لطالما مثّل وجود إسرائيل في محور فيلادلفيا عائقًا كبيرًا أمام إتمام مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة، سواء من جانب حركة "حماس" أو عبر الوساطة المصرية.
ورغم أن الاتفاق الأخير تضمن نصًا ينص على انسحاب تدريجي لإسرائيل من المحور على مدار 50 يومًا، إلا أن تصاعد الدعوات داخل إسرائيل للمطالبة بعدم الانسحاب، أثار مخاوف حقيقية من احتمالية "المماطلة" في تنفيذ المراحل المتبقية من الاتفاق.
وفي تصريحات أثارت جدلًا واسعًا، أشار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إلى محور فيلادلفيا والمنطقة العازلة المحيطة بغلاف غزة.
وأكد أن الجيش الإسرائيلي "سيزيد من وجوده فيهما"، نافيًا ما تداولته التقارير الإعلامية حول نية الانسحاب من المحور.
تصريحات نتنياهو تلقي بظلالها على مستقبل الالتزام بالاتفاقيات، وتفتح الباب أمام تكهنات بشأن استمرار إسرائيل في استخدام المحور كورقة ضغط، فما مستقبل المحور؟ وكيف ستتعامل مصر مع الأزمة؟
نتنياهو يحاولتعزيز مكانته
أكدت الدكتورة شيماء المرسي، مديرة وحدة الرصد والترجمة بالمنتدى العربي لتحليل السياسات الإيرانية، أن تصريحات نتنياهو تبدو موجهة بشكل أساسي للداخل الإسرائيلي، حيث يسعى نتنياهو لتعزيز مكانته كزعيم قوي أمام مؤيديه وحزبه، لا سيما في ظل الوضع السياسي المعقد الذي يواجهه.
وأوضحت شيماء المرسي، في تصريح خاص لـ"بلدنا اليوم"، أن نتنياهو يعتمد على دعم الأحزاب اليمينية المتشددة، التي تُعد جزءًا أساسيًا من قاعدته السياسية، وهذه الأحزاب تعارض بشدة أي انسحاب أو تنازل في قطاع غزة، وهو ما يدفعه إلى تبني مواقف تتماشى مع رؤيتها لتعزيز استقراره السياسي.
ومع ذلك، استبعدت أن تعكس هذه التصريحات نية فعلية للبقاء طويل الأمد في محور فيلادلفيا، وفي الوقت ذاته أكدت عدم وجود أي ضمانات للانسحاب في ظل غياب ضغوط دولية وإقليمية.
وأضافت أن الولايات المتحدة، أو دول الاتحاد الأوروبي قد تتدخل إذا رأت أن استمرار السيطرة الإسرائيلية يهدد استقرار المنطقة.
وعلى الصعيد الإقليمي، توقعت أن تمارس مصر دورًا فعالًا في الضغط على إسرائيل، من خلال آليات مباشرة أو بالتنسيق مع أطراف دولية وإقليمية أخرى.
وأشارت شيماء المرسي إلى أن إسرائيل قد تلجأ إلى ذرائع أمنية لتبرير استمرار وجودها في المحور، مثل الادعاء بوجود تهديدات من الأنفاق وعمليات تهريب الأسلحة، أو الحديث عن حماية أمن المستوطنات الجنوبية وتأمين الحدود، مضيفة أن إسرائيل تعتمد في كثير من الأحيان على هذه التبريرات لتأمين مصالحها، مما يجعل الحاجة ملحة لوضع آليات رقابية صارمة لضمان تنفيذ أي اتفاقيات محتملة.
وأوضحت أنه في حال شعرت مصر بأن استمرار إسرائيل في محور فيلادلفيا يهدد أمنها القومي أو استقرار الحدود، فإنها ستلجأ إلى أدواتها الدبلوماسية لزيادة الضغط على إسرائيل، ثم ستصعد موقفها داخل الجامعة العربية، وتزيد مراقبة الحدود، وتدعم مشاريع إعادة إعمار غزة كرسالة واضحة لرفض الاحتلال الإسرائيلي.