في مثل هذا اليوم، 24 أغسطس 1954، أقدم رئيس دولة البرازيل، جيتوليو فارجاس، على الانتحار بسبب الضغوط السياسية المتزايدة، فارجاس، الذي تولى رئاسة البرازيل لفترات متعاقبة، يعتبر أحد الأطول حكماً في تاريخ البلاد بعد الإمبراطور بيدرو الثاني.
تولى فارجاس الرئاسة لأول مرة في عام 1930 خلال حكومة مؤقتة، ثم في عام 1934 عبر الانتخابات، تلتها فترة حكم استبدادية من 1937 إلى 1945، وأخيراً عبر الانتخابات الديمقراطية من عام 1951 حتى وفاته.
اشتهر بفترة حكمه الطويلة وإصلاحاته الاقتصادية والاجتماعية، حيث سعى لتحفيز الصناعة وتقليص الاعتماد على الاستيراد. وكان يُلقب بـ"أبوالفقراء" نظراً لاهتمامه بالرعاية الاجتماعية.
- ظاهرة الانتحار عبر العصور
ـ العصور القديمة:
تظهر الأدلة التاريخية أن ظاهرة الانتحار قديمة، حيث كتب المصريون القدماء رسائل توضح معاناتهم قبل الإقدام على الانتحار، محاولين جذب الانتباه إلى معاناتهم، وفي الأدب المصري، وصف مصطفى لطفي المنفلوطي الانتحار بأنه "عادة مُستهجنة"، مُديناً من يقدمون عليه مهما كانت الظروف الصعبة التي يمرون بها.
ـ القرن العشرون:
شهد القرن العشرون عدة حالات انتحار بارزة، مثل انتحار ناجي بك ربيع في 1949، الذي ترك رسالة توضح حزن فقدانه علاقة عاطفية، بالإضافة إلى انتحار محمد بك غريب في نفس العام نتيجة للخلافات الأسرية، وفي يونيو 1997، أثارت الكاتبة أروى صالح الجدل بعد انتحارها من الطابق العاشر، مقدمةً في كتابها "المُبتسَرون" فكرة الانتحار كوسيلة للتخلص من المعاناة الشخصية.
ـ الانتحار في العصر الحديث: الأرقام العالمية والتفسيرات
الإحصائيات العالمية
تشير البيانات إلى أن الانتحار هو قضية صحية عالمية هامة، حيث تتصدر الهند والصين والولايات المتحدة وروسيا قائمة الدول ذات أعلى معدلات الانتحار،حيث سجلت الهند أعلى معدل ب258 ألف حالة سنوياً، تليها الصين بـ120 ألف و730 حالة، ثم الولايات المتحدة بـ43 ألف و300 حالة، وروسيا بـ32 ألف حالة.
ـ ظاهرة الانتحار في الدول العربية:
في الدول العربية، تظهر معدلات الانتحار ارتفاعاً ملحوظاً في بعض البلدان، في مصر، تُسجل حوالي 3000 محاولة انتحار سنوياً، بينما يبرز السودان كأعلى معدل في المنطقة بـ17.2 حالة لكل 100 ألف شخص.
ـ الدول الأخرى:
- كوريا الجنوبية: تسجل أعلى معدل انتحار بين دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بـ29.1 حالة لكل 100 ألف شخص.
- اليابان: على الرغم من انخفاض عدد حالات الانتحار إلى أقل من 30 ألف حالة سنوياً، إلا أن المشكلة لا تزال ملحوظة، مع وجود ظاهرة "غابة الانتحار" قرب جبل فوجي.
- ليتوانيا: تُسجل أعلى نسبة حالات انتحار في أوروبا بـ30 لكل 100 ألف شخص.
- الأسباب والتفسيرات:
تختلف أسباب الانتحار من دولة لأخرى، لكن الأزمات الاقتصادية، الصراعات العائلية، والعوامل الاجتماعية تلعب دوراً مهماً في تزايد الحالات.
يُعتبر الانتحار في بعض الأحيان وسيلة احتجاجية ضد القيم الاجتماعية أو نتيجة لأزمات نفسية حادة.
وفي النهاية، الانتحار هو ظاهرة معقدة تتداخل فيها العوامل الفردية والاجتماعية والاقتصادية، رغم التقدم في الوعي الصحي والإجراءات الوقائية، تبقى الانتحار قضية تتطلب تدخلاً عاجلاً وعميقاً على جميع الأصعدة.