بوجه بشوش وابتسامة لا تفارق وجهه استطاع ممدوح عبد العليم على مدار مشواره الفني أن يترك بصمة فريدة في قلوب الجمهور، وقدم العديد من الأعمال المميزة في السينما والمسرح، لكنه تألق بشكل خاص في الدراما التلفزيونية إذ ارتبط اسمه بشخصياته منها "حربي" في "خالتي صفية والدير" و"رفيع العزايزي" في "الضوء الشارد".
رغم وفاته المفاجئة في يناير 2016 عن عمر ناهز 60 عامًا إثر أزمة قلبية أثناء ممارسته الرياضة في نادي الجزيرة، يظل إرثه الفني حاضراً بقوة، وفي السينما ما زال دوره في فيلم "بطل من ورق" يُعتبر أحد أبرز محطات مسيرته السينمائية، فقد صنع من خلاله أسطورته.
"بطل من ورق" مغامرة سينمائية
قدم المخرج نادر جلال عبر مشواره الفني العديد من الأفلام التي مزجت بين الجاسوسية والحركة والكوميديا، لكن فيلم "بطل من ورق" يظل تجربة استثنائية، ليس فقط بسبب طابعه الكوميدي والتشويقي، بل لأنه نجح في الاقتراب من قلوب المشاهدين ببراعة وخفة، الفيلم رفضه عدد من الفنانين قبل أن يقبل به ممدوح عبد العليم وهو لا يعلم أنه سوف يصبح علامة فارقة ونقطة تحول في مسيرته، خاصة أنه كان يسعى حينها لتثبيت قدميه في السينما.
"بطل من ورق" حمل توقيع السيناريست إبراهيم الجرواني، وهو لم يكن معروفاً حينها والغريب أنه لم يحالفه الحظ في تحقيق شهرة واسعة بعد نجاح الفيلم، ولكنه حقق نجاحاً كبيراً لكل أبطاله ممدوح عبد العليم، وآثار الحكيم وأحمد بدير وصلاح قابيل، ليصبح الفيلم بمثابة مغامرة جماعية أثمرت عن نجاح جماهيري كبير.
"رامي قشوع".. بطل عادي بملامح استثنائية
قدم ممدوح عبد العليم شخصية "رامي قشوع" ببراعة شديدة، مما جعلها محفورة في ذاكرة الجمهور، وجسد في الفيلم قصة كاتب سيناريو ريفي يحاول العمل في السينما، لكنه يتعرض لمواقف غريبة وتقع إحدى سيناريوهاته في يد عامل آلة كاتبة مضطرب نفسياً يقرر تنفيذ الجرائم المكتوبة في السيناريو حرفياً.
"رامي" لا يمتلك سمات البطل الخارق، هو شاب طموح ألقى به طموحه في زحمة القاهرة ليواجه بمفرده قسوة المدينة التي لا ترحم الغرباء، حظه العثر يوقعه في أزمات لا تنتهي، ويشعر بالخوف والضعف لكنه يتحلى بالمسؤولية، ويدخل في مطاردات خطرة لإنقاذ أرواح بريئة بمساعدة الصحفية "سوسن" التي جسدت دورها آثار الحكيم قبل أن يحاول "سمير" الذي قدمه دوره أحمد بدير تنفيذ السيناريو في الواقع، ليجسد "قشوع" مفهوماً للبطولة التي تقوم على الشجاعة والإنسانية في مواجهة العنف.
تفاصيل صنعت الأسطورة
أكد ممدوح عبد العليم في أحد حواراته أن من ملامح شخصية "رامي قشوع" جاءت من إبداعه الشخصي منها اللهجة والنظارة الضخمة، حتى المنديل الأحمر الذي استخدمه في المشاهد الأخيرة، كلها كانت إضافات جعلت الشخصية تعبر إلي قلب المشاهد وأكثر واقعية، وساهمت تلك التفاصيل الصغيرة في تحويل "رامي قشوع" إلى شخصية من دم ولحم واستطاع الجمهور أن يتفاعل معها ويتذكرها لسنوات طويلة.
يبقى فيلم "بطل من ورق" شاهداً على عبقرية ممدوح عبد العليم وقدرته على تقديم أداء يمزج بين الكوميديا والتشويق، وتعيش الشخصية سنوات تضفي السعادة والمتعة للجمهور وتعيش للسينما.