اشتهر بحضوره الطاغي وخفة ظله، وتمكن من حفر اسمه بحروف من ذهب في عالم الكوميديا، عرف بخروجه عن النص في أعماله المسرحية، وترك بصمته الخاصة في السينما، حيث وقف أمام عمالقة الفن ونجح في جذب إعجاب الجمهور كأحد أبرز فناني الكوميديا في تاريخ الفن المصري، هو أمين الهنيدي الذي تمر اليوم ذكرى ميلاده.
ولد أمين الهنيدي في الأول من أكتوبر عام 1925 بمدينة المنصورة في محافظة الدقهلية. مع انتقاله إلى القاهرة برفقة والده، الذي كان يتنقل بسبب طبيعة عمله، بدأ حبه للفن منذ صغره. في سن الثانية عشرة، تأثر بفن المونولوج وبدأ بتقليد إسماعيل ياسين وثريا حلمي، مما جعله ينضم لاحقًا إلى فرقة التمثيل في مدرسة شبرا الثانوية، بعد دخوله كلية الآداب، تخلى عن الدراسة بها ليلتحق بالمعهد العالي للتربية الرياضية، حيث تخرج عام 1949.
لم يكن الهنيدي فنانًا فقط، بل عمل أيضًا في مجال التدريس كمدرس تربية رياضية، وواصل التدرج في المناصب الحكومية حتى وصل إلى مدير عام النشاط الرياضي بوزارة التعليم. رغم نجاحه في الفن، لم يتخل عن عمله الحكومي حتى وصوله لسن التقاعد.
التقى الهنيدي بالفنان الكبير نجيب الريحاني الذي أُعجب بأدائه حين رآه في عرض تمثيلي بكلية الآداب. الريحاني تنبأ له بمستقبل باهر في الكوميديا، ومن هنا بدأت مسيرته المسرحية بانضمامه لفرقة الريحاني. بعدها، سافر إلى السودان في مهمة عمل، حيث التقى بالفنان "محمد المصري" (أبو لمعة)، وكونا معًا فرقة مسرحية بالنادي المصري في الخرطوم.
مشواره الفني انطلق بشكل جاد عندما التقى عبد المنعم مدبولي والكاتب الساخر يوسف عوف، وشارك معهما في تقديم البرنامج الإذاعي الشهير "ساعة لقلبك". بعد ذلك، انضم إلى مسرح التليفزيون حيث تألق في أدوار كوميدية، أبرزها دور المدرس في مسرحية "لوكاندة الفردوس".
انضم لاحقًا إلى فرقة تحية كاريوكا، ثم فرقة الفنانين المتحدين، حيث قدم عدة مسرحيات شهيرة مثل "المغفل" و"شارع البهلوان". واستمرت مسيرته المسرحية مع أعمال بارزة مثل "غراميات عفيفي"، "سد الحنك"، و"عائلة سعيدة جدًا"، التي كانت آخر مسرحياته.
في السينما، كان للهنيدي حضور مميز، حيث قدم أكثر من 30 فيلمًا، من أشهرها "حماتي ملاك"، "زوجة من باريس"، "شنطة حمزة"، و"غرام في الكرنك". كما تألق في فيلم "الحدق يفهم" أمام محمود عبد العزيز، ليترك بصمة لا تُنسى في عالم السينما.
رغم نجاحاته الكبيرة، عاش أمين الهنيدي فترات صعبة في نهاية حياته. أصيب بسرطان المعدة، وعانى من الاكتئاب نتيجة تراكم الديون. سافر للعلاج في لندن، لكنه عاد إلى مصر بعد أن تفاقم المرض.
توفي أمين الهنيدي في 3 يوليو 1986 بعد تصوير آخر أعماله السينمائية "القطار". رحل تاركًا وراءه إرثًا فنيًا كبيرًا، يظل شاهدًا على موهبته وحبه العميق للفن.