كان أبو محمد الجولاني، قائد (جبهة تحرير الشام ) ، يظهر بلحية غير مهذبة وعمامة جهادية، ويبدو كما لو كان يؤدي دور أسامة بن لادن الشاب, لكنه اليوم يعكس صورة مختلفة تمامًا: زي عسكري أخضر على طراز الرئيس الأوكراني زيلينسكي، أو بذلات أنيقة مع بنطلونات تشينو، ولحية مهذبة بعناية. وقد تخلّى عن اسمه الحركي وبدأ يستخدم اسمه الحقيقي، أحمد حسين الشعار. هذا التحول في مظهره يثير التساؤلات حول مدى جدية هذا التغيير وما إذا كان يعبّر عن تحول حقيقي في مواقفه.
هل يجب على السوريين القلق؟
قد يثير هذا التحول شكوك السوريين حول ما إذا كان الجولاني، الذي كان قد بايع تنظيم القاعدة وقاتل القوات الغربية في العراق، قد تغير فعلاً. الرجل الذي أطاح بنظام بشار الأسد في دمشق قد يكون الآن أقوى شخص في البلاد، وهو يستعد للعب دور محوري في الانتقال من حكم الأسد الذي استمر لمدة 54 عامًا. فهل يمكن أن يقود الجولاني البلاد نحو الاستقرار؟
هل تغيير اللباس يعلن عن التحول؟
هذه هي الأسئلة التي يشغل بها القادة والمسؤولون الغربيون، الذين يراقبون عن كثب تطورات الوضع في سوريا. فرنسا وألمانيا بدأتا بالتعاون مع المعارضة السورية التي استولت على دمشق، بينما لا تزال الولايات المتحدة وبريطانيا تتناقشان حول ما إذا كان يجب إزالة اسم "هيئة تحرير الشام" (HTS) من قائمة المنظمات الإرهابية، وهي الجماعة التي يقودها الجولاني.
النضج أم مجرد خدعة؟
الجولاني، الذي بلغ من العمر 42 عامًا، حاول في مقابلة مع CNN التبرؤ من ماضيه الجهادي، محاولًا توضيح أن التطور الشخصي جزء من "طبيعة البشر". كما أكد أن الأقليات لا يجب أن تخشى، مدعيًا أن انتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبتها(هيئة تحرير الشام) خلال حكمهم في إدلب تعود إلى "أفراد معينين في فترات فوضى" وأنهم تعاملوا مع تلك القضايا.
لكن، هل هذا تحول حقيقي أم مجرد مظهر جديد؟ وما هو الدافع وراء تصريحاته التي تدعي أنه سيحترم التنوع السوري؟
تحذيرات الخبراء: غموض مستمر رغم التصريحات التي قد تبدو تطمينية، يبقى الجولاني شخصية غامضة، كما يرى الخبراء. إدموند حسين، الكاتب الكبير في مجلس العلاقات الخارجية، أشار إلى أن هناك الكثير من الغموض حول الجولاني، بل وحتى حول مكان ولادته. وأضاف أن "من غير المعروف كم عدد الأمريكيين والعرب الذين قتلهم في فترة قيادته لتنظيم القاعدة".
هل يمكن الوثوق في الجولاني؟
على الرغم من أن بعض المحللين يرون أن تحول الجولاني إلى نهج أكثر شمولية ربما يكون حقيقيًا، مثلما يرى جوليان بارنس-ديسي من المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، فإن آخرين يتوقعون أن تكون هذه مجرد "خدعة سياسية". وقال الدبلوماسي الأمريكي السابق ألبرتو فرنانديز إن الثقة في الجولاني تشبه "الانتصار في الأمل على التجربة".
مستقبل سوريا تحت قيادة الجولاني؟
في النهاية، يبقى السؤال الأكبر: هل سيقود الجولاني سوريا نحو دولة ديمقراطية تحتضن جميع طوائفها، أم ستظل البلاد تحت حكم جماعة إسلامية متشددة تسيطر على أغلبية سنية؟