من ميانمار إلى كمبوديا.. كيف يهدد تجميد المساعدات الأرواح؟

الخميس 30 يناير 2025 | 04:23 مساءً
من ميانمار إلى كمبوديا.. كيف يهدد تجميد المساعدات الأرواح؟
من ميانمار إلى كمبوديا.. كيف يهدد تجميد المساعدات الأرواح؟
كتب : محمود أمين فرحان

وفقًا لتقرير الجارديان أثار القرار التنفيذي الصادر عن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بوقف تدفقات تمويل المساعدات الخارجية لمدة 90 يومًا للمراجعة حالة من الارتباك والفوضى على مستوى العالم. 

وفي جنوب شرق آسيا، يشكل هذا التمويل شريان حياة لمجتمعات تواجه الكوارث الطبيعية، كما يوفر دعمًا حيويًا للنشطاء المؤيدين للديمقراطية الذين يواجهون الأنظمة القمعية. ومع ذلك، لا تزال التداعيات الكاملة لهذا القرار غير واضحة، لكن التأثيرات الأولية تشير إلى تعطيل برامج حيوية في المنطقة.

ميانمار.. أزمة إنسانية متفاقمة

في ميانمار، حيث لا تزال البلاد تعاني من تداعيات الانقلاب العسكري عام 2021، أمرت السلطات بإغلاق مراكز الرعاية الصحية التي تقدم خدمات لعشرات الآلاف من اللاجئين بحلول يوم الجمعة. وعلى الرغم من إعلان وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو أن المساعدات الإنسانية ستُعفى من التجميد، إلا أن هناك تقارير تفيد بتسريح بعض المرضى.

يتم تمويل هذه المراكز الصحية، الواقعة على طول الحدود التايلاندية، عبر لجنة الإنقاذ الدولية بدعم من الولايات المتحدة، لكن اللجنة لم تعلق رسميًا على الوضع. في غضون ذلك، تأثرت برامج مكافحة فيروس نقص المناعة البشرية التي تديرها وزارة الصحة التابعة للمجلس العسكري في ميانمار، حيث أُعلن عن تعليق خدمات أساسية مثل فحص الدم، وفقًا لهيئة الإذاعة البريطانية (BBC) البورمية.

التجميد لم يقتصر على القطاع الصحي فحسب، بل طال أيضًا أنشطة النشطاء المؤيدين للديمقراطية، الذين اضطروا إلى تعليق توفير الملاجئ الآمنة والمخابئ السرية للمعارضين. وأكد أحد النشطاء، الذي تحدث بشرط عدم الكشف عن هويته، أنهم أُمروا بوقف برامج التدريب على النشاط السلمي، داعيًا الدول الديمقراطية الأخرى إلى سد الفجوة التمويلية لضمان استمرار المساعدات الطارئة ودعم النشطاء المعرضين للخطر.

كما تواجه وسائل الإعلام المستقلة في ميانمار تهديدًا وجوديًا، حيث أفادت تقارير بأن وكالة "ميزيما" الإخبارية لن تتمكن من دفع رواتب الصحفيين، مما سيؤدي إلى تعليق خدماتها. ويأتي هذا في وقت تعاني فيه البلاد من واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية نقصًا في التمويل، مع تحذير الأمم المتحدة من أن مليوني شخص في ولاية راخين معرضون لخطر المجاعة.

الفلبين.. تأثيرات محدودة رغم التجميد

في عام 2024، خصصت الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID) نحو 180 مليون دولار لدعم مشاريع مختلفة في الفلبين، شملت الإغاثة في أعقاب الأعاصير المدمرة، بالإضافة إلى تمويل قطاعات الصحة، والحكم، والتعليم. وعلى الرغم من أهمية هذه المساعدات، قللت الحكومة الفلبينية من تداعيات التجميد، إذ صرح وكيل وزارة الخارجية، إدواردو دي فيغا، بأن التعليق ليس دائمًا ولن يكون له تأثير جوهري على البلاد.

فيتنام.. وقف برامج إزالة الألغام

يمثل تجميد التمويل الأمريكي ضربة قوية لبرامج إزالة الألغام في فيتنام، حيث لا تزال القنابل غير المنفجرة، التي تعود للحرب الأمريكية، تهدد حياة السكان في خمس مناطق بالبلاد. منذ انتهاء الحرب في عام 1975، تسببت هذه المتفجرات في مقتل عشرات الآلاف. كما تشمل المساعدات الأمريكية مشاريع في مجالات الأمن البيئي والتنمية الاقتصادية والصحة، والتي تلقت 146.46 مليون دولار خلال عام 2024.

إندونيسيا.. برامج حيوية تحت التهديد

خصصت الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية 153 مليون دولار لدعم مشاريع متعددة في إندونيسيا عام 2023، شملت الحكم الديمقراطي، ومكافحة الفساد، والصحة، والتعليم، والاستعداد للكوارث. وقد دعمت الوكالة نشر تقنيات حديثة لتشخيص مرض السل، وتوفير أدوية منقذة للحياة للأمهات الجدد، مما يجعل تجميد التمويل تهديدًا لاستمرار هذه الجهود.

كمبوديا.. تعثر الإعلام المستقل وتعليق عمليات إزالة الألغام

تعاني كمبوديا من تداعيات كبيرة جراء تجميد المساعدات، إذ تم تعليق مشاريع تهدف إلى دعم الصحافة المستقلة وتعزيز حقوق الإنسان. وأكد تشان سوكونثيا، المدير التنفيذي للمركز الكمبودي للإعلام المستقل (CCIM)، أن أي خفض طويل الأمد في التمويل سيؤثر بشكل خطير على الدعم المقدم للصحفيين في مواجهة انتهاكات حقوق الإنسان.

كما تأثرت مشاريع إزالة الألغام بشكل مباشر، حيث أكد بيل مورس، مؤسس صندوق الإغاثة من الألغام الأرضية في كمبوديا، أن 30٪ من عمليات إزالة الألغام كانت تعتمد على التمويل الأمريكي، والذي تم تعليقه بالكامل. وحذر مورس من تداعيات كارثية، قائلاً: "هناك احتمال كبير أن يخطو شخص ما فوق لغم غير مُزال خلال الأشهر الثلاثة القادمة، مما قد يؤدي إلى إصابات بليغة أو الموت."

ما بعد استمرار تجميد التمويل

في ظل استمرار تجميد التمويل الأمريكي، تواجه دول جنوب شرق آسيا تحديات متزايدة، من تعثر جهود إزالة الألغام إلى تعطيل الرعاية الصحية، وتهديد استدامة الإعلام المستقل، وتقليص الدعم للنشطاء المؤيدين للديمقراطية. وبينما تسعى بعض الدول إلى التكيف مع الأزمة، تبقى الحاجة إلى استجابة دولية منسقة أمرًا بالغ الأهمية لضمان عدم ترك المجتمعات الأكثر ضعفًا تواجه المصير وحدها.

اقرأ أيضا