدبي.
أما في المدارس، فيجب تفعيل لائحة الانضباط المدرسي، وتكثيف الندوات التوعوية للطلاب والمعلمين حول كيفية التعامل السليم، كما يجب تعزيز دور الأخصائي النفسي ليكون قادرًا على دعم الطلاب نفسيًا ومعالجة أي مشكلات قد تؤدي إلى سلوكيات عنيفة.
ما دور الاتحاد في حل مشكلات الطلاب وأولياء الأمور مع الوزارة؟
عبير أحمد: نحن نلعب دور الوسيط بين أولياء الأمور والوزارة. عندما تصدر قرارات جديدة، نقوم بتوضيحها ومناقشتها مع أولياء الأمور لمعرفة مدى رضاهم عنها، وإذا كانت هناك اعتراضات أو مقترحات، نرفعها إلى الجهات المعنية بشكل رسمي مع تقديم حلول عملية قابلة للتنفيذ.
كما نسعى إلى توجيه أولياء الأمور والطلاب حول كيفية تقديم الشكاوى بطريقة قانونية ومحترمة. دورنا لا يقتصر فقط على نقل المشكلات، بل نحرص دائمًا على تقديم حلول بناءة تساعد صانع القرار في تحسين العملية التعليمية.
ما رأيكِ في نظام البكالوريا الجديد؟ وما أبرز إيجابياته وسلبياته؟
عبير أحمد: عندما تم الإعلان عن نظام البكالوريا، أجرينا في الاتحاد استطلاع رأي عبر صفحاتنا لمعرفة آراء أولياء الأمور. وأظهرت النتائج أن 76% من المشاركين أيدوا النظام الجديد، بينما 24% كانت لديهم تخوفات.
إيجابيات نظام البكالوريا الجديد:
تقليل عدد المواد إلى سبع فقط موزعة على الصفين الثاني والثالث الثانوي، مما يخفف الضغط عن الطلاب وأولياء الأمور.
التركيز على التحصيل العلمي بشكل أفضل نتيجة لتقليص المواد.
أما السلبيات والتخوفات، فتتمثل في:
الحاجة إلى معامل حاسوب متطورة ومدرسين متخصصين لتدريس مادة البرمجة.
إدراج مادة التربية الدينية ضمن المجموع، وهو ما أثار قلق أولياء الأمور الذين طالبوا بأن تكون مادة نجاح ورسوب فقط لضمان تكافؤ الفرص بين الطلاب.
هل ترين أن نظام الثانوية العامة الجديد يجب أن يكون اختياريًا لفترة انتقالية؟
عبير أحمد: نعم، أعتقد أن تطبيق النظام بشكل اختياري لفترة انتقالية قد يصب في مصلحة الطلاب. هذا يمنحهم وأولياء الأمور فرصة للتكيف مع التغييرات، ويتيح للوزارة تقييم النظام ومعالجة أي سلبيات.
هل لديكم مبادرات لتطوير التعليم الإلكتروني واستخدام التكنولوجيا؟
عبير أحمد: نعم، أطلقنا مبادرات تهدف إلى تدريب الأمهات على كيفية استخدام المنصات التعليمية الإلكترونية، ومساعدة أبنائهن في التكيف مع التكنولوجيا. التعليم الإلكتروني أصبح ضرورة وليس خيارًا، ولذلك نركز على تعزيز مهارات الجميع في هذا المجال.
ما تطلعاتكم المستقبلية للاتحاد؟
عبير أحمد: نسعى إلى توسيع أنشطتنا لتشمل المزيد من المحافظات، وتعزيز التعاون مع الجهات الحكومية لتقديم حلول مبتكرة لتحسين التعليم. لدينا خطة لزيادة ورش العمل والندوات التي تركز على قضايا تعليمية هامة.
ما رسالتكِ إلى أولياء الأمور والمعلمين والطلاب؟
إلى المعلمين: أنتم عماد العملية التعليمية، ودوركم لا يقتصر على التدريس فقط، بل يمتد إلى بناء شخصية الطالب.
إلى الطلاب: اجتهدوا وتذكروا أن المستقبل مشرق بالعلم والمعرفة، ولا تدعوا التحديات تثنيكم عن تحقيق أحلامكم.
إلى أولياء الأمور: تابعوا أبنائكم وكونوا داعمين لهم نفسيًا وتعليميًا، فالتربية ليست مسؤولية المدرسة فقط، بل تبدأ من المنزل.
في ختام الحوار، هل هناك رسالة تودين توجيهها إلى وزارة التربية والتعليم؟
عبير أحمد: نعم، أتمنى من الوزارة أن تكون أكثر انفتاحًا على آراء أولياء الأمور، والاستماع إلى مقترحاتهم، لأنهم شركاء أساسيون في العملية التعليمية. كما أدعوهم إلى زيادة الاهتمام بتطوير المناهج وتحسين أوضاع المدارس لتحقيق مستقبل تعليمي أفضل لأبنائنا.