في السابع من أكتوبر العام الماضي، انطلقت عملية "طوفان الأقصى"، المعروفة في إسرائيل باسم "السيوف الحديدية" أو "الحرب الفلسطينية الإسرائيلية"، وهي عملية عسكرية واسعة النطاق نفذتها فصائل المقاومة الفلسطينية، وعلى رأسها حركة حماس وجناحها العسكري كتائب عز الدين القسام.
وفي الساعات الأولى من صباح يوم السبت 7 أكتوبر 2023، أعلن القائد العام للكتائب، محمد الضيف، عن بدء العملية ردًا الانتهاكات الإسرائيلية في المسجد الأقصى والاعتداءات المتكررة من المستوطنين على الفلسطينيين في القدس والضفة الغربية والمناطق المحتلة.
انطلقت العملية بهجوم صاروخي واسع النطاق استهدفت فيه المقاومة الفلسطينية عدة مستوطنات إسرائيلية، من ديمونا جنوبًا إلى هود هشارون شمالًا، والقدس شرقًا.
تزامنًا مع الهجوم الصاروخي، قامت وحدات من المقاومة بعمليات اقتحام بري باستخدام سيارات رباعية الدفع ودراجات نارية وطائرات شراعية، مستهدفة البلدات المحيطة بقطاع غزة، فيما يُعرف بـ "غلاف غزة". استطاع المقاومون السيطرة على مواقع عسكرية في سديروت وأوفاكيم ونتيفوت، وخاضوا اشتباكات عنيفة في هذه المستوطنات وغيرها، كما قاموا بأسر جنود ومدنيين إسرائيليين واقتيادهم إلى غزة، إلى جانب اغتنام معدات وآليات عسكرية.
في 9 أكتوبر، أعلن الجيش الإسرائيلي استعادته السيطرة على كافة البلدات التي اقتحمتها فصائل المقاومة في محيط غزة، رغم استمرار بعض المناوشات المتفرقة، كما أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف غالانت، فرض حصار شامل على قطاع غزة، يتضمن منع دخول الغذاء والوقود.
واستمرت الحرب عامًا كاملاً، ومع نهاية هذا العام بدأ الصراع يتوسع خارج فلسطين والأراضي المحتلة، ليطول لبنان، مع مشاركة أطراف من اليمن والعراق ولبنان في ضرب إسرائيل.
فماذا سيحدث في السابع من أكتوبر هذا العام تزامنًا مع الذكرى الأولى للحرب؟ هل تتوسع الحرب؟ أم تنجح مفاوضات وقفها؟
إسرائيل تصفي حساباتها
يقول المحلل السياسي الدكتور عمرو الهلالي إن إسرائيل استخدمت أحداث السابع من أكتوبر 2023 لتصفية حساباتها مع القوى المناوئة لها في مختلف الجبهات، متجاوزة العديد من الثوابت المعروفة عن سلوكها الحربي.
وأكد الهلالي، لـ"بلدنا اليوم" أن إحدى هذه الثوابت هي عدم قدرة إسرائيل على خوض حرب طويلة الأمد بسبب ما تفرضه التعبئة من ضغوط على اقتصادها، كما حدث في حرب أكتوبر 1973، فورغم أن المواجهة الحالية مع حركة حماس ليست متكافئة عسكريًا، إلا أنها تظل مرهقة لإسرائيل التي أكملت عامًا في هذه المواجهات.
وأضاف الهلالي أن إسرائيل، لأول مرة في تاريخها، تخوض مواجهات عسكرية على عدة جبهات في وقت واحد، مشيرًا إلى أنها تتعمد إشعال جميع الجبهات لتصفية حساباتها القديمة والجديدة.
وأوضح أن إسرائيل تستغل الوضع الإقليمي لتحقيق هدفها في القضاء على خصومها أو إضعافهم لفترات طويلة.
وأشار إلى أن إسرائيل تسعى لاستمرار التصعيد، خاصة في ما يتعلق بجر حزب الله إلى مواجهة مشابهة لتلك التي خاضتها مع غزة، ولكن مع أساليب أكثر تطورًا.
ورغم ذلك، يرى الهلالي أن الاجتياح البري للبنان مسألة مستبعدة أو مؤجلة على الأقل، معتبرًا أن سياسة "الأرض المحروقة" التي تتبعها إسرائيل في لبنان هي جزء من استراتيجيتها المنهجية، خاصة مع استهدافها لقيادات حزب الله، في دلالة واضحة على قدرتها على الاختراق واستغلال هذه الفرصة.
وأكد الهلالي أن إسرائيل تصفي حساباتها مع جميع الأطراف، بما في ذلك الجبهة المصرية، حيث تحاول إجراء تغييرات في العلاقة مع مصر، خصوصًا فيما يتعلق باتفاقيات محور فيلادلفيا.
وأشار إلى أن زيارة رئيس الأركان المصري للحدود تعكس هذا التوتر في العلاقة.
وفيما يتعلق بإيران، أوضح الهلالي أن إسرائيل تسعى بشكل واضح إلى قطع أذرع إيران في المنطقة، والتي تعرف باسم "الهلال الشيعي".
وأضاف أنه لولا الضغط الأمريكي، لكانت إسرائيل قد قامت بالفعل بتوجيه ضربة مباشرة لإيران.
المقاومة مستمرة
ومن جانبه، يرى الدكتور رفعت سيد أحمد، مدير مركز يافا للبحوث والدراسات، بأن هناك عدة احتمالات متوقعة فيما يتعلق بتطورات الصراع الحالي في المنطقة، مشيرًا إلى أن المقاومة العربية تضرب إسرائيل من جنوب لبنان، وغزة، والعراق، واليمن.
وأكد أحمد، لـ"بلدنا اليوم"، أن الدول العربية لم تقطع علاقاتها مع إسرائيل، وأن إسرائيل، رغم مرور عام كامل على المواجهات، لم تحقق أهدافها ولم تسترجع الأسرى المحتجزين لدى الفصائل الفلسطينية.
وأشار أحمد إلى احتمال توسيع الحرب في لبنان إلى حرب شاملة، قد يشهد خلالها تدمير مطار بن غوريون وتل أبيب من قِبَل حزب الله، ردًا على تدمير بيروت.
وأوضح أن حزب الله يعمل بحسابات دقيقة ويستهدف الأهداف العسكرية بشكل خاص، في حين أن إسرائيل، في ظل وجود حكومة يمينية متطرفة، قد تتجه نحو إشعال حرب جديدة في ذكرى السابع من أكتوبر.
وأضاف أحمد أن هناك احتمالًا ثالثًا يتمثل في إيقاف المجازر الإسرائيلية المستمرة في غزة ولبنان وانسحاب القوات الإسرائيلية من غزة، مما قد يدفع حزب الله إلى إيقاف إطلاق النار، لكنه أوضح أن هذا السيناريو غير وارد حتى الآن.
كما لم يستبعد تدخل كل من إيران وسوريا في هذه الحرب المفتوحة، مشيرًا إلى أن لإيران حسابات خاصة بالاتفاق مع حزب الله.
وحذر من أن توسع إسرائيل في الحرب قد يؤدي في النهاية إلى تدخل إيراني وسوري مباشر.
الضفة الغربية
أما المحلل السياسي والباحث في القضايا الدولية والقانونية، نعمان توفيق العابد، فيرى أن الوضع قد يتغير في ضفة الغربية خلال المرحلة المقبلة من الحرب.
وأكد العابد أن الضفة الغربية ومخيماتها كانت تتعرض للعدوان الإسرائيلي منذ فترة طويلة وقبل أحداث 7 أكتوبر 2023، وأشار إلى أن هذه الاعتداءات تأتي ضمن مخطط الحكومة الإسرائيلية اليمينية المتطرفة، التي تسعى للسيطرة على الضفة الغربية منذ تأسيسها، لاعتقادها بأن الأراضي الفلسطينية يجب أن تكون مخصصة فقط لليهود.
وأضاف أن التصعيد الإسرائيلي في الضفة الغربية ازداد بشكل ملحوظ منذ 7 أكتوبر، مع تكثيف عمليات الاقتحام والاعتقالات العشوائية، وقد يزداد أكثر في المرحلة المقبلة.
وأشار العابد، إلى أن قوات الاحتلال تستهدف تدمير البنية التحتية في الضفة الغربية كجزء من محاولاتها للضغط على السكان الفلسطينيين.
وأوضح أن الاحتلال يعلم بوجود دعم شعبي للمقاومة الفلسطينية، لذلك يلجأ إلى استخدام الاقتحامات والضغوطات بهدف تهجير الفلسطينيين وإجبارهم على ترك وطنهم.
كما لفت إلى أن حكومة بنيامين نتنياهو، رئيس وزراء إسرائيل، أقرت عدة قوانين في الكنيست تهدف إلى إعادة الضفة الغربية تحت السيطرة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية، مما يعكس رغبتها في فرض نفوذها بشكل كامل على المنطقة.