في الآونة الأخيرة، أثار العديد من العلماء والمختصين قضية تحول البحر الأحمر إلى محيط في المستقبل القريب بسبب الزلازل والنشاط التكتوني المتزايد بالمنطقة.
على الرغم من أن هذا الموضوع يبدو بعيدًا عن التصديق، فإن الدراسات الجيولوجية الأخيرة تثير القلق حول مستقبل البحر الأحمر والتأثيرات البيئية والاقتصادية التي قد تنتج عن هذا التحول الجيولوجي المحتمل.
الزلازل والنشاط التكتوني
البحر الأحمر - أرشيفية
أحد الأسباب الرئيسية التي تدفع العلماء للاعتقاد بإمكانية تحول البحر الأحمر إلى محيط هو التوسع المستمر للقشرة الأرضية بهذه المنطقة.
ومن جانبه، يوضح الدكتور محمد علي، أستاذ الجيولوجيا بجامعة القاهرة، أن النشاط الزلزالي بالبحر الأحمر يساهم في انفصال الصفائح التكتونية المحيطة بالمنطقة، مما يؤدي إلى تمدد البحر.
ويضيف: «وبينما يعتقد أن هذه العملية قد تستغرق ملايين السنين، فإن تزايد الزلازل قد يسرع من هذه الظاهرة في المستقبل البعيد».
التهديد البيئي المحتمل
من الجانب البيئي، يواجه البحر الأحمر تحديات كبيرة في حال حدوث تحول جيولوجي قد يؤثر على عمق البحر ودرجة حرارة المياه.
وفي هذا السياق، يشير الدكتور إبراهيم حسن، رئيس مركز أبحاث البيئة البحرية بالبحر الأحمر، إلى أن أي تغييرات مفاجئة في هذه الظروف قد تضر بشكل كبير بالنظم البيئية البحرية، خصوصًا الشعاب المرجانية التي تعد موطنًا للعديد من الكائنات البحرية الفريدة، هذه التغيرات قد تؤدي إلى انقراض بعض الأنواع البحرية أو انتقالها إلى مناطق أخرى أكثر استقرارًا.
تأثير الزلازل على السواحل
البحر الأحمر - أرشيفية
الزلازل في البحر الأحمر لا تؤثر فقط على البحر نفسه، بل أيضًا على السواحل والمدن الساحلية.
ولذا، يُحذر البروفيسور أحمد عبد الله، عالم جيولوجيا متخصص في الزلازل، من أن النشاط الزلزالي قد يؤدي إلى تغيرات في مستوى المياه، مما قد يشكل تهديدًا للمدن مثل جدة وشرم الشيخ، فمن الممكن أن تسبّب الزلازل المتكررة تآكلًا للسواحل أو حتى تسونامي، مما يستدعي تدابير وقائية للتقليل من المخاطر المحتملة.
التأثير الاقتصادي المحتمل
على الرغم من أن التحولات الجيولوجية في البحر الأحمر قد تبدو بعيدة، فإن التأثيرات الاقتصادية لهذه الظاهرة قد تكون ملموسة في وقت أقرب مما يتوقع البعض.
يقول الدكتور سامي الزهراني، خبير اقتصادي بمجال السياحة، إن أي تغييرات في مستوى المياه أو السواحل نتيجة للنشاط الزلزالي قد تؤدي إلى تدمير بعض الشواطئ أو حتى تضرر البنية التحتية الساحلية، الأمر من شأنه أن يؤثر بشكل مباشر على قطاع السياحة في المنطقة، الذي يعد أحد أبرز مصادر الدخل بالعديد من الدول المطلة على البحر الأحمر.
الاستعداد للمستقبل
على الرغم من أن تحول البحر الأحمر إلى محيط هو أمر قد يستغرق ملايين السنين، إلا أن زيادة النشاط الزلزالي بالمنطقة تتطلب من الحكومات والسلطات المعنية الاستعداد لأي تغييرات مفاجئة قد تحدث، فمن الضروري تعزيز البحث العلمي لمتابعة التغيرات الجيولوجية والبيئية بشكل مستمر.
كما يجب على الدول المطلة على البحر الأحمر التعاون لتطوير استراتيجيات تهدف إلى حماية الشعاب المرجانية والمناطق الساحلية من التأثيرات السلبية للنشاط الزلزالي.
منطقة ذات أهمية جيولوجية وبيئية
البحر الأحمر - أرشيفية
وعلى الرغم من كل التنبؤات، يظل البحر الأحمر منطقة ذات أهمية جيولوجية وبيئية كبيرة، ومع أن تحوله إلى محيط قد يكون عملية بعيدة المدى، إلا أن النشاط الزلزالي المتزايد في المنطقة يتطلب مراقبة دقيقة من قبل العلماء والحكومات، سيكون من المهم الاستعداد للتأثيرات المحتملة على البيئة والاقتصاد، مع الحفاظ على التنوع البيولوجي الثري بمنطقة البحر الأحمر.