مع اقتراب تنصيب الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب في 20 يناير، أثارت تصريحاته حول رغبته في شراء جرينلاند، عاصفة من الجدل عبر الأطلسي.
على الرغم من تأكيدات الدنمارك المتكررة بأن الجزيرة ليست للبيع، واصل ترامب الضغط على هذه القضية، بل وهدد بفرض رسوم جمركية على الدنمارك.
هذه الخطوة تطرح تساؤلات عديدة حول الأهمية الاستراتيجية لجرينلاند ودوافع ترامب وراء هذه الفكرة.
الأهمية الاستراتيجية لجرينلاند
جرينلاند، الجزيرة الواقعة في القطب الشمالي، تتمتع بأهمية استراتيجية كبيرة لعدة أسباب:
أولاً، تحتوي الجزيرة على ثروات طبيعية هائلة من المعادن والغاز والنفط. وفقًا للمفوضية الأوروبية، فإن 25 من أصل 34 مادة خام تعتبر "حرجة" لمستقبل أوروبا تتواجد في جرينلاند، بما في ذلك المواد المستخدمة في صناعة البطاريات وتوربينات الرياح والسيارات الكهربائية.
ثانيًا، أصبحت منطقة القطب الشمالي نقطة ساخنة جيوسياسية. المنطقة غنية بالمعادن واحتياطيات النفط والغاز، ومع تغير المناخ وذوبان الجليد، تزداد أهمية الممرات البحرية الجديدة التي قد تفتح أبوابًا اقتصادية كبيرة.
أخيرًا، تضم جرينلاند قاعدة "بيتوفيك" الفضائية الأمريكية، التي تعد جزءًا من نظام الإنذار المبكر للصواريخ الباليستية. الموقع الجغرافي للجزيرة يجعلها نقطة عبور رئيسية بين الولايات المتحدة وأوروبا، مما يعزز أهميتها العسكرية.
دوافع ترامب لشراء جرينلاند
اهتمام ترامب بجرينلاند ليس جديدًا، فقد طرح الفكرة خلال ولايته الأولى ولكنه واجه رفضًا قاطعًا من الدنمارك وسكان الجزيرة.
يعتقد المراقبون أن دوافعه الآن قد تكون مرتبطة برغبته في توسيع النفوذ الأمريكي في القطب الشمالي، خاصة مع تزايد النشاط الروسي والصيني في المنطقة.
الصين، على سبيل المثال، تسعى لأن تصبح دولة "شبه قطبية"، مما يزيد من المخاوف الأمريكية بشأن المنافسة على الموارد.
بالإضافة إلى ذلك، قد تكون جرينلاند بمثابة بديل لاحتكار الصين الحالي للمعادن النادرة، التي تعتبر حيوية للصناعات التكنولوجية والعسكرية.
ترامب، الذي يتبنى سياسة "أمريكا أولاً"، قد يرى في السيطرة على جرينلاند وسيلة لتعزيز الأمن القومي الأمريكي.
ردود الفعل الدولية
ردود الفعل من الدنمارك وأوروبا كانت سريعة وحازمة. جرينلاند هي جزء شبه مستقل من الدنمارك، ولن يتم تغيير وضعها إلا من خلال تعديل دستوري، كما أن سكان الجزيرة، الذين يسعون للاستقلال عن الدنمارك، لا يرغبون في استبدال سيد استعماري بآخر.
في تصريح قوي، قال السياسي الدنماركي راسموس يارلوف: "إذا كانت الأنشطة الأمريكية تهدف إلى السيطرة على الأراضي الدنماركية، فيجب منعها ومواجهتها".
ما حذر المستشار الألماني أولاف شولتس ووزير الخارجية الفرنسي جان-نويل بارو من أي تحركات أمريكية في هذا الاتجاه، مؤكدين على مبدأ "عدم انتهاك الحدود".