ملاحقة الأقوياء: هل يمكن محاكمة بوتين والأسد؟

الثلاثاء 21 يناير 2025 | 10:41 صباحاً
ملاحقة الأقوياء: هل يمكن محاكمة بوتين والأسد
ملاحقة الأقوياء: هل يمكن محاكمة بوتين والأسد
كتب : محمود أمين فرحان

وفقًا لصحيفة الجارديان ألبريطانية في صباح يوم الاثنين العادي في موسكو، خرج الجنرال الروسي إيغور كيريلوف من شقته ليجد الموت في انتظاره. انفجرت قنبلة مخبأة داخل سكوتر كهربائي، مما أدى إلى مقتله على الفور. أعلنت الاستخبارات الأوكرانية (SBU) مسؤوليتها عن العملية، التي جاءت بعد يوم واحد فقط من اتهام كيريلوف بجرائم حرب، بما في ذلك استخدام أسلحة كيميائية محظورة أدت إلى تسميم أكثر من 2000 جندي أوكراني.

استراتيجية مزدوجة تنتهجها الحكومة الأوكرانية

جاء مقتله كحدث خارج إطار القانون، إلا أنه يعكس استراتيجية مزدوجة تنتهجها الحكومة الأوكرانية منذ بدء الغزو الروسي الشامل عام 2022. فمن جهة، تستهدف القوات الأوكرانية الأفراد المسؤولين مباشرة عن الفظائع، كالقادة العسكريين والمخططين الفنيين. ومن جهة أخرى، يعمل المحققون الأوكرانيون على جمع أدلة دقيقة لتوثيق الجرائم، عبر زيارة مواقع القصف، تصويرها، واستخراج الجثث من المقابر الجماعية.

أفق العدالة.. بين الحلم والواقع

في ظل الواقع الراهن، تبدو المحاكمات الفورية غير واردة. إلا أن الأمل يظل معقودًا على إنشاء محكمة مستقبلية لجرائم العدوان، يمكنها تقديم مرتكبي الفظائع الروسية إلى العدالة.

كتاب "كروشو": نافذة شاملة على تطور العدالة الدولية

في كتابه الجديد "ملاحقة الأقوياء"، يقدم ستيف كروشو تحليلًا شاملًا لتاريخ العدالة الدولية وتطورها. كروشو، الذي عمل كمحرر لشؤون روسيا وأوروبا الشرقية في صحيفة "الإندبندنت" وغطى أحداثًا كبرى مثل سقوط جدار برلين والصراع الدموي في يوغوسلافيا السابقة، يجلب رؤيته العميقة وتجربته الشخصية إلى هذا العمل.

يُظهر كروشو تفاؤلًا مفاجئًا بإمكانية تحقيق العدالة العابرة للحدود في عصر يتسم بالفوضى السياسية وتحدي القواعد الدولية. ويشير إلى تطورات حديثة مشجعة، مثل لائحة الاتهام التي أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية عام 2023 ضد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ومفوضة حقوق الإنسان الروسية ماريا لفوفا-بيلوفا، بتهمة اختطاف أطفال أوكرانيين ونقلهم إلى روسيا.

ازدواجية معايير الغرب

ينتقد كروشو ازدواجية المعايير التي تمارسها الدول الغربية، حيث تمنح الحصانة لحلفائها بينما تدين أعداءها. ومن أبرز الأمثلة على ذلك، لائحة الاتهام الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه يوآف غالانت، بتهمة استخدام التجويع كأداة حرب في غزة، إضافة إلى جرائم أخرى مثل القتل والاضطهاد.

تسبب هذا الاتهام في ردود فعل غاضبة، حيث وصفته الحكومات الغربية، بما في ذلك الولايات المتحدة وبريطانيا، بأنه "غير مبرر". في المقابل، يرى كروشو أن هذه المواقف المتناقضة أضعفت الدعم الدولي لأوكرانيا، خاصة في دول الجنوب العالمي، وعززت الاتهامات بالنفاق السياسي.

دروس التاريخ.. من نورمبرغ إلى المستقبل

يرصد الكتاب التحولات في مسار العدالة الدولية منذ محاكمات نورمبرغ (1945-1946)، مرورًا بالمحاكمات التي طالت قادة الديكتاتوريات في أمريكا اللاتينية، ومحاكمة سلوبودان ميلوشيفيتش، وحتى إنشاء المحكمة الجنائية الدولية في عام 2002. وعلى الرغم من النكسات العديدة، من مجازر رواندا وسريبرينيتشا إلى فضائح التعذيب في أبو غريب وغوانتانامو، فإن كروشو يرى في هذه المسيرة دليلًا على أن العدالة، وإن تأخرت، تبقى ممكنة.

العدالة كضرورة إنسانية

من مشاهد المذابح في بوتشا الأوكرانية، حيث أعدم الجنود الروس 400 مدني، إلى تلال سربرينيتشا التي شهدت إبادة جماعية، يؤكد كروشو أن تحقيق العدالة ليس مجرد مطلب أخلاقي، بل ضرورة إنسانية لمنع تكرار مثل هذه الفظائع في المستقبل.

اقرأ أيضا