تعد محطة الضبعة النووية، التي تبنى على ساحل البحر الأبيض المتوسط، بوابة مصر نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي من الطاقة الكهربائية وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري، فهذا المشروع القومي الضخم، الذي تنفذه مصر بالتعاون مع روسيا سوف يمثل نقلة نوعية في قطاع الطاقة المصري ويغير من خريطة الطاقة في مصر، ويفتح آفاقاً جديدة للتنمية الاقتصادية.
كما تعد هذه المحطة بداية قوية لبرنامج نووي طموح يهدف إلى تلبية احتياجات الطاقة المتزايدة وتوفير فرص عمل كبيرة، إذ تم توظيف 18 ألف مصري في هذا المشروع الاستراتيجي الضخم، ومؤخراً ظهر الدكتور أمجد الوكيل، رئيس هيئة المحطات النووية لتوليد الكهرباء، وتحدث عن قرب وصول وعاء المفاعل (Reactor vessel) للوحدة النووية الأولى بمشروع محطة الضبعة خلال النصف الثاني من العام 2025م، كما أكد أنه يجري حالياً استكمال تصنيع وتركيب هيكل الاحتواء الداخلي لمباني المفاعلات النووية، متوقعاً أن يتم تسليم هذه المعدات خلال العام 2025.
كما كشف الوكيل أنه سيتم بدء أعمال اختبارات التشغيل للوحدة النووية الأولى خلال الربع الرابع من عام 2027، على أن تبدأ عمليات التشغيل لهذه الوحدة بالربع الرابع من 2028، وعقب ذلك سيتوالى تدشين باقي الوحدات للدخول إلى الخدمة تباعاً حتى الوحدة الرابعة في عام 2030، لينتقل المشروع من مرحلة الإنشاءات والتركيبات إلى مرحلة التشغيل والصيانة التي ستمتد لأكثر من 60 عاماً لتحقيق الاستدامة كأحد أهم المصادر الآمنة للطاقة، وأن الاتفاق مع الجانب الروسي -المنفذ للمشروع- جاء على أن تكون نسبة المشاركة المحلية للوحدة النووية الأولى والثانية بنسبة لا تقل عن 20 - 25% وللوحدة الثالثة والرابعة بنسبة لا تقل 30 – 35%.
وفي تصريحات لـ "بلدنا اليوم" أشار الدكتور حافظ سلماوي، أستاذ هندسة الطاقة، أن الدولة بالتعاون مع روسيا قد وضعوا خطة لعمل محطة الضبعة النووية، وأن العمل في المشروع يسير وفق الجدول الزمني المخطط له، حيث من المقرر أن تدخل أول وحدة من المفاعلات النووية الخدمة في سبتمبر 2028، تليها الوحدة الثانية في مارس 2029، والوحدة الثالثة في سبتمبر من نفس العام، والرابعة "الأخيرة" في مارس من العام 2030م.
وأكد سلماوي على سير العمل في محطة الضبعة وفق الخطة الموضوعة، وأن النتائج مبشرة، مشيرًا إلى أن محطة الضيعة ستضم 4 مفاعلات نووية حديثة من الجيل الثالث المتقدم، قدرة كل مفاعل منها 1200 ميجا وات، وأن الأربع مفاعلات سيوفرون 4800 ميجا وات أي 35 مليار كيلو وات ساعة، وهو ما يعكس توجه الدولة نحو اعتماد التكنولوجيات النووية المتقدمة.
وردًا على سؤال هل هناك عوامل قد تسرع عمل المحطات النووية، أشار الدكتور سلماوي أن طبيعة هذه المحطات تتطلب إجراءات أمنية وفحوصات دقيقة، مما يحد من فرص التسريع الكبير. مضيفاً أن وجود رقابة من جهات خارجية على عمل المحطات يساهم في ضمان أمن وسلامة المشروع، لكنه قد يؤدي إلى بعض التأخيرات الإجرائية. كما أشار إلى أن الظروف الخارجية، مثل الأوضاع في روسيا التي تمول المشروع بالمعدات والأجهزة، يمكن أن تؤثر بشكل كبير، فإذا استقرت روسيا كان تنفيذ المشروع أسرع، والعكس.
الكهرباء النووية أرخص من الوقود التقليدي
كما علق على تأثير محطة الضبعة على أسعار الكهرباء للمستهلكين والشركات؟ وقال إن التأثير سيكون إيجابيا، لأن الكهرباء المنتجة من الطاقة النووية، ستكون بسعر أقل من المنتجة من الوقود، وأن الفترة المقبلة هناك ارتفاعات في أسعار الطاقة، فالطاقة النووية سينتج عنها انخفاض الأسعار.
وكشف أن مصر بها فجوة بين الاحتياجات من الغاز وبين الإنتاج، وأنه بحلول عام 2040 قد تصل الفجوة 50% من قيمة الاحتياجات من الغاز، ولذلك فإتن الدولة تتجه للخارج من أجل شراء الغاز، لتشغيل المحطات الكهربائية، لذلك فإن محطة الضبعة ستكون هي الحل ومن المتوقع انخفاض أسعار الكهرباء بعد تشغيل محطة الضبعة.
على صعيد أخر، كشف علي عبد النبي، خبير الطاقة ونائب رئيس هيئة المحطات النووية سابقًا، أن الدولة تولي اهتماماً كبيراً بمصادر إنتاج الطاقة لتلبية احتياجات المواطنين، وعدم الاتجاه للاستيراد من الخارج، موضحًا أن المحطات النووية تعتبر من أفضل المحطات انتاجًا للطاقة الكهربائية على مستوى العالم، وأنها أنظف من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، وأن المعايير الجديدة للطاقة النووية صارمة وتمنع حدوث أي حوادث قدر المستطاع، وذلك لعدم تكرار ما حدث مثل كارثة تشيرنوبل، و فوكوشيما، فالمحطات النووية آمنة ومؤمنة ضد الكوارث الطبيعية مثل الزلازل و ضد التدخل البشري كالقذائف الصاروخية ووقوع الطائرات.
وأشار أن محطة الضبعة النووية بها أشياء حديثة منها استخدام الجيل الثالث المطور وأن المفاعل يتم تبريدها حتى لا تتسرب الحرارة للأرض، محطة الضبعة لا تتأثر حتى إذا حدث زلزال قوته 8 ريختر، تكون محطة الضبعة ثابتة وتتوقف فقط عن العمل، ولكن بعد استقرار الأرض تعيد التشغيل، وأن المحطات النووية بها معايير الأمن النووي، وذلك بعد خبرة أكثر من 60 عامًا، وأن أي حادثة في المحطات النووية من قبل لن تتكرر.
كما أوضح الخبير أن محطة الضبعة النووية تتميز أيضاً بمعايير أمان نووي عالية جدًا، فالمحطة مجهزة بأحدث الأنظمة والمعدات التي تضمن سلامة التشغيل والحد من أي مخاطر محتملة، فالمفاعلات يتم تبريدها حتى لا تتسرب الحرارة للأرض، كما أن محطة الضبعة لا تتأثر حتى إذا حدث زلزال بقوة 8 ريختر، كما أن التصميم الهندسي للمحطة يأخذ في الاعتبار جميع السيناريوهات المحتملة، بما في ذلك الزلازل وغيرها من الأخطار الطبيعية.