داخل ورشة قديمة تبعد أمتار قليلة عن مقام الست عزيزة بمدينة أخميم في محافظة سوهاج؛ جلس ثلاثة أشقاء ما بين العقد السادس والسابع من العمر حول مركب خشبي تحت الإنشاء، للانتهاء منه وتقفيله قبل وصول الزبون، الذي جاء من محافظة أسوان على سُمعة الورشة وجودة شغلها ودقة ومتانة فلوكتها.
أقدم ورشة لمراكب الصيد بسوهاج
بملامح واحدة وبشعر عمه الشيب ارتدى ثلاثتهم الجلباب الصعيدي الخاص بالورشة، وبدأوا جميعًا العمل في مركب الصيد الذي يبلغ طوله حوالي 6 أمتار، وعكفوا على الانتهاء منه في الوقت المحدد، قبل وصول صاحبه، هذا ما عرفه الزبائن الذين يأتون للورشة التي توارثها الأشقاء عن والدهم وتخطى عمرها ال100 عام، عن دقة مواعيد استلام الشغل.
أقدم ورشة لمراكب الصيد بسوهاج
دقائق قليلة تجلسها بجوار المعلمين الثلاثة الذين جمعهم نسب الأب والأم وقوَّت أواصرهم وعلاقاتهم الاجتماعية صنعة مراكب وفلايك الصيد داخل ورشة واحدة، تشعر أنهم شخص واحد من تناغم العمل داخل المكان العتيق، كلٌ يعرف عمله والجزء الخاص به في المركب، لدرجة أن ضربة الجاكوش بالمكان تسمعها واحدة وكأنها لواحد وليس ثلاثة.
أقدم ورشة لمراكب الصيد بسوهاج
"كلنا أبناء مدرسة واحدة في صناعة مراكب الصيد، والدنا- رحمه الله- بدأ حياته في نجارة الفلايك بالإسكندرية، واتعلمها واتقنها هناك، وجاء لفتح هذه الورشة في أخميم".. بهذه الكلمات بدأ العم كمال أحمد عبدالواحد 65 عامًا حديثه لـ"بلدنا اليوم" عن تاريخ عائلته في تلك الصنعة، مضيفًا أنه عمل في الورشة مع والده عندما كان ابن 8 أعوام، مشيرًا إلى أن شقيقاه "جمال" 64 عامًا، و"عبده" 54 عامًا عملا بعده مباشرة في تلك المهنة، وتابع أقدم صاحب ورشة لصناعة مراكب الصيد بسوهاج أن الزباين يأتون إليهم من غالبية محافظات مصر؛ بسبب متانة الشغل ودقة المواعيد.
أقدم ورشة لمراكب الصيد بسوهاج
فيما قال العم جمال إن كل صياد له لون معين وفينش معين في الفلوكة؛ لتُعرف عن بُعد أنها ملك فلان، مضيفًا أن المركب يصنع من الخشب الأبيض الموسكي وخشب الشجر؛ لتكون متينة وتقاوم صدمات الحجارة على حواف النيل والترع، موضحًا أننا أدخلنا طبقة فيبر في جسم المركب ودهانات جديدة؛ لزيادة عمرها في الماء.
أقدم ورشة لمراكب الصيد بسوهاج
فيما أوضح العم عبده أن الزبون يأخذ الفلوكة على العمل مباشرة دون احتياجها لأي شئ حتى المجداف، مشيرًا إلى أن موسم عملهم في صناعة المراكب تكون ذروته في فصل الصيف، في الفترة من شهر يونيو حتى شهر سبتمبر، لافتًا إلى أنه لا يوجد أحد من أبنائهم يعمل في صناعة مراكب الصيد؛ على الرغم من كونهم نجارين؛ بسبب قلة العائد منها وموسمية شغلها.
أقدم ورشة لمراكب الصيد بسوهاج
أقدم ورشة لمراكب الصيد بسوهاجأقدم ورشة لمراكب الصيد بسوهاج