عنف المستوطنين: إرهاب مستمر في ظل تواطؤ الاحتلال وصمت العالم

الخميس 23 يناير 2025 | 10:34 صباحاً
عنف المستوطنين..إرهاب مستمر في ظل تواطؤ الاحتلال وصمت العالم
عنف المستوطنين..إرهاب مستمر في ظل تواطؤ الاحتلال وصمت العالم
كتب : محمود أمين فرحان

في مساء السبت، وبينما كانت سندس الفقهاء تتابع الأخبار في منزلها بقرية سنجل الواقعة في الضفة الغربية المحتلة، تسللت أصوات خطوات وأحاديث مكتومة إلى أذنها من الخارج. وفجأة، اخترقت نافذتها زجاجة مولوتوف ألقاها مستوطن إسرائيلي، لتشتعل النار في الأريكة والستائر، وفقًا لصحيفة "الجارديان".

في مقطع فيديو التقطه أحد أقارب الأسرة المسنين، ظهرت ابنة سندس، البالغة من العمر 12 عامًا، وهي تحاول إخماد الحريق بإلقاء الماء عليه، بينما كانت شقيقتها، البالغة من العمر 14 عامًا، تحاول خنق اللهب باستخدام وسادة.

تقول سندس، وهي تتفحص النوافذ المحطمة والسقف المتفحم خلال زيارة لصحيفة "الجارديان" يوم الأربعاء: "الماء لم يفلح، نجحنا في إخماد الحريق باستخدام البطانيات."

سندس الفقهاءسندس الفقهاء

عنف متصاعد

 

تُعد سنجل، التي يسكنها نحو 5000 نسمة، واحدة من عدة قرى فلسطينية تعرضت في الأيام الأخيرة لموجة من اعتداءات المستوطنين الإسرائيليين. اندلعت هذه الهجمات كرد فعل على تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار في غزة وتبادل الأسرى، والذي شمل إطلاق سراح 90 أسيرًا فلسطينيًا من النساء والأطفال مقابل ثلاثة رهائن إسرائيليين.

هاجم المستوطنون ست قرى على الأقل في الضفة الغربية، من بينها سنجل وترمسعيا وعين سينيا ولُبّن الشرقية قرب رام الله، والفندق وجنسافوط قرب نابلس. وخلال تلك الهجمات، أصيب 21 فلسطينيًا بجروح، وفقًا لتقارير صحية.

استخدم المهاجمون زجاجات مولوتوف وحجارة، مما أسفر عن تحطيم النوافذ وإضرام النيران في منازل وسيارات عدة. ورُبط أحد الهجمات، الذي استهدف بلدة الفندق، بعملية إطلاق نار فلسطينية قبل أسبوعين أودت بحياة ثلاثة مستوطنين إسرائيليين.

وذكر السكان أن قوات الاحتلال وصلت بعد حوالي 30 دقيقة من بدء العنف، لكنها اكتفت بالوقوف عند مداخل القرى دون التدخل الفعلي.

أزمة ممنهجة

تعد المستوطنات الإسرائيلية غير قانونية بموجب القانون الدولي، وهي تمثل إحدى العقبات الكبرى أمام تحقيق حل الدولتين. ومنذ تولي قادة يمينيين متطرفين زمام الحكم في إسرائيل نهاية عام 2022، شهدت أعمال العنف الاستيطاني تصاعدًا ملحوظًا.

ورغم تسجيل العديد من هذه الاعتداءات، فإن تطبيق العدالة يكاد يكون معدومًا. وفقًا لبيانات منظمة "يش دين" الحقوقية، أسفرت 6.4% فقط من التحقيقات في قضايا عنف المستوطنين بين عامي 2005 و2024 عن اتهامات.

حياة تحت الحصار

قال محمد الفقهاء، 46 عامًا، الذي هرع لمساعدة والدته المسنّة، 68 عامًا، بعدما تعرض منزلها للرشق بالحجارة: "لم نعد نستطيع عبور الطريق إلى أشجار الزيتون الخاصة بنا، لأنهم سيطلقون النار علينا." وأضاف: "هذه أرضنا وهذه منازلنا، لكنهم يريدوننا أن نغادر للأبد."

المشهد إلى أين؟

تجسد الهجمات الوحشية التي يتعرض لها الفلسطينيون في قرى الضفة الغربية واقعًا مريرًا يعكس بطش الاحتلال الإسرائيلي الذي يستهدف الأرض والإنسان بلا هوادة. وفي ظل صمت دولي مريب تجاه هذه الجرائم المتكررة، يجد الفلسطينيون أنفسهم في مواجهة يومية مع عنف المستوطنين، المدعوم غالبًا بتواطؤ السلطات الإسرائيلية.

إن استمرار هذه الانتهاكات في ظل غياب المساءلة يرسخ شعورًا بالإفلات من العقاب ويعمق معاناة شعب يطالب بأبسط حقوقه الإنسانية، بينما يراقب العالم بصمت، متجاهلًا معاناة تتطلب موقفًا أخلاقيًا وإنسانيًا جادًا.

اقرأ أيضا