السياسة التركية في سوريا.. تضليل داخلي وانتصارات وهمية

الثلاثاء 14 يناير 2025 | 01:29 مساءً
اردوغان..فورين بوليسى
اردوغان..فورين بوليسى
كتب : محمود أمين فرحان

منذ سقوط بشار الأسد في منتصف ديسمبر 2024، تداول العديد من المحللين السياسيين والصحفيين فكرة أن تركيا هي "الفائز" في سوريا. 

هذه الرواية تبنتها الجهات الرسمية التركية ومؤيدوها، ولكن هل هي صحيحة؟ الإجابة: لا، أو على الأقل، تركيا لم تحقق أي انتصار حتى الآن. وفقًا لتقرير فورين بوليسى

لا شك أن تركيا تتمتع بموقع استراتيجي في سوريا، إذ أن حلفاءها المحليين، مثل هيئة تحرير الشام (HTS) والجيش الوطني السوري(جبهة النصرة سابقَا)، كانوا وراء انهيار نظام الأسد,كما أن قرب تركيا الجغرافي من سوريا بالإضافة إلى خبرتها المعروفة في مجال تطوير البنية التحتية سيساعد الشركات المرتبطة بأنقرة على الفوز بعقود إعادة الإعمار.

ومع ذلك، يواجه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان العديد من التحديات التي تحول دون تثبيت نفسه كوسيط أساسي في دمشق.

تستند الكثير من الادعاءات حول "فوز" تركيا في سوريا إلى حقيقة أن هيئة تحرير الشام وميليشيات الجيش الوطني السوري كان لهم دور بارز في سقوط حلب، وهو ما أدى إلى مغادرة الأسد البلاد التي حكمتها عائلته لعدة عقود,ولكن الأمور ليست دائمًا كما تبدو,الهجوم الذي أطلقته تركيا على حلب في أواخر نوفمبر 2024 كان يهدف إلى الضغط على الرئيس السوري للتفاوض بشأن تطبيع العلاقات بين البلدين، وهو هدف سعت تركيا لتحقيقه على مدار العامين الماضيين,وعندما انهار الجيش السوري، عدّلت أنقرة سياستها لتعلن أن الإطاحة بالأسد كانت جزءًا من خطتها الأصلية.

تركيا لم تحقق انتصارًا بعد في سوريا

بعد فترة قصيرة من دخول هيئة تحرير الشام إلى دمشق، ظهر وزير الخارجية التركي هاكان فيدان في العاصمة السورية، حيث أظهر دعمه للهيئة، وذلك في مشهد يمكن وصفه بالرمزي والمباشر,وفي هذا السياق، لا يمكن نسيان التناقض الواضح بين الدعوى التركية لرعاية هيئة تحرير الشام وبين الملاحقات القضائية القاسية التي تعرض لها الصحفيون الأتراك الذين كشفوا عن تنسيق أنقرة مع هذا الفرع التابع لتنظيم القاعدة في سنوات سابقة، وهو تنسيق كان يشرف عليه شخصيًا رئيس الاستخبارات التركي آنذاك، هاكان فيدان.

من الواضح أن أردوغان قد خلط بين طموحاته الشخصية وأولويات الشعب التركي، مستغلاً الصراع في سوريا لترويج رواية مزيفة عن الانتصار,ولكنه، في الواقع، لم يحقق أي تقدم حقيقي لصالح تركيا أو سوريا,ففي الوقت الذي يعلن فيه عن "الانتصار" ويحتفل بنجاحات وهمية، يعاني الشعب التركي من تداعيات اقتصادية وسياسية سلبية نتيجة لهذه السياسات الخاطئة والمضللة.

تركيا لم تحقق انتصارًا بعد في سوريا

لقد اتضح أن التلاعب الإعلامي وطمس الحقائق جزء من أسلوبه لإبقاء الشعب في حالة من الرضا الزائف,وعلى الرغم من كل الادعاءات بالنجاح، فإن الحقيقة تظل أن أردوغان لم يكن إلا جزءًا من تعميق الأزمة، ولم يكن له دور حقيقي في تغيير مجريات الأمور في سوريا، بل كان في كثير من الأحيان عائقًا أمام أي تسوية سياسية حقيقية.

اقرأ أيضا