بعد انتشار ظاهرة الرقص في حفلات التخرج.. الأعلى للجامعات يصدر قرارات حازمة لتنظيمها

السبت 24 اغسطس 2024 | 06:56 مساءً
حفلات التخرج من الجامعات - أرشيفية
حفلات التخرج من الجامعات - أرشيفية
كتب : عامر عبدالرحمن

 انتشرت مؤخرًا ظاهرة مثيرة للجدل داخل ساحات الجامعات المصرية وفي القاعات المنظمة لحفلات التخرج، حيث يقوم بعض الطلاب بالرقص على أنغام المهرجانات الشعبية أمام أعضاء هيئة التدريس، وهو ما أثار استياء الأهالي وعدد من الأكاديميين، الذين اعتبروا أن هذا التصرف يمثل انتهاكًا لقدسية الحرم الجامعي وقيمه.

- تصاعد الظاهرة

هذه الظاهرة ليست جديدة كليًا، فقد ظهرت منذ ما يقرب من عقد، عندما بدأ الطلاب في إقامة حفلات تخرج خارج الجامعات تتضمن سلوكيات غير لائقة تتعارض مع الدين والقيم والعادات، لكن في الماضي، كانت هذه الحفلات تُقام خارج أسوار الجامعة، مما جعلها بعيدة عن مسؤولية الإدارات الجامعية، إلا أن الأمور تغيرت مؤخرًا عندما انتقلت هذه الممارسات إلى داخل الجامعات نفسها.

في واحدة من الحوادث التي أثارت الجدل، قام طالب في إحدى الجامعات بالرقص على أغنية شعبية خلال حفل تخرج، وهو ما اعتبره الكثيرون تجاوزًا غير مقبول.

 وقد زاد من خطورة الموقف أن هذا التصرف حدث بحضور مجموعة من أعضاء هيئة التدريس الذين كانوا واقفين على المنصة منتظرين انتهاء الطالب من وصلته الراقصة لتسليمه شهادة التخرج. 

- آراء الخبراء

عبر عدد من الأكاديميين والخبراء عن قلقهم من هذه الظاهرة، وفي هذا الصدد أكد الدكتور محمد عبد الحميد، أستاذ التربية بجامعة القاهرة، أن "حفلات التخرج يجب أن تكون مناسبة للاحتفاء بالنجاح والتحصيل العلمي، وليس مناسبة للرقص والتصرفات التي قد تخرج عن إطار الأخلاق والاحترام المتبادل". 

وأضاف عبدالحميد، أن "المؤسسات التعليمية عليها مسؤولية تعزيز القيم الأخلاقية والسلوكيات المنضبطة لدى الطلاب".

من جهتها، أشارت الأستاذة فاطمة الشناوي، خبيرة علم الاجتماع، إلى أن "الضغط النفسي والتوتر الذي يعيشه الطلاب خلال سنوات الدراسة قد يدفعهم للبحث عن طرق للتعبير عن الفرح بحرية، ولكن يجب أن يتم ذلك ضمن حدود الأخلاق والقيم المجتمعية".

 وشددت الشناوي، على أن "دور الجامعات لا يقتصر على التعليم الأكاديمي فحسب، بل يمتد لتربية الأجيال وتوجيههم نحو السلوكيات الصحيحة".

ومن جانبه أعرب السيد أحمد جابر، أحد أولياء الأمور، عن غضبه قائلاً: "من غير المقبول أن تتحول حفلات التخرج إلى ساحات للرقص والاحتفال بطريقة لا تليق بمكانة الجامعة. هذا السلوك يعكس غياب الرقابة والتوجيه من قبل القائمين على تلك الاحتفالات".

- تحذيرات الأزهر

في ظل تصاعد الجدل حول هذه الظاهرة، وجه مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية رسالة تحذيرية للطلاب، داعيًا إياهم إلى الالتزام بالقيم الدينية والأخلاقية في احتفالاتهم. 

وأكد المركز على أهمية شكر الله والاعتراف بفضل الوالدين والأساتذة، مشددًا على أن الفرح بالنجاح يجب أن يتماشى مع تعاليم الدين الإسلامي والقيم المجتمعية.

وحث المركز الطلاب على أن يكون الاحتفال بالتخرج مناسبة للتعبير عن الشكر والامتنان بالقول والعمل، بدلاً من الانخراط في سلوكيات لا تليق بالمكانة العلمية والدينية.

 كما دعا الأزهر الطلاب إلى بدء حياتهم العملية بأعمال خيّرة كصدقة جارية أو نشر للسلام والصحة.

- ردود أفعال الجهات الرسمية

إلى جانب إجراءات المجلس الأعلى للجامعات، كانت هناك ردود فعل من عدة جهات رسمية أخرى.

وفي هذا الإطار عبر الدكتور عباس شومان، أمين عام هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف،  عن استيائه من هذه الظاهرة عبر صفحته على فيسبوك، واصفًا ارتداء بعض أعضاء هيئة التدريس الأرواب الأكاديمية خلال حفلات التخرج الراقصة بأنها إهانة للجامعات ولمنتسبيها. 

وأكد شومان، أن هذه التصرفات يجب أن تُحاسب بصرامة لحماية قدسية المؤسسات التعليمية.

من جهته، أعلن الدكتور عادل عبد الغفار، المستشار الإعلامي والمتحدث الرسمي باسم وزارة التعليم العالي، أن الوزارة ستتخذ إجراءات صارمة لمراقبة الالتزام بالضوابط الجديدة التي تم اعتمادها. 

وشدد على أن أي خرق لهذه الضوابط سيواجه بتدابير عقابية رادعة، بهدف الحفاظ على القيم الجامعية الأصيلة.

- الإجراءات الجديدة

وفي خطوة لاحتواء هذه الظاهرة، أعلن المجلس الأعلى للجامعات عن اعتماد ضوابط جديدة لتنظيم حفلات التخرج داخل الجامعات المصرية، وفقًا لهذه الضوابط، يحظر على أعضاء هيئة التدريس والهيئة المعاونة والإداريين حضور حفلات التخرج التي تقام خارج الحرم الجامعي، كما يمنع استخدام اسم أو شعار الجامعة في أي فعالية تقام خارج المنشآت الجامعية.

ويتم تشكيل لجان مختصة للإشراف على تنظيم الفعاليات الطلابية، بما يضمن الالتزام بالقيم والتقاليد الجامعية، ويجب على الجامعات تحديد مواعيد الفعاليات ضمن خطط الأنشطة السنوية، مع اعتماد هذه الخطط من المجالس المعنية لضمان التنظيم السليم.

- المجتمع المدني ودوره

إلى جانب الجهات الرسمية، يُبرز دور المجتمع المدني في التصدي لهذه الظاهرة، بعض المؤسسات المعنية بالشأن الاجتماعي والتربوي دعت إلى تعزيز الوعي لدى الشباب حول أهمية احترام القيم الجامعية. 

كما أطلقت حملات توعوية تستهدف الطلاب وأولياء الأمور، بهدف تشجيعهم على الاحتفال بطرق تحترم تقاليد المجتمع وتعاليم الدين.

ختاماً، ظاهرة الرقص في حفلات التخرج داخل الجامعات تمثل تحديًا للقيم والتقاليد الجامعية المصرية، ورغم أن الضغوط النفسية والاجتماعية قد تكون سببًا وراء هذه الممارسات، إلا أن ذلك لا يبررها. 

من الضروري أن تعمل الجامعات، بالتعاون مع الجهات الدينية والمجتمعية، على توجيه الطلاب نحو طرق احتفال تتماشى مع القيم الأخلاقية التي يجب أن تكون جزءًا لا يتجزأ من العملية التعليمية.

إن الحفاظ على قدسية الجامعات كمؤسسات علمية وتربوية يتطلب جهودًا مشتركة من الجميع، بدءًا من الإدارة الجامعية وأعضاء هيئة التدريس، مرورًا بأولياء الأمور، وانتهاءً بالطلاب أنفسهم، فقط من خلال التكاتف والعمل الجاد يمكن مواجهة هذه الظاهرة وضمان استمرار الجامعات كمراكز للعلم والاحترام المتبادل.

اقرأ أيضا