مع بدء التصويت في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، تنتظر دول العالم نتيجة هذا السباق الأمريكي، حيث من المتوقع أن تؤثر نتائج الانتخابات على السياسة العالمية بدءًا من أوكرانيا والشرق الأوسط وصولاً إلى التجارة الدولية.
بين المرشحين، تمثل كامالا هاريس وعدًا باستمرار السياسات الحالية، بينما يُنظر إلى دونالد ترامب كمصدر للفوضى غير المتوقعة، ويعكس السباق في مجمله انقسامًا في مسار سياسات أمريكا الخارجية، إذ بات العالم يدرك أن العصر الذهبي لأمريكا كقوة عظمى وحيدة قد ولّى، بغض النظر عن الفائز.
تغير المزاج العالمي
رصدت وكالة "بلومبرغ نيوز" وفقا لما اطلعت عليه "بلدنا اليوم" تغير المزاج العام في مختلف المناطق الدولية؛ فبين دول مجموعة السبع والدول الطموحة في الجنوب العالمي، يسود الحذر في التعامل مع النتائج.
ورغم أن الولايات المتحدة لم تعد مصدر القرارات الحصرية في العالم، إلا أن قراراتها ما زالت تحظى بثقل كبير.
ولدى العديد من الدول مخاوف اقتصادية من سياسات ترامب التجارية التي سبق أن استخدمت الاقتصاد الأمريكي كأداة ضغط؛ كما أن الشركاء الدوليين، بما في ذلك كوريا الجنوبية، لديهم استعدادات للرد عبر التصعيد التعريفي الجمركي.
أوكرانيا وأوروبا
تشعر أوكرانيا بالتجاهل، فيما تواجه أوروبا تحديات كبرى حول قدرتها على الدفاع عن نفسها، وسط استياء واضح من عدم استجابة الدول الغربية السريعة للتوترات في المنطقة.
وقد تعهدت هاريس بدعم مستمر لأوكرانيا، في حين أن ترامب وعد بإنهاء الحرب بسرعة من خلال الضغط على روسيا وأوكرانيا للتفاوض، مشيرًا إلى ضرورة تخفيض الدعم الأمريكي وتركيز أوروبا على تحمل العبء الأكبر في دعم كييف.
الشرق الأوسط والصراعات القائمة
منذ أحداث السابع من أكتوبر، تصاعدت وتيرة العنف في الشرق الأوسط. وقد تعهدت هاريس باستمرار الدعم لإسرائيل مع التأكيد على ضرورة حماية المدنيين في غزة.
بينما أظهر ترامب تعاطفًا مع السياسات الأمنية الإسرائيلية، مشيرًا إلى أهمية اتخاذ خطوات أكثر صرامة ضد إيران.
وتظل مسألة النووي الإيراني مصدر قلق مشترك، حيث تعهد كل من هاريس وترامب بالحيلولة دون حصول إيران على السلاح النووي.
التجارة والحروب التجارية
أدى توجه الولايات المتحدة نحو سياسات الحماية التجارية إلى مخاوف كبيرة بين البنوك المركزية العالمية، إذ يخشى الاقتصاديون من أن تؤدي السياسات الحمائية إلى حروب تجارية قد تبطئ من وتيرة النمو الاقتصادي العالمي وترفع من مستويات التضخم.
وتدعم هاريس سياسات بايدن الحالية التي تشمل فرض التعريفات الجمركية لحماية الاقتصاد المحلي. بينما يعتزم ترامب، في حالة فوزه، إعادة فرض تعريفات شاملة تصل إلى 20% على الواردات، كوسيلة لدفع الاستثمارات داخل الولايات المتحدة.
التوترات مع الصين وتايوان
أصبحت المواجهة مع الصين محورية في السياسة الأمريكية، لا سيما مع توسيع بكين لنفوذها العسكري والاقتصادي في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، الأمر الذي يدفع واشنطن إلى اتخاذ خطوات لاحتواء هذا التوسع. وتعد هاريس مؤيدة لنهج بايدن في فرض قيود على صادرات الرقائق والتكنولوجيا المتقدمة إلى الصين، ودعم التحالفات في المنطقة لمواجهة التهديدات الصينية المتصاعدة. في المقابل، يرى ترامب أن القيود على الصين يجب أن تكون أشمل وأكثر صرامة، ملوحًا بتعريفات جمركية قد تشمل جميع الصادرات الصينية.
الهجرة وأمريكا اللاتينية
أثارت قضية الهجرة ضغوطًا متزايدة على النظام السياسي الأمريكي، خصوصًا مع التدفق المستمر للمهاجرين عبر الحدود الجنوبية. تدعو هاريس إلى تشديد القيود على الهجرة غير الشرعية وإيجاد مسارات قانونية للحصول على الجنسية للمهاجرين المستوفين للشروط، بينما يعد ترامب بسياسات صارمة، منها ترحيل ملايين المهاجرين غير الشرعيين وفرض قيود مشددة على اللجوء.
تطلع عالمي وحذر مشترك
تشهد عواصم العالم انقسامًا حول مرشحي الانتخابات الأمريكية 2024 ، حيث ترى بعض الدول فرصًا في عودة ترامب كونه أقل انغماسًا في التحالفات التقليدية، بينما ينظر البعض الآخر إلى استمرارية هاريس كضمان للاستقرار، وإن كان أقل تأكيدًا للهيمنة الأمريكية. إن نتيجة الانتخابات لن تحدد مستقبل الديمقراطية في أمريكا فحسب، بل ستكون مؤشرًا على قدرتها على إعادة تحديد دورها العالمي في ظل متغيرات عديدة تحيط بها.