في مثل هذا اليوم من عام 1814، اجتاحت القوات البريطانية العاصمة الأمريكية واشنطن وأضرمت النيران في البيت الأبيض، مما أجبر الرئيس جيمس ماديسون وزوجته دوللي على الفرار.
لم يكتفِ البريطانيون بإحراق البيت الأبيض فحسب، بل امتدوا إلى العديد من المباني الحكومية الأخرى في المدينة، مما جعل هذه الحادثة الوحيدة التي تحتل فيها قوة أجنبية العاصمة الأمريكية.
وقعت هذه الأحداث في إطار حرب 1812 بين الولايات المتحدة وبريطانيا، التي اندلعت على خلفية التوترات المتعلقة بحقوق الولايات المتحدة البحرية، ردًا على الهجوم الأمريكي على مدينة يورك في كندا عام 1813، قاد الجنرال البريطاني روبرت روس قواته إلى واشنطن بعد هزيمة الجيش الأمريكي في معركة بلادينسبيرغ.
عندما وصلت القوات البريطانية إلى القصر التنفيذي، المعروف الآن بالبيت الأبيض، كان الرئيس ماديسون وزوجته قد هربا إلى ولاية ماريلاند، وجمع الجنود البريطانيون الغنائم من البيت الأبيض، بما في ذلك لوحات للملك جورج الثالث والملكة شارلوت، وساعة أثرية، وكتاب إيصالات الحكومة الخاص بالرئيس ماديسون.
وكان احتلال وحريق واشنطن جزءًا من سلسلة أحداث في حرب 1812، التي شهدت محاولات أمريكية لانتزاع أجزاء من كندا وفشل البريطانيين في إقامة دويلة حاجزة على الحدود مع كندا للهنود، السكان الأصليين في أمريكا الشمالية.
من ناحية أخرى، برر البريطانيون هجومهم بأنه رد على الانتهاكات الأمريكية السابقة، مثل هجومهم على برلمان كندا في تورونتو، وقد أشعل هذا الهجوم مشاعر العداء المتبادل، حيث تخطط الولايات المتحدة للانتقام من الجنرال روس بإحراق مسقط رأس عائلته في أيرلندا.
وفي خضم الحرب، سعت الولايات المتحدة إلى فرض سيطرتها على كندا، متوقعة انتصارًا سهلًا، إلا أن البريطانيين، مدعومين بالتحالف مع السكان الأصليين، تمكنوا من صد الهجمات الأمريكية المتكررة، ورغم الانتصارات البريطانية الأولية، استطاعت القوات الأمريكية في النهاية استعادة ديترويت وهزيمة التحالف البريطاني-الهندي في معركة نهر التايمز.
وفي النهاية، أدى تراجع الحروب في أوروبا بعد هزيمة نابليون إلى تحول القوات البريطانية نحو أمريكا، مما أتاح لها شن هجوم واسع على واشنطن، ولكن في نهاية المطاف، توصل الجانبان إلى معاهدة غنت في ديسمبر 1814، التي أعادت الأمور إلى ما كانت عليه قبل الحرب، دون أن تحل القضايا الأساسية التي أدت إلى النزاع.
وبالرغم من التوقيع على معاهدة السلام، استمرت الاشتباكات حتى وصول الخبر إلى أمريكا بعد ثلاثة أسابيع، ما أسفر عن انتصار أمريكي في معركة نيو أورليانز التي عززت الشعور الوطني الأمريكي بالنصر.
بعد انسحاب القوات البريطانية، عاد الرئيس ماديسون وزوجته إلى واشنطن، لكنهما لم يعودا للسكن في البيت الأبيض الذي دُمر بشكل كبير، وظل البيت الأبيض مغلقًا حتى عام 1817 عندما انتقل إليه الرئيس الجديد جيمس مونرو بعد إعادة بنائه.