عقد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مؤتمراً صحفياً في القدس المحتلة قبل أيام، حيث عرض خريطة لما يسمى "محور فيلادلفيا" وحدد ادعاءات كاذبة حول تسلل الأسلحة من خلال هذا الشريط الحدودي بين مصر وقطاع غزة، مشدداً على ضرورة التواجد العسكري الإسرائيلي في المنطقة.
من جانبها، رفضت مصر تماماً أي محاولات إسرائيلية لانتهاك الاتفاقات المتعلقة بـ"محور فيلادلفيا" وأكدت على ضبط النفس منذ بدء التصعيد العسكري على غزة. وقد قوبلت تصريحات نتنياهو بردود فعل دولية داعمة لمصر، مشيرة إلى أن التواجد العسكري الإسرائيلي قد يزيد من تفاقم الأزمات ويعرقل جهود وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى مع حماس.
محور فيلادلفيا.. التعريف والأهمية التاريخية
محور فيلادلفيا، والذي يعرف أيضاً باسم محور "صلاح الدين"، هو شريط حدودي يمتد بطول 14.5 كيلومتر بين شبه جزيرة سيناء وقطاع غزة. يُعد هذا المحور منطقة عازلة وفقاً لاتفاقية كامب ديفيد الموقعة بين مصر وإسرائيل.
يعد طريق صلاح الدين أو فيلادلفيا من أقدم الطرق التاريخية التي شهدت مرور جيوش مصر القديمة والإسكندر الأكبر والصليبيين. وكان له دور كبير في التاريخ العسكري والإستراتيجي للمنطقة.
تضمنت اتفاقية كامب ديفيد 1979 نصوصاً تنص على انسحاب القوات العسكرية من جانبي المحور مع السماح بنشر قوات محدودة للقيام بدوريات على الجانب المصري لمنع التهريب والتسلل. كما نصت اتفاقية "أوسلو الثانية" عام 1995 على إبقاء المحور كمنطقة آمنة لمنع تهريب المواد غير المشروعة.
في سبتمبر 2005، تم توقيع بروتوكول "فيلادلفيا" بين مصر وإسرائيل، والذي نص على نشر قوات مصرية على الحدود مع غزة لمكافحة الإرهاب والتهريب. كما كان هناك تواجد عسكري إسرائيلي محدود في المنطقة.
بعد سيطرة حماس على غزة عام 2007، عززت مصر قواتها الأمنية على الحدود وأغلقت الأنفاق. ومع تصاعد الأزمة الحالية، أصبحت المنطقة واحدة من أهم المناطق الاستراتيجية المستهدفة من قبل إسرائيل.
زيارة الفريق أحمد خليفة، رئيس الأركان المصري، إلى محور فيلادلفيا أثارت القلق في إسرائيل، حيث وصفتها وسائل الإعلام الإسرائيلية بأنها "غير عادية"، وأشارت إلى أنها قد تكون رسالة "مزعجة" من القاهرة.
وأثارت الزيارة ردود فعل متفاوتة بين الإسرائيليين، بين مؤيدين لانسحاب الجيش من المحور وبين معارضين يرى أن التواجد العسكري قد يؤدي إلى مشاكل أكبر.
وتعيش إسرائيل حالة من التخبط في اتخاذ القرارات، مع تباين الآراء بين اليمين المتطرف والمعارضة، وسط مظاهرات واحتجاجات تطالب بحلول واقعية لملف تبادل الأسرى والضغط على الحكومة.