نادية لطفي.. بطلة روايات "محفوظ" خاصمت العندليب وزارت ياسر عرفات

الثلاثاء 04 فبراير 2025 | 05:56 مساءً
نادية لطفي
نادية لطفي
كتب : محمد أحمد أبو زيد

تمتلك ملامح أوروبية بروح مصرية أصيلة، جعلتها واحدة من أبرز نجمات السينما المصرية في عصرها الذهبي، غنى لها عبد الحليم حافظ "الحلوة برموشها السودا الحلوة"، وتلقت مئات الرسائل اليومية من المعجبين، بينما خطفت القلوب بأدوارها المتنوعة، من "النظارة السوداء" إلى "سهير" في "الخطايا"، و"لويزا" في "الناصر صلاح الدين"، وحتى "زنوبة العالمة" في "قصر الشوق"، هي نادية لطفي صاحبة الأداء المتقن والجاذبية الخاصة التي أثرت السينما بعدد كبير من الأفلام الرومانسية والاجتماعية ويصادف اليوم ذكرى رحيلها.

من "بولا" إلى نادية لطفي

ولدت نادية لطفي واسمها الحقيقي بولا محمد شفيق في 3 يناير بحي عابدين في القاهرة لعائلة أرستقراطية، والدتها تدعى "فاطمة" من محافظة الشرقية، بينما أطلق والدها عليها اسم "بولا" تيمّناً براهبـة ساعدت والدتها أثناء الولادة في المستشفى القبطي، نشأت في بيئة ثقافية راقية، فحصلت على دبلوم المدرسة الألمانية، وأتقنت عدة لغات، منها الألمانية، الإنجليزية، الفرنسية، والإيطالية، كما امتلكت مواهب متعددة مثل الرسم، رقص الباليه، والعزف على البيانو.

في سن الـ16 تزوجت من الضابط البحري عادل البشاري وأنجبت ابنها الوحيد "أحمد"، لكن حياتها اتخذت منعطف جديد عندما شاهدها المنتج رمسيس نجيب في إحدى السهرات وعرض عليها التمثيل، فاختارت لنفسها اسم "نادية لطفي"، مستلهمة إياه من بطلة رواية "إلا أنا" لإحسان عبد القدوس.

صعود سريع إلى النجومية

ظهرت لأول مرة على الشاشة في فيلم "سلطان" 1958 أمام فريد شوقي، إذ جسدت دور صحفية بمهارة جعلت البعض يعتقد أنها تعمل بالصحافة في الواقع، وسرعان ما فتحت لها السينما أبوابها خلال فترة الستينيات، فشاركت في أعمال بارزة مثل "لا تطفئ الشمس"، "السبع بنات"، "مذكرات تلميذة"، "للرجال فقط"، و"الباحثة عن الحب"، لكن الانطلاقة الحقيقية جاءت عندما رشحها عبد الحليم حافظ لبطولة فيلم "الخطايا" بعد اعتذار هند رستم، ما جعلها الوجه الرومانسي الأول في جيلها.

صاحبة كل الأدوار

لم تحصر نادية لطفي نفسها في أدوار الفتاة الرومانسية فقط، بل أثبتت براعتها في تجسيد شخصيات مختلفة، تألقت في فيلم "الناصر صلاح الدين" بدور "لويزا"، وحققت نجاح مدوي في "النظارة السوداء"، حيث لعبت شخصية الفتاة المستهترة التي تمر بتحولات عاطفية ثم جاءت نقلة نوعية في "قصر الشوق"، إذ جسدت ببراعة دور "زنوبة العالمة" لتثبت قدرتها على التلون والتجديد في الأدوار.

قدمت نادية لطفي شخصيات نجيب محفوظ على الشاشة بتميز، فشاركت في الثلاثية الشهيرة "بين القصرين، وقصر الشوق، والسكرية" كما أبدعت في "المومياء" للمخرج شادي عبد السلام أحد أهم الأفلام المصرية في تاريخ السينما.

الصدام مع "العندليب" ومرحلة السبعينيات

التقت نادية لطفي بعبد الحليم حافظ مرة أخرى في "أبي فوق الشجرة" 1969 لكن العلاقة بينهما شهدت توتر عندما طلب منها عبد الحليم بصفته منتجاً عدم الارتباط بأي أعمال أخرى حتى انتهاء التصوير وهو ما اعتبرته تقييد لحريتها الفنية.

في السبعينيات استمرت في تقديم أدوار متنوعة منها "الزائرة"، "الأخوة الأعداء"، "أبداً لن أعود"، "أين تخبئون الشمس"، و"منزل العائلة المسمومة"، كما قدمت تجربة تلفزيونية وحيدة من خلال مسلسل "ناس ولاد ناس"، إلى جانب مشاركتها في المسرح عبر "بمبة كشر".

الوجه السياسي لنادية لطفي

مع بداية التسعينيات قررت نادية لطفي اعتزال السينما بعدما رأت أن "موجة أفلام المقاولات" لا تناسب مسيرتها الفنية، ففضلت أن تظل صورتها في أذهان الجمهور كما هي لكنها لم تبتعد عن الأضواء.

 كرست وقتها للنشاط السياسي والإنساني، فزارت ياسر عرفات ووقفت إلى جانب المقاومة الفلسطينية في عام 1982، وسافرت إلى بيروت أثناء الحصار ووثقت بعدستها الخاصة مجزرة صبرا وشاتيلا، وعرضت اللقطات أمام الصحافة العالمية، كما عُرفت بدفاعها عن حقوق الحيوان، وبقيت نشطة في الأعمال الخيرية حتى أيامها الأخيرة.

الرحيل

في سنواتها الأخيرة عانت نادية لطفي من المرض، حتى رحلت في 4 فبراير 2020 عن عمر ناهز 83 عاماً، تاركة خلفها إرث سينمائي كبير وأدوار لا تنسى، ولم تمتهن أي من حفيداتها "سلمى، ريحان، وجاسمين" التمثيل، رحلت نادية لكنها بقيت رمز لجيل من النجمات اللواتي جمعن بين الجمال والموهبة الحقيقية.