تشير الأوضاع وتوترات التي تشهدها المنطقة أن الشرق الأوسط يتجه نحو إعادة تشكيل القوى الإقليمية في ظل التصعيد بين إيران وإسرائيل ومحاولة استغلال تل أبيب لحرب السابع من أكتوبر في مطاردة إيران وأذرعها المتمركزة في لبنان وسوريا والعراق واليمن بحجة ظاهرة أنها تدافع عن نفسها وتسعى لتحقيق الأمن لمواطنيها، ولكن باطنها التوسع في الدول العربية الحاضنة لوكلاء إيران، وسط توقعات أن سوريا هى خطوة تل أبيب المقبلة بعد السيطرة على جنوب لبنان.
قال محمود علوش، الباحث في العلاقات الدولية، إن مخاطر اندلاع حرب إقليمية بين إيران وإسرائيل تتزايد في ظل التصعيد المستمر بين الطرفين.
وأضاف "علوش" في تصريحات خاصة لجريدة «بلدنا اليوم» أن هناك عدة عوامل تعمل كأدوات ردع لانفجار المنطقة وعلى رأسها التكاليف الباهظة على إيران في ظل تردي الأوضاع الاقتصادية بالدولة.
وتابع الباحث في العلاقات الدولية: أن السبب الثاني يتمثل في الولايات المتحدة الأمريكية التي تعمل كحائط سد لمنع حدوث مواجهات مباشرة وانخراطها في هذه الصراعات، ولاسيما أنها على أعتاب انتخابات رئاسية أمريكية.
وأردف: أن واشنطن تسعى لتخفيف التزامها العسكري في منطقة الشرق الأوسط، لذلك فهى حريصة على عدم الانخراط في صراعات إقليمية جديدة في ظل مواجهتها للتغيرات الجيوساسية العالمية خلال الفترة الحالية المتمثلة في روسيا بأوروبا والصين في آسيا.
ويرى محمود علوش، أن أمريكا تواجه معضلة كبيرة في الشرق الأوسط، وتتمثل في عدم قدرتها على السيطرة على سلوك رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خصوصا مع اقتراب الانتخابات الرئاسية الأمريكية.
وأوضح، أن منطقة الشرق الأوسط تمر بحالة من إعادة رسم القوى الإقليمية بعد حرب السابع من أكتوبر التي تديرها إسرائيل ليس من منظور إعادة الردع ولكن من مبدأ الفرص التي أوجدتها هذه الحرب والقضاء على التهديدات المستقبلية المتمثلة في حماس بغزة وحزب الله في لبنان وإيران.
وقال إن نتائج هذه الحرب ستؤدي إلى تغيير وجه الشرق الأوسط والذى أشار إليه نتنياهو في البداية بأنه يعمل على تغيير المنطقة من خلال الاندفاع الإسرائيلي القوى لمواجهة الوجود الإيراني في سوريا واليمن والعراق ولبنان والذي سينتهي بالمواجهة المباشرة مع طهران، للاستفادة من الفرصة التي تلقتها من هذا الصراع لإعادة تشكيل الشرق الأوسط.
وأشار إلى أن الوضع العسكري يسمح لإسرائيل بفتح مواجهاته مباشرة مع إيران على عكس طهران التي تمثل هذه الصراعات تهديدات وجودية لها.
ولفت إلى أن ضعف حزب الله في لبنان والمقاومة في غزة وسوريا يقلص الخيارات أمام إيران لإدارة هذه الحرب وتجعل جميع المقترحة أمامها سيئة وعالية المخاطر.
ونوه إلى أن الحرب في لبنان ستحدد على نحو كبير اتجاهات الشرق الأوسط، مضيفا أن في حالة عمق تل أبيب تورطها في لبنان وسوريا سيفتح مخاطر جديدة على المنطقة.
ويرى أن الشرق الأوسط مرهون بمدى قدرة تل أبيب على تحقيق أهدافها الإقليمية، مضيف أن حرب السابع من أكتوبر وضعت القضية الفلسطينية أمام خيارين أم حل شامل وعادل وهذا مستبعد، أو مسار ينطوي على مزيد من التصعيد وسط طموحات إسرائيلية بالسيطرة على الضفة الغربية وعزة.
ومن جانبه، قال السفير جمال بيومي، مساعد وزير الخارجية الأسبق، إن ارتدادات 7 أكتوبر لن تبقى ضمن حدود غزة، بل سيمتد إلى الداخل السوري.
وأضاف بيومي في تصريحات خاصة لجريدة «بلدنا اليوم» أنه من الواضح أن إسرائيل ستكتفي بقصف مواقع لحزب الله داخل لبنان لإجباره على نقل عناصر الحزب إلى سوريا.
وتابع: أن هدف إسرائيل من دفع حزب لنقل مركزه في سوريا لتبرير دخولها المستقبلي بحجة ملاحقة حزب الله.
وأشار إلى أن سيناريو الهجوم المباشر بين إسرائيل وإيران فهو ضعيف، مرجعا ذلك إلى أن واشنطن تتجه شيئا فشيئا نحو معركة الانتخابات الرئاسية فالتالي ستحاول جاهدة تهدئة الأوضاع مع المحافظة على تفوق إسرائيل ودعمها لحسابات انتخابية أيضًا.
ومن جهته، قال علي تمي، الكاتب السياسي والباحث الكردي، إسرائيل كانت تريد استغلال الهجوم على غزة ومحاولة اقتحام معبر رفح لتوريط مصر في هذا الصراع.
وأضاف تمي في تصريحات خاصة لجريدة «بلدنا اليوم» أن القيادة المصرية تحلت بالحكمة والديناميكية في التعامل مع هذه التطورات قرب حدودها.
وتابع: أن الحديث عن وقف إطلاق النار بين المقاومة الفلسطينية وإسرائيل سابق لأوانه، وأعتقد أنه سيكون هناك تدخل عسكري إسرائيلي إلى داخل سوريا بعمق 40 كم وبضوء أخضر عربي لأن إيران ومليشياتها تجاوزت حدودها العربية المسموح لها.
ورجع الكاتب السياسي عدم وقوع تصادم مباشر بين تل أبيب وطهران، متوقعا أن يتحرك يحرك كل طرف أدواته ضد الآخر.
ولفت إلى أن واشنطن حريصة على التهدئة، مضيفا أن لهذا السبب إيران تتجنب التصادم مع إسرائيل بشكل مباشر والجبهة التي ستتصاعد فيها الجبهات هي الجبهة الداخلية السورية في الفترة المقبلة.