محمد وفيق، صاحب الصوت المميز والكاريزما الطاغية، والذي برع في تجسيد الشخصيات التاريخية في الدراما المصرية، يعد واحدًا من أبرز الفنانين الذين عشقوا مهنة التمثيل واختاروا أدوارهم بعناية. وعلى الرغم من رفضه لقب "نجم الشباك"، إلا أنه حقق شهرة واسعة من خلال أدواره الخالدة مثل "عزيز الجبالي" في "رأفت الهجان"، والعقيد "فؤاد الشرنوبي" في فيلم "الهروب"، و"فاضل الجمال" في "سعد اليتيم".
كان المخرج يوسف شاهين من أوائل الذين اكتشفوا موهبته، كما عمل مع المخرج الكبير عاطف الطيب.
وُلد محمد وفيق في 24 سبتمبر 1947 بالإسكندرية لأب كان أستاذًا جامعيًا. حصل على الثانوية العامة من المدرسة المرقسية، وتخرج في المعهد العالي للفنون المسرحية عام 1967 ضمن دفعة ضمت نجومًا مثل نور الشريف، ومجدي وهبة، وعبد العزيز مخيون.
بدأ مسيرته الفنية بمسرحية "لا حدود" عن فلسطين، وتوالت بعدها الأعمال التي أثبت من خلالها قدراته التمثيلية الفذة.
انطلق وفيق نحو عالم التليفزيون عام 1968 من خلال مسلسل "الفلاح"، وقدم أول أدواره السينمائية في فيلم "الرجل الذي فقد ظله" في نفس العام. ولكن الانطلاقة الحقيقية له جاءت مع مسلسل "هروب" عام 1976، وتبعها بأدوار تاريخية بارزة، منها "الظاهر بيبرس" و"عمرو بن العاص" في فيلم "الرسالة"، لم يهتم بحجم الدور بقدر اهتمامه بترك بصمة واضحة في كل عمل يشارك فيه.
تميز وفيق بصوته العميق ولغته العربية الفصحى، مما أهله لأداء الشخصيات التاريخية باقتدار، مثل أدواره في مسلسلات "علي مبارك"، "بوابة الحلواني"، "السيرة الهلالية"، "محمد رسول الله"، و"الطبري".
كما تألق في الأعمال الاجتماعية، من بينها "رحلة السيد أبو العلا البشري"، "ليالي الحلمية"، و"ابن ليل"، فيما نالت شخصية "عزيز الجبالي" في "رأفت الهجان" شهرة استثنائية.
رغم نجاحه الكبير في الدراما، لم يحظى وفيق بنفس الحظ في السينما، إذ شارك في عدد من الأفلام البارزة مثل "سعد اليتيم"، و"الهروب"، و"131 أشغال". وكان دوره الضابط "فؤاد الشرنوبي" في "الهروب" من أبرز أدواره السينمائية.
تزوج محمد وفيق من ابنة خالته الفنانة كوثر العسال، وظل ينتظرها نحو 20 عامًا حتى وفاة زوجها الفنان عبد المنعم إبراهيم. وبعد وفاتها، تبرع بمجوهراتها لصالح مستشفى سرطان الأطفال، وأوصى بأن يُدفن إلى جوارها.
في 14 مارس 2015، رحل محمد وفيق عن عمر ناهز 67 عامًا بعد خضوعه لعملية قلب مفتوح، تاركًا وراءه إرثًا فنيًا خالدًا يشهد على موهبته الفذة.