أعلنت هيئة البث الإسرائيلية عن مصادقة الحكومة على التوغل داخل المنطقة العازلة وبعض مواقع المراقبة في الجولان، تثار العديد من الأسئلة التي تستدعي النقاش، أبرزها: هل يعد خرق إسرائيل لاتفاق فض الاشتباك وتوغلها في سوريا انتهاكاً للقانون.
منذ اندلاع الحرب الأهلية في سوريا، تسعى إسرائيل إلى منع تعزيز التواجد العسكري الإيراني وحزب الله في الأراضي السورية، خاصة في المناطق القريبة من حدودها.
الاستيلاء على المنطقة العازلة في الجولان من قبل إسرائيل يأتي في سياق هذه الأهداف الاستراتيجية، حيث تسعى إلى قطع الطرق الرئيسية التي يستخدمها حزب الله لإمداد نفسه بالأسلحة من إيران عبر العراق وسوريا، من خلال السيطرة على مناطق مثل الزبداني.
كما تحاول إسرائيل تقليص قدرة حزب الله على إعادة التسلح والتمويل العسكري، الأمر الذي يحد من قدرة الحزب على تهديد أمن إسرائيل.
هذا التغير في التوازن الاستراتيجي يعني أن إسرائيل قد نجحت في تقليص تأثير القوى المدعومة من إيران في المنطقة، مما يعرقل حركة الإمدادات الحيوية التي تعتمد عليها هذه الجماعات.
كما أن ذلك يعزز من سيطرة إسرائيل على الأمن الحدودي ويقلل من التهديدات العسكرية المستقبلية، سواء من قبل حزب الله أو من الجماعات المدعومة إيرانياً في سوريا والعراق.
إتفاقية فض الاشتباك
في هذا السياق تقدم بلدنا اليوم تحليلا للأحداث في سوريا
يقول الخبير السياسي المتخصص في الشؤون الدولية والاستراتيجية، بسام أبو عبدالله، في تصريحات خاصة لبلدنا اليوم، إن اتفاقية فض الاشتباك التي تم توقيعها في 31 مايو 1974 بين سوريا وإسرائيل في جنيف، بحضور ممثلين عن الأمم المتحدة والاتحاد السوفييتي والولايات المتحدة الأميركية، كانت تشمل وثيقة علنية وخريطة وبروتوكول يتعلق بوضع قوات الأمم المتحدة، بالإضافة إلى تفاصيل حول وضع قوات البلدين. ووفقا للاتفاق، وافقت إسرائيل على التخلي عن الأراضي التي احتلتها، بما في ذلك شريط ضيق حول القنيطرة.
التوغل الإسرائيلي: انتهاك للقانون الدولي
وفيما يتعلق بالتوغل الإسرائيلي في الأراضي السورية، أكد أبو عبدالله أن هذا التصرف يشكل انتهاكاً لاتفاقية فض الاشتباك الموقعة بعد حرب أكتوبر 1973.
وأوضح أن تجاهل إسرائيل لهذه الاتفاقية يعد خرقاً للقانون الدولي وللمبادئ التي تدافع عنها الأمم المتحدة، والتي تشدد على ضرورة التزام الدول بما تم الاتفاق عليه في١ المعاهدات الدولية، هذا التوغل الإسرائيلي يشكل تهديداً للسلام والاستقرار في المنطقة ويمثل خرقاً لمبدأ الوفاء بالاتفاقات في القانون الدولي.
وفي نفس السياق أكد الباحث المتخصص في الشؤون الإيرانية أسامة حمدي لبلدنا اليوم
وصف الباحث المتخصص في الشؤون الإيرانية الأستاذ أسامة حمدي العملية العسكرية الإسرائيلية في سوريا بأنها خرق صارخ للقانون الدولي، مشيرًا إلى أن العديد من الدول في المنطقة، بما في ذلك مصر ودول عربية وإيران أدانت هذه العمليات العسكرية.
وأكد حمدي أن هذه العملية لا تستهدف فقط ضرب خطوط الإمدادات الإيرانية إلى حزب الله اللبناني، بل هي جزء من خطة استعمارية توسعية تهدف لتحقيق أطماع إسرائيل في الأراضي السورية، تحت مزاعم تقليص قدرات حزب الله أو تأمين الحدود من الجماعات السورية المسلحة.
الاستراتيجية الصهيونية: التوسع المستمر وتحقيق حلم النيل للفرات
أشار حمدي إلى أن الاستراتيجية الإسرائيلية تعتمد على التوسع المستمر في المنطقة لتحقيق "الحلم الصهيوني" الذي يسعى إلى خلق دولة إسرائيل الممتدة من النيل إلى الفرات. ولفت إلى أن هذا الحلم يعود إلى فترة قديمة من تاريخ الصهيونية، ويعتمد على احتلال أراضٍ عربية تحت مزاعم واهية، وهو ما يتجلى في السياسات الإسرائيلية الحالية.
إلغاء اتفاق فض الاشتباك: خرق للقانون الدولي
أكد حمدي أن قرار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بإلغاء اتفاق فض الاشتباك بين إسرائيل وسوريا، الذي تم التوصل إليه بعد حرب 1973، يشكل خرقًا واضحًا للقانون الدولي. كان الاتفاق ينص على وجود منطقة عازلة بين البلدين تحت إشراف قوات الأمم المتحدة، وكان يهدف إلى منع التصعيد بين الجانبين. وأوضح أن هذا الإلغاء يعد مخالفًا للقانون، حيث أن الاتفاقات الدولية تُعقد بين الدول وليس مع الأنظمة الحاكمة.
التوسع الإسرائيلي في الجولان: السيطرة على الأراضي السورية
استغلت إسرائيل إلغاء الاتفاق لتوسيع سيطرتها في هضبة الجولان السورية والمنطقة العازلة، وبدأت في إنشاء مناطق آمنة جديدة. الهدف من هذه التحركات، وفقًا لحمدي، هو تقليل تأثيرات الهجمات المحتملة من الجماعات المسلحة السورية ذات الطابع الديني، والتي قد تتحول إلى تهديد لإسرائيل في المستقبل.
تدمير القدرات العسكرية السورية: استراتيجية طويلة الأمد
لم تقتصر إسرائيل على ضرب مناطق الجولان فقط، بل قامت بتدمير العديد من القدرات العسكرية للجيش السوري، بما في ذلك قصف المطارات والمنشآت العسكرية السورية، وتدمير منظومات الدفاع الجوي، والسفن الحربية، والمراكز البحثية العلمية العسكرية
واشار حمدي على أن هذه العمليات تهدف إلى القضاء على الجيش السوري الذي طالما شكل تهديدًا لإسرائيل، خاصة فيما يتعلق بمطالبته بحقوقه في هضبة الجولان.
التوسع الإسرائيلي نحو دمشق: خطوة جديدة نحو الاحتلال
أوضح حمدي أن إسرائيل لم تكتفِ بالتمدد في الجولان، بل توسعت حتى وصلت إلى مشارف مدينة دمشق، على بُعد 25 كم فقط منها. وأكد أن هذه المناطق ليست فقط نقاط نقل للأسلحة إلى حزب الله، بل جزء من الاحتلال الإسرائيلي الجديد للأراضي السورية في إطار سعيها لتحقيق أهدافها التوسعية في المنطقة.
التأثير على حزب الله: تغيير طرق الإمداد ودعم إيران المستمر
بالرغم من ضرب إسرائيل لخطوط الإمداد بين إيران وحزب الله، أكد حمدي أن إيران ستبحث عن بدائل أخرى لتوفير الدعم لحزب الله، مشيرًا إلى أن إيران ستواصل دعم المقاومة في سوريا، بما في ذلك فتح قنوات اتصال مع جماعات سورية معارضة.
وأوضح أن المسؤولين الإيرانيين، بما في ذلك وزير الخارجية عباس عراقجي، أشاروا إلى أن المقاومة ستستمر، وأن حزب الله يمتلك مخزونًا من الأسلحة يكفيه لخوض حرب لمدة عام أو عامين.