تظل الأزمة الروسية الأوكرانية موضوعًا عالميًا ملتهبًا منذ اندلاعها في فبراير 2022، ومع دخول الحرب عامها الثالث، تتوالى التغييرات في موازين القوى والتطورات الاستراتيجية بين الجانبين، من الدعم الغربي لأوكرانيا، إلى التحولات التكتيكية التي تتبناها روسيا.
كل هذه الأحداث تثير التساؤل: لمن تكون اليد العليا في هذا النزاع الممتد؟
نستعرض في هذا التقرير أحدث التطورات في الحرب الروسية الأوكرانية وتأثيراتها على الصعيدين المحلي والدولي.
التطورات العسكرية على الأرض
شهدت الأسابيع الأخيرة عمليات عسكرية واسعة النطاق على عدة جبهات، خاصة في المناطق الشرقية والجنوبية من أوكرانيا، حيث تواصل روسيا عملياتها بتركيز على مناطق باخموت وزاباروجيا الاستراتيجية. وأظهرت أوكرانيا مقاومة قوية مدعومة بتسليح حديث وتكتيكات جديدة تستهدف إضعاف قدرات روسيا في المواقع المتقدمة.
وفي الوقت الذي كانت روسيا تعمل على توسيع سيطرتها في منطقة دونباس، قامت القوات الأوكرانية بتنفيذ هجمات مضادة في خيرسون ومحيطها، ما أجبر روسيا على إعادة تموضع قواتها في بعض المناطق. وقد ساعد الدعم الغربي المستمر لأوكرانيا، والذي شمل أنظمة دفاعية متطورة وطائرات مسيّرة، في تعزيز قدراتها في مواجهة روسيا وإبطاء تقدمها العسكري.
التحديات الاقتصادية وتأثير العقوبات
تأثرت روسيا بشكل كبير بالعقوبات الاقتصادية المفروضة عليها من الغرب، إلا أن الاقتصاد الروسي أثبت مرونة نسبية من خلال الاعتماد على تحالفات تجارية جديدة مع دول مثل الصين والهند، وتوظيف احتياطياتها النقدية لتعويض بعض الخسائر.
ومع ذلك، لا تزال الضغوط مستمرة، حيث تقلصت قدرة روسيا على استيراد المعدات التكنولوجية اللازمة لدعم صناعاتها.
في المقابل، تعاني أوكرانيا من تحديات اقتصادية جسيمة نتيجة للدمار الكبير في بنيتها التحتية، ما يجعلها تعتمد بشكل أساسي على المساعدات الدولية للحفاظ على استقرارها. وتشير التقارير إلى أن أوكرانيا تحتاج إلى مساعدات دائمة لضمان استمرار الحكومة في أداء مهامها وتلبية احتياجات السكان المتضررين.
الدور الغربي وتأثيره على مسار الحرب
كانت المساعدات العسكرية والمالية الغربية لأوكرانيا حاسمة في الحفاظ على استقرار الجبهة الأوكرانية. وتواصل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي دعم أوكرانيا ماليًا وعسكريًا، حيث تم تزويدها بأسلحة حديثة، مما رفع من مستوى قدراتها القتالية.
لكن بعض الدول الغربية بدأت في التعبير عن قلقها من تأثير هذه المساعدات على اقتصاداتها المحلية، وقد يدفع هذا التحول أوكرانيا إلى السعي لمزيد من الاستقلالية في إدارة مواردها العسكرية مستقبلاً.
توقعات بشأن مستقبل الحرب
تشير التحليلات إلى أن الأزمة قد تستمر لفترة أطول من المتوقع، حيث يسعى كلا الطرفين لتحقيق مكاسب ميدانية استراتيجية قبل الدخول في أي مفاوضات سلمية. ويعتمد المستقبل على عدة عوامل منها مدى الدعم الدولي المستمر لأوكرانيا، والقدرة الروسية على الصمود أمام العقوبات الاقتصادية، وقدرتها على تجديد قواتها وإمداداتها العسكرية.
في ظل هذه المعطيات، تظل اليد العليا متغيرة بين روسيا وأوكرانيا، مما يعقّد إمكانية حسم الحرب في الأجل القريب، حيث تتصارع الأطراف على المكاسب الاستراتيجية، بينما ينتظر المجتمع الدولي بقلق حلاً سياسيًا يضع حدًا لهذا النزاع.