لقي أكثر من 100 شخص حتفهم، وأُصيب مئات آخرون، في ضربة جوية نفذتها القوات السودانية على سوق في مدينة كبكابية بشمال دارفور، وفق ما أفادت به مجموعة محامو الطوارئ المؤيدة للديمقراطية لشبكة ال سى إن إن الأمريكية اليوم الثلاثاء. الهجوم يُضاف إلى سلسلة من الانتهاكات التي تُتهم جميع الأطراف المتحاربة في السودان بارتكابها في حرب طاحنة مستمرة منذ نحو 20 شهرًا.
وبحسب المجموعة، استهدفت الضربة الجوية السوق خلال يومه الأسبوعي، الذي يشهد عادة تجمع السكان من القرى المجاورة لشراء احتياجاتهم. وقد أدى الهجوم إلى مقتل العشرات وإصابة مئات المدنيين، بينهم نساء وأطفال، مما يُبرز الخطر المتزايد على حياة السكان في ظل التصعيد العسكري المستمر.
تصعيد عسكري يُصيب المدنيين
ووصفت مجموعة محامو الطوارئ الهجوم بأنه "مجزرة مروعة نفذتها الضربات الجوية للجيش السوداني". في المقابل، نفى الجيش السوداني مسؤوليته عن الهجوم، مُؤكدًا أن الاتهامات تُروّجها أحزاب سياسية تدعم قوات الدعم السريع. وأوضح الجيش في بيان رسمي أن هذه الاتهامات "أكاذيب"، مضيفًا أنه سيستمر في "ممارسة حقه المشروع في الدفاع عن البلاد".
في مشاهد وردت إلى وكالة الصحافة الفرنسية من مصادر مدنية، ظهرت بقايا محترقة لأطفال ملقاة على الأرض المتفحمة وسط أنقاض السوق، بينما كان السكان يفتشون عن ناجين وسط الحطام. ولم يتم التأكد من صحة هذه المشاهد بشكل مستقل من قبل وكالة الصحافة الفرنسية.
كما أُبلغ عن وقوع حوادث مشابهة، حيث أصيبت ثلاث مناطق في مدينة نيالا، عاصمة ولاية جنوب دارفور، بقصف بالبراميل المتفجرة مساء الاثنين. ولم تُسجل تقارير رسمية عن وقوع ضحايا جراء هذا الهجوم.
دارفور: منطقة تعاني من النزوح والجوع
تُعدّ دارفور منطقة بحجم فرنسا تقريبًا، وهي موطن لنحو ربع سكان السودان. ومع ذلك، فإن أكثر من نصف سكانها يُعانون من النزوح بسبب الصراعات المستمرة. وفي يوليو الماضي، أصدرت تقارير مدعومة من الأمم المتحدة تُظهر أن المجاعة أصبحت سيدة الموقف في أحد المخيمات الرئيسية بشمال دارفور بعد حصار قوات الدعم السريع لأشهر.
وفقًا للمنظمات الإنسانية، يُواجه نحو 26 مليون سوداني – أي نحو نصف السكان – تهديد المجاعة، مع اتهامات مُتزايدة بأن الطرفين المتحاربين يستغلان الجوع كسلاح في الصراع الدائر.
هيومن رايتس ووتش تُدين الانتهاكات وتحذر من التصعيد العسكري
في إطار التصعيد المستمر، أفادت منظمة هيومن رايتس ووتش بأن قوات الدعم السريع ومليشيات عربية متحالفة تُنفّذ عمليات واسعة ضد المدنيين في ولاية جنوب كردفان. وتشمل هذه الانتهاكات عمليات قتل واغتصاب واختطاف، بالإضافة إلى نهب المنازل وتدميرها.
وقد دعت المنظمة الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي إلى نشر بعثة خاصة تهدف إلى حماية المدنيين في السودان.
الضربات الجوية: تصعيد خطير يضع المدنيين في مرمى النيران
تُظهر الهجمات المتكررة أن الصراع في السودان دخل مرحلة تصعيد خطير، مع استهداف مناطق سكنية مدنية بشكل مباشر. وتؤكد التقارير أن قوات الدعم السريع والجيش السوداني يواصلان الهجمات ضد المدنيين، مما يزيد من معاناة السكان الذين يواجهون تهديد الجوع والنزوح.
فيما تُظهر الصور التي تُظهر آثار الضربة الجوية، مشاهد مؤلمة من الأطفال الذين تُركت جثثهم بين الأنقاض، في مؤشر صارخ على فقدان الحماية الأساسية وسط تصاعد المعارك.
التداعيات تتزايد: أزمة إنسانية تهدد باندلاع مجاعات واسعة
في ظل هذه التطورات، تُظهر التقارير الإنسانية أن الوضع يزداد سوءًا مع استمرار الحصار والحرب. وتشير التقديرات إلى أن عدد النازحين في دارفور يزيد بمئات الآلاف يوميًا، فيما تتزايد التحذيرات من أزمة غذائية قد تُفاقم معاناة السكان، خاصة مع تقارير تُتهم فيها الأطراف المتحاربة باستخدام المجاعة كسلاح حرب.
بينما تحاول المنظمات الحقوقية والإنسانية التدخل، تبقى الساحة السودانية مرشحة لمزيد من التصعيد العسكري، مع غياب الاستقرار أو الحلول السياسية الفعالة.