تحتفل أوكرانيا اليوم، 24 أغسطس، بمرور 33 عامًا على استقلالها عن الاتحاد السوفيتي. بعد انهياره في عام 1991، شهدت البلاد مسيرة طويلة من التحديات الاقتصادية والسياسية، ومع دخول الغزو الروسي عامه الثالث، تزداد التوترات في هذه الذكرى السنوية.
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي توعّد بالانتقام من روسيا، ووقّع قانونًا يحظر الكنيسة الأرثوذكسية المرتبطة بموسكو، وأقرّ الانضمام إلى المحكمة الجنائية الدولية، ما يقرب أوكرانيا أكثر من الاتحاد الأوروبي.
- قصة الاستقلال: من إعلان السيادة إلى التصويت الشعبي
بدأت خطوات استقلال أوكرانيا في 16 يوليو 1990، عندما اعتمد البرلمان الأوكراني إعلان سيادة الدولة، مؤسسًا مبدأ تقرير المصير للشعب الأوكراني، وضامنًا للاستقلال السياسي والاقتصادي، وكذلك لسيادة القانون الأوكراني، جاءت هذه الخطوة وسط تصاعد التوترات بين السلطات السوفيتية والجمهورية الجديدة.
في أغسطس 1991، حاولت مجموعة من المحافظين الشيوعيين في الاتحاد السوفيتي الانقلاب على ميخائيل غورباتشوف لاستعادة السلطة، لكن محاولتهم باءت بالفشل.
وفي 24 أغسطس 1991، اعتمد البرلمان الأوكراني قانون الاستقلال، ليعلن بذلك أوكرانيا دولة ديمقراطية مستقلة.
- استفتاء الاستقلال: صوت الشعب يحدد المصير
في الأول من ديسمبر 1991، نظمت أوكرانيا استفتاءً شعبيًا على الاستقلال، حيث صوت أكثر من 90% من الأوكرانيين لصالح الانفصال عن الاتحاد السوفيتي.
الاستفتاء، الذي نظمته الرادا العليا وحكومة جمهورية أوكرانيا الاشتراكية السوفيتية، كان محطة مفصلية في تأكيد رغبة الأوكرانيين في الاستقلال.
في ذات اليوم، أجريت أول انتخابات رئاسية في البلاد، والتي فاز بها ليونيد كرافتشوك بنسبة 61.59%، ليصبح بذلك أول رئيس لأوكرانيا المستقلة.
- أوكرانيا بعد الاستقلال: بين التحديات والانتقال إلى الديمقراطية
بعد الاستقلال، ورغم تمتع أوكرانيا بظروف اقتصادية أفضل مقارنة بجمهوريات الاتحاد السوفيتي الأخرى، شهدت البلاد تباطؤًا اقتصاديًا حادًا في فترة الركود، بين عامي 1991 و1999، خسرت أوكرانيا 60% من ناتجها المحلي الإجمالي، وعانت من تضخم مفرط، ما دفع المواطنين إلى التظاهر والإضراب احتجاجًا على الأوضاع الاقتصادية، فضلاً عن انتشار الجريمة والفساد.
ومع نهاية التسعينات، بدأ الاقتصاد الأوكراني في الاستقرار، حيث تم استحداث العملة الجديدة "هريفنا" في عام 1996. ومنذ عام 2000، شهدت أوكرانيا نموًا اقتصاديًا مطردًا بنسبة 7% سنويًا.
- زيلينسكي في ذكرى الاستقلال: تعهد بالانتقام وخطوات نحو أوروبا
في خطاب مسجل على الحدود الروسية، تعهد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بالرد على روسيا بمزيد من الهجمات الانتقامية، ووقع قانونًا يحظر الكنيسة الأرثوذكسية المرتبطة بروسيا، وهي خطوة مثيرة للجدل أثارت استنكار موسكو، التي وصفتها بأنها اضطهاد ديني.
كما وقّع زيلينسكي قانون تصديق بلاده على نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، مما يتيح لأوكرانيا الانضمام إلى المحكمة ويقرّبها خطوة إضافية نحو الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، وفي هذا السياق، أكدت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين أن أوكرانيا تتحرك بسرعة نحو الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، مشددة على أن أوروبا ستبقى دائمًا إلى جانب أوكرانيا في سعيها للحرية والأمان.
- التحرر من تأثير موسكو
منذ عام 2014، تسارعت جهود أوكرانيا للابتعاد عن الكنيسة الأرثوذكسية الروسية، وبلغت هذه الجهود ذروتها بعد الغزو الروسي في عام 2020.
وفي عام 2022، انفصلت الكنيسة الأرثوذكسية الأوكرانية عن بطريركية موسكو، لكن زيلينسكي قرر اتخاذ خطوة أكثر جرأة بحظر الكنيسة الروسية، ما أثار غضب موسكو ووصفها بالاضطهاد.
ختامًا، بينما تواصل أوكرانيا مسيرتها نحو تحقيق الاستقلال الكامل والانضمام إلى الأسرة الأوروبية، تواجه تحديات داخلية وخارجية، أبرزها الصراع المستمر مع روسيا، الذي ألقى بظلاله على ذكرى الاستقلال هذا العام.