تحل اليوم ذكرى إعدام الكاتب والمفكر المصري سيد قطب، أحد أبرز رموز جماعة الإخوان المسلمين، الذي أعدم في 29 أغسطس 1966، رغم مرور أكثر من نصف قرن على رحيله، إلا أن أفكاره وأعماله لا تزال مثيرة للجدل، ومحل نقاش مستمر في الأوساط الفكرية والسياسية.
ترك سيد قطب إرثًا فكريًا واسعًا، حيث أثار الجدل حول العديد من القضايا السياسية والدينية، ترجمتها كتبه ومؤلفاته التي أحدثت ضجة كبيرة، ولا تزال موضوعًا للبحث والتداول حتى اليوم.
- "أوراق سيد قطب المفقودة": كشف الستار عن أسرار خطيرة
أحدث ما تم الكشف عنه حول سيد قطب هو كتاب "أوراق سيد قطب المفقودة"، الذي أصدره الكاتب الصحفي حمادة إمام، مدير تحرير جريدة الشروق، يكشف الكتاب عن مجموعة من الأوراق غير المنشورة لسيد قطب، التي بلغ عددها 62 ورقة مكتوبة بخط يده، هذه الأوراق تعد من أخطر ما كتب قطب، حيث تتضمن أسرارًا واعترافات تُنشر لأول مرة، وتلقي الضوء على تفاصيل هامة عن علاقته بجماعة الإخوان المسلمين وكيفية وصوله إلى حبل المشنقة.
وفي هذا التقرير نستعرض لكم أبرز الأسرار والحقائق التي كشفها كتاب "أوراق سيد قطب المفقودة":
- أسرار هيكل وهويدي: كيف تسربت أوراق قطب؟
من بين أبرز الأسرار التي يكشفها الكتاب، هو أن الكاتب الراحل محمد حسنين هيكل كان أول من سرب هذه الأوراق، حيث يُعتقد أنه حصل عليها بعد أن سُلمت له من قبل الرئيس أنور السادات في أعقاب أحداث مايو 1971، يكشف حمادة إمام أن هيكل أعطى هذه الأوراق للكاتب فهمي هويدي، الذي قام بدوره بتقديمها لجريدة "المسلمون" للنشر. وقد نشرت الجريدة هذه الأوراق في 16 فبراير 1985، حيث أعلن صاحبها أن الوثيقة التي كتبها سيد قطب كانت ناقصة وغير كاملة، ومع ذلك، كان هناك ما يقرب من 36 ورقة مفقودة.
- اعترافات سيد قطب: خديعة ومؤامرات
من بين الاعترافات الصادمة التي تكشفها الأوراق المفقودة، هو اعتراف سيد قطب بأنه أخطأ وخُدع، وأن طموحه قاده إلى حبل المشنقة، كما يوضح الكتاب أن سيد قطب اعترف قبل إعدامه بأن حادثة المنشية، التي كانت محاولة لاغتيال الرئيس جمال عبد الناصر، لم تكن تمثيلية كما كان يُشاع، بل كانت من تدبير المخابرات الأمريكية، وتشير الأوراق أيضًا إلى أن نساء الجماعة لعبن دورًا هامًا في نقل أفكاره وتكليفاته إلى أعضاء الإخوان خارج السجن.
- دور الشيعة العراقيين في الإفراج عن سيد قطب
يبرز الكتاب أيضًا الدور الهام الذي لعبه الشيعة العراقيون في إطلاق سراح سيد قطب عام 1964 بوساطة من الرئيس العراقي آنذاك عبد السلام عارف، كان هذا بعد أن حكم عليه بالسجن 15 عامًا في قضية محاولة اغتيال الرئيس عبد الناصر في حادثة المنشية، يشير الكتاب إلى أن هذه الوساطة كانت نتيجة لعلاقات وطيدة بين تنظيم الإخوان المسلمين والشيعة العراقيين.
- سيد قطب وإعدام خميس والبقري: دور مشبوه
يكشف الكتاب أيضًا عن الدور الذي لعبه سيد قطب في قضية إعدام خميس والبقري، الذين قادا إضراب عمال كفر الدوار بعد ثورة 23 يوليو 1952، كان قطب المدني الوحيد الذي سمح له بحضور بعض جلسات مجلس قيادة الثورة، وكتب مقالًا في جريدة "الأخبار" حث فيه المجلس على التعامل بصرامة مع العمال المتظاهرين، مما أسهم في إصدار حكم الإعدام على خميس والبقري.
-لقاء مع فريد عبد الخالق: اعترافات قطب الأخيرة
وفي فصل آخر من الكتاب، يروي حمادة إمام لقاءً جمعه بالدكتور فريد عبد الخالق، السكرتير الشخصي لمرشد جماعة الإخوان المسلمين، والذي كان آخر من التقى بسيد قطب قبل إعدامه بثلاثة أيام، في هذا اللقاء، اعترف قطب لفريد بأنه تعرض للخديعة من قبل العناصر التي ورطته في التنظيم، يؤكد هذه الرواية اللواء فؤاد علام، وكيل مباحث أمن الدولة الأسبق، الذي أشار إلى أن قطب اعترف شخصيًا بخطئه في الفترة التي سبقت إعدامه.
- محمد حسنين هيكل والوثائق الناصرية
المفاجأة الكبرى التي يوردها الكتاب هي اعتراف محمد حسنين هيكل في كتابه "مبارك وزمانه من المنصة إلى الميدان"، حيث كشف كيف وصلت إليه الأوراق التي كانت في مكتب سامي شرف، مدير مكتب الرئيس جمال عبد الناصر، يروي هيكل أن هذه الأوراق كانت جزءًا من وثائق العهد الناصري التي تركها الرئيس السادات له، وأشار إلى أن هذه الوثائق تضمنت بعضًا من أخطر ما كُتب عن تلك الفترة، بما في ذلك أوراق سيد قطب.
وفي الختام، لا يزال سيد قطب، بعد مرور عقود على إعدامه، شخصية مثيرة للجدل، تحمل أوراقه المفقودة المزيد من الأسرار التي تسلط الضوء على جوانب خفية من حياته وأفكاره، ويكشف كتاب "أوراق سيد قطب المفقودة" تفاصيل جديدة عن تلك الحقبة الحساسة من تاريخ مصر، ويعيد فتح ملفات لم تغلق بعد، ليظل سيد قطب حاضرًا في الذاكرة الجمعية، كنموذج يجسد التناقضات والتحولات الكبرى التي شهدتها المنطقة في النصف الثاني من القرن العشرين.