بعد قرار اليوم.. خبراء يكشفون دوافع البنك المركزي لتثبيت سعر الفائدة

الخميس 26 ديسمبر 2024 | 11:32 مساءً
صورة أرشيفية.. البنك المركزي المصري
صورة أرشيفية.. البنك المركزي المصري
كتب : علا عوض

قررت لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري في ختام اجتماعها الأخير لعام 2024، اليوم الخميس، الإبقاء على سعر عائد الإيداع لليلة واحدة عند 27.25% وسعر الإقراض عند 28.25%.

ويعتمد البنك المركزي على أداة سعر الفائدة للحد من التضخم، حيث يتم خفض الفائدة عندما ينخفض التضخم، وزيادتها عند ارتفاع الأسعار.

وفي اجتماع استثنائي عقدته اللجنة في 6 مارس الماضي، قررت رفع سعر عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة، بالإضافة إلى سعر العملية الرئيسية للبنك المركزي بمقدار 600 نقطة أساس، ليصل إلى 27.25% و28.25% و27.75% على التوالي، كما تم رفع سعر الائتمان والخصم بنفس القدر ليصل إلى 27.75%.

القرار ودوافعه الاقتصادية

يعتبر قرار البنك المركزي بتثبيت سعر الفائدة قرارًا حاسمًا في سياق الاستراتيجية الاقتصادية التي يتبعها البنك لمكافحة التضخم ودعم استقرار الاقتصاد المصري. يأتي هذا القرار في أعقاب عدة خطوات رفع فيها البنك المركزي أسعار الفائدة بشكل تدريجي بهدف احتواء الضغوط التضخمية الناتجة عن ارتفاع أسعار السلع والخدمات. وقد اعتبر البنك المركزي أن تثبيت سعر الفائدة في هذه المرحلة هو الأنسب للحفاظ على التوازن بين دعم النشاط الاقتصادي وتحقيق استقرار الأسعار.

يعكس نهجًا حذرًا من جانب السلطات النقدية

الدكتور خالد الشافعي الخبير الاقتصاديالدكتور خالد الشافعي الخبير الاقتصادي

وفي تعليق له على القرار، أكد الدكتور خالد الشافعي، الخبير الاقتصادي، أن قرار البنك المركزي المصري بتثبيت أسعار الفائدة للمرة السادسة على التوالي يعكس نهجًا حذرًا من جانب السلطات النقدية في مواجهة التحديات الاقتصادية الراهنة.

وأوضح «الشافعي»، أن قرار التثبيت جاء بناءً على واقع التضخم، الذي يظهر اتجاهًا نزوليًا، إلا أن هذا الانخفاض ما زال غير مستدام نتيجة للتقلبات في معدلات التضخم، مضيفًا أن التوقعات والبيانات الاقتصادية تشير إلى أن لجنة السياسة النقدية تتابع بعناية المؤشرات الاقتصادية العالمية والمحلية، مع مراعاة تأثير المخاطر الجيوسياسية والنزاعات الدولية، التي تسهم في استمرار الضغوط التضخمية.

وفيما يتعلق بتأثير قرار تثبيت الفائدة على أسعار الدولار والذهب والجنيه المصري، أشار الشافعي إلى أن قرار التثبيت يعكس مؤشرين رئيسيين هما مؤشر تكرار الربحية ومعدل السيولة.

وأكد أن القرار لن يؤثر بشكل كبير على سعر الصرف ومرونته، ولكن في حال تم تخفيض الفائدة، كان من المحتمل أن يقلل من جاذبية أدوات الدين المحلي للمستثمرين، ما كان سيؤثر سلبًا على الاحتياطي النقدي.

تأثير قرار المركزي على سعر الذهب

وفيما يخص الذهب، قال الخبير الاقتصادي، إن أسعاره ستظل عند مستوياتها الحالية، حيث يرتبط الذهب بشكل رئيسي بالبورصات العالمية وأسعار الفائدة الأمريكية، مشيرًا إلى أن الذهب يظل حساسًا لهذه العوامل.

واختتم بالإشارة إلى أن تثبيت أسعار الفائدة يُعزز من جاذبية الاستثمار في أذون الخزانة ذات العوائد المرتفعة، مما يدعم قوة الجنيه أمام الدولار، مؤكدًا أن البنك المركزي يواصل استخدام أسعار الفائدة كأداة رئيسية لمكافحة التضخم على المدى المتوسط والطويل.

عوامل محلية ودولية

الدكتورة هدى الملاحالدكتورة هدى الملاح

وأكدت الدكتورة هدى الملاح، أستاذة الاقتصاد بجامعة القاهرة، أن تثبيت الفائدة يُعد استجابة لعدد من العوامل المحلية والدولية التي تؤثر على الاقتصاد المصري. 

وقالت «الملاح»: «البنك المركزي قرر تثبيت الفائدة نظرًا للتطورات الاقتصادية العالمية والمحلية. من ناحية، ما زالت معدلات التضخم مرتفعة، ومن ناحية أخرى، يسعى البنك المركزي إلى عدم فرض ضغوط إضافية على الاقتصاد المصري الذي يعاني من تحديات عدة مثل التضخم العالمي وتقلبات أسعار النفط».

وأضافت أستاذة الاقتصاد، أن تثبيت الفائدة يُعتبر خطوة في طريق استقرار الاقتصاد المصري على المدى الطويل، ويعكس تقديرًا للوضع المحلي حيث يرى البنك المركزي أن تأثير زيادة الفائدة على النمو الاقتصادي قد يكون أكبر من الفائدة المرجوة من محاربة التضخم.

التحديات الاقتصادية في مصر

تواجه مصر العديد من التحديات الاقتصادية التي تجعل قرارات البنك المركزي ذات أهمية كبيرة. من أبرز هذه التحديات التضخم المرتفع، الذي أثر بشكل كبير على القدرة الشرائية للمواطنين. وفقًا لتقرير البنك المركزي الأخير، ما زال التضخم العام في مصر عند مستويات مرتفعة، حيث سجل مؤشر أسعار المستهلكين حوالي 30% في نوفمبر 2024. كما يواجه الاقتصاد المصري ضغوطًا من ارتفاع أسعار السلع الأساسية والوقود في الأسواق العالمية، مما يزيد من صعوبة الوضع الاقتصادي للمواطنين.

بالإضافة إلى ذلك، يعاني الاقتصاد المصري من تقلبات في سعر الصرف، حيث شهد الجنيه المصري انخفاضًا في قيمته أمام العملات الأجنبية في السنوات الأخيرة. هذه التقلبات تتطلب من البنك المركزي التعامل بحذر لضمان استقرار العملة المحلية في ظل التحديات الاقتصادية العالمية.

التوقعات المستقبلية

 فيما يتعلق بالآفاق المستقبلية، يتوقع العديد من الخبراء أن البنك المركزي سيواصل مراقبة تطورات التضخم وأسعار الفائدة العالمية قبل اتخاذ أي خطوات جديدة في المستقبل. من المتوقع أن تكون قرارات الفائدة القادمة مشروطة بالتطورات الاقتصادية المحلية والدولية. على الرغم من أن تثبيت سعر الفائدة قد لا يكون الحل النهائي لمشكلة التضخم، إلا أنه يوفر فرصة لتحقيق التوازن بين دفع النمو الاقتصادي والسيطرة على التضخم.

اقرأ أيضا