هتلر واتفاقية "هعفراه".. الحلقة المنسية في تاريخ الهجرة اليهودية إلى فلسطين

بينما يُعرف عن أدولف هتلر، القائد النازي، مذبحته الشهيرة ضد اليهود خلال الحرب العالمية الثانية،والمعروفة بـ"الهولوكوست"، فإن التاريخ يخفي جانبًا آخر من علاقته باليهود ودوره غير المباشر في استعمارهم للأراضي الفلسطينية.

تمر اليوم الذكرى الـ86 على توقيع اتفاقية "هعفراه" التي أبرمت بين الوكالة اليهودية الصهيونية وألمانيا النازية في 25 أغسطس 1933. 

هذه الاتفاقية، التي كانت تهدف إلى تسهيل تهجير اليهود الألمان إلى فلسطين، كانت جزءًا من مخطط أكبر لتأمين هجرة اليهود إلى الأراضي العربية مقابل تنازلهم عن ممتلكاتهم لصالح الدولة الألمانية.

- اتفاقية "هعفراه".. هجرة يهودية إلى فلسطين بصفقة نازية

وقعت الاتفاقية في ظل تصاعد سيطرة النازية على الحكم في ألمانيا، مما وضع اليهود الألمان في موقف صعب، وأجبرهم على البحث عن مخرج آمن من الملاحقات النازية. 

نصت الاتفاقية على تهجير حوالي 50,000 يهودي إلى فلسطين، مع تصدير ممتلكاتهم إلى هناك على شكل بضائع ألمانية، مما ساهم في دعم الاقتصاد الألماني في تلك الفترة، وكنتيجة مباشرة لهذه الاتفاقية، تأسست شركة "هعفراه المحدودة" للإشراف على عمليات التهجير وتنفيذ بنود الاتفاقية.

- الفوائد المتبادلة والمكاسب الاقتصادية

أدت هذه الاتفاقية إلى هجرة نحو 53 ألف يهودي ألماني إلى فلسطين قبل عام 1939، وكانوا يمثلون نسبة كبيرة من المهاجرين اليهود إلى الأراضي الفلسطينية في تلك الفترة، حيث شكلوا 35% من الهجرة في عام 1937 و52% في عام 1939، ووفقًا لكتاب "علام يطلق اسم فلسطين؟" للكاتب آلان غريش، تمكن اليهود المهاجرون بموجب هذه الاتفاقية من نقل جزء من أموالهم، التي بلغت قيمتها 110 ملايين مارك، إلى فلسطين على هيئة بضائع ألمانية، مما وفر دعماً اقتصادياً للنظام النازي.

-اتفاقية "هعفراه" وتأسيس الدولة اليهودية

على الرغم من التناقض الظاهري في التعاون بين النازيين والصهاينة، إلا أن المؤرخين اليهود يعتبرون أن اتفاقية "هعفراه" كانت من العوامل المساعدة في تأسيس الدولة اليهودية لاحقاً.

 أفراهام بورغ، رئيس الكنيست الإسرائيلي السابق، أشار في كتابه "لقد انتهت المحرقة" إلى أن هذا التعاون مع النازيين ساعد في بناء قواعد الدولة اليهودية القادمة، والتي تأسست عام 1948، واستفادت لاحقاً من اتفاقية التعويضات الألمانية عام 1952 في بناء نفسها وامتصاص المهاجرين الجدد.

وفي النهاية، إن اتفاقية "هعفراه" تبقى أحد الجوانب التاريخية المثيرة للجدل في العلاقة بين اليهودية والصهيونية والنازية، ورغم أن الهولوكوست هو الحدث الأكثر تذكراً في هذا السياق، إلا أن هذه الاتفاقية تسلط الضوء على تعقيدات التاريخ ودور هتلر غير المباشر في تعزيز الهجرة اليهودية إلى فلسطين، مما أضاف فصلاً آخر إلى قصة تأسيس دولة إسرائيل.